صدقت "الجارديان" الإنجليزية فيما ذهبت إليه ان مصر تحتاج في وقتها هذا الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ليقودها في تلك المرحلة الحرجة من تاريخها.. فهو القادر ان يلتف الشعب حوله ويحقق أحلامه وآماله وهي تقول ذلك رغم الكراهية الشديدة التي كانت تحملها له الأمة الانجليزية.. ولكنه بأي حال كان الزعيم الكاريزما وأيقونة زعماء العالم علي مر العصور. اتفق مع الجريدة في قولتها. فمصر بالفعل تحتاج رئيساً في حجم شخصيته وزعامته ومحبة الشعب له.. رئيساً في حجمها وثقلها وتاريخها. ولكن من هو الذي ستبوح له بسرها وتمنحه شرف قيادها في تلك اللحظة الراهنة من حياتها. وهي أصعب ما مرت به في تاريخها. ومن ذا الذي يستطيع ان يتحمل أعباءها ويخرج بها من عنق الزجاجة..؟! دأبت الصحف وكتَّابها علي اختلاف ميولهم واتجاهاتهم منذ بدء الترشح لمنصب رئيس الجمهورية علي السخرية من بعض المرشحين من الفقراء والمهمشين - مع اعترافهم بالحق الدستوري لهؤلاء في الترشيح - ونالت منهم بحجة أنهم لا يصلحون لهذا المنصب أو بترشحهم صار المنصب هزيلاً وحقيراً.. وسايرهم في ذلك المرشحون من النخب السياسية والدبلوماسية الذين يتشدقون بأهداف ثورة يناير وانها من أوليات أعمالهم التي يجب البدء في تحقيقها ويأتي علي رأسها "العدالة" ولكن عندما سنحت أول فرصة للشعب ان يحققها أنكروها عليه وبدأوا ينظرون إليه من علي ويحقرون من شأنه.. ولكن يكفي هؤلاء المهمشون أنهم ذهبوا بمفردهم ليسحبوا أوراق الترشيح بدون أي زفة إعلامية. وبدون أي قوة تحميهم سوي ايمانهم بالله وبأنفسهم.. وهم يعلمون انهم لن يكملوا الماراثون وسيخرجون منه حتي من قبل بدء الجولة الأولي وهم يفعلون ذلك للدعاية الإعلامية ليس إلا.. فهو "ترشيح يفوت ولا حد يموت" والسباق الرئاسي لا طاقة لهم به. علي الأقل من الناحية المادية فليس في مقدور أي منهم ان يدفع 100 جنيه أو أكثر ل 30000 توكيل.. ناهيك عن الدعاية بعد قبول الترشيح.. وعلي حد علمي انه حتي الآن لم يحصل أي مرشح من الفطاحل علي النسبة المقررة من التوكيلات سواء من أعضاء مجلس الشعب أو المواطنين. ان من يرون ان الفقراء ليس لهم الحق في قيادة الأمم نقول لهم ان أعظم القادة كانوا فقراء ويأتي علي رأسهم سيدنا محمد الذي دانت له الدنيا ومن بعده الفاروق عمر ثم علي بن أبي طالب وعمر بن عبدالعزيز. وغيرهم.. ومن ينسي ان آخر ثلاثة رؤساء حكموا مصر كانوا من أفقر بيوتها لولا أنهم خرجوا من بين صفوف الجيش.. فلم يولد أي منهم وفي فمه ملعقة من الذهب ولا أحد منهم كان يجري بعروقه الدم الأزرق.. فالمناصب هي التي تصنع الرجال وليس العكس. إن معركة المرشحين الحقيقية هي ايجاد آليات لتحقيق برامجهم وأفكارهم لمساعدة الناس وايجاد حلول عملية وواقعية لما تعانيه مصر من مشكلات اقتصادية وأمنية وتعليمية وصحية وغيرها.. وان يسخِّروا كل ما لديهم من طاقة لنهضتها وتقدمها ورخائها.. ولا يبددوها فيمن ترشح وفيمن لم يترشح..!!