أن يرفض شخصا ما الوقوف دقيقة حدادا علي أي من الموتي احتراما للموت نفسه أو للميت فهذا حقه. أما ان "يفتي" بأن هذا هو موقف الدين الإسلامي فهذا ليس من حقه وان يؤسس موقفه الذي يزعم انه موقف الدين ذاته علي انه ليس هناك نص يبيح ذلك فهذا ليس من حقه أيضا. أولا لأن هناك نصوصا تؤكد احترام الموت ذاته كالحديث الذي رواه سيدنا مسلم برقم 2222 في صحيحه "عن سيدنا جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: مرت جنازة فقام لها رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلي آله وصحبه وتابعيه وسلم وقمنا معه فقلنا يا رسول الله "صلي الله عليه وسلم" إنها يهودية فقال "صلي الله عليه وسلم": "إن الموت فزع فإذا رأيتم الجنازة فقوموا" أليس في هذا احترام للموت ذاته وهناك نصوص تؤكد احترام الميت نفسه بغض النظر عن دينه كالحديث الذي رواه سيدنا مسلم أيضا في صحيحه برقم 2225 عن ابن أبي ليلي ان قيس بن سعد وسهل بن حذيف رضي الله عنهما كانا بالقادسية فمرت بهما جنازة فقاما فقيل لهما: إنها من أهل الأرض -أي ليست مسلمة- فقالا: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام فقيل له: إنه يهودي فقال صلي الله عليه وسلم: أليست نفسا؟! أليس في هذا احترام للميت أياً كان دينه. والأهم من ذلك أن القرآن الكريم نص علي ان الله تعالي لا ينهانا عن أي قول أو فعل فيه "بر أو قسط" بمن لم يقاتلونا في الدين ولم يخرجونا من ديارنا كما هو منطوق الآية الكريمة رقم "8 من سورة الممتحنة" ونصها "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" ولا شك ان احترام موت كبير لإخواننا الأقباط الذين أوصانا بهم رسول الله صلي الله عليه وسلم وإظهار ذلك فيه بر بهم وقسط إليهم وهي مصلحة معتبرة في الشرع الكريم. وبفرض انه ليس هناك أية نصوص تحضنا علي ذلك وليس فقط تبيح لنا ذلك فالقاعدة التي يتفق عليها جمهور فقهاء المسلمين وعامتهم من غير تلك الفرقة التي ينتمي إليها الشخص المشار إليه مع احترامنا له ولرأيه الشخصي ان الأصل في الأحكام الإباحة لأن عدم وجود نص يحرم فهو بلغة الأصوليين عدم دليل وليس دليل كما يزعم صاحبنا الذي يري ان رأيه الشخصي ورأي شيوخه هو رأي الدين وكأن ذلك هو الرأي الوحيد في الفقه الإسلامي وليس الرأي المرجوح باعتباره رأي قلة من الفقهاء أياً كان علمهم وفقههم ومكانتهم لدي الشخص المقصود ولدينا كذلك فما بالكم والنصوص تبيح ذلك بل وتحض عليه؟! العزاء كل العزاء لإخواننا الأقباط ولأتباع الكنيسة المصرية في كل مكان في فقيدهم وفقيدنا العظيم البابا شنودة الثالث وبالمناسبة أو في الإشارة إلي ان كلمة "تعظيم" هي الكلمة ذاتها التي استخدمها رسول الله صلي الله عليه وسلم في خطابه للمقوقس حيث صدره بقوله صلي الله عليه وسلم: من محمد عبدالله ورسوله -صلي الله عليه وسلم وعلي آله وصحبه وتابعيه- إلي المقوقس "عظيم" القبط.. اللهم اهدنا واهد أمة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم لصحيح الدين وليس لما نفهم أو يفهم البعض من الدين.. آمين.