مشكلة من يحكمون هذه البلد ويتحكمون في أهاليها أنهم - وبحكم أعمارهم طبعاً - لا يدركون أن مياهاً كثيرة جرت في النهر.. وأن شباباً مبدعاً ظهر مؤخراً علي الساحة يتحدث بلغة جديدة لا يعرفها السادة الذين ينتمون إلي العصور البائدة. ويعيش بطريقة مختلفة تناسب عصره. وتعبر عن رؤيته للعالم وموقفه منه. مشكلة من يحكمون هذه البلد ويتحكمون في أهاليها أنهم - بحكم أدمغتهم وأعمارهم كذلك - ينظرون إلي الشباب الجدير. الذي من حقه أن يتمرد ويعبر عن نفسه بالطريقة التي تعجبه. علي أنه شباب تافه. فارغ العقل والقيمة. مع إن هؤلاء الشباب الجدد الرائعين هم الذين فجروا أعظم ثورة في تاريخ مصر. بشهادة العالم أجمع.. وهم الذين ضحوا بأرواحهم وأجسادهم في سبيل هذه الثورة التي تسرق الآن عيني عينك من الأدعياء والمنافقين والكذابين والمتواطئين وأتباع النظام الفاسد. لم يتعلم أحد الدرس.. ويبدو أن أحداً لن يتعلم وأن أحداً لم يدرك بعد وربما لن يدرك أبداً أن ثورة قامت وأن نغمة جديدة ومختلفة وطازجة قد انطلقت لتقضي علي ما سواها من نغمات عفنة ومترهلة أصابت الآذان بالصم. ما الذي يضيرنا إذا نحن اتحنا الفرصة للشباب ليعبر عن نفسه بطريقته الخاصة.. وما الذي يدفع السيد اللواء أحمد أنيس وزير الإعلام إلي قيامه بمنع واحدة من أجمل وأروع الأغاني التي يقدمها الشباب الآن وهي أغنية "مطلوب زعيم" لفرقة "كايروكي"؟! اتصل السيد اللواء وزير الإعلام برئيس الإذاعة وأمره بمنع إذاعة الأغنية وطالبه بالتحقيق في الأمر. ورئيس الإذاعة بدوره قرر إيقاف نجلاء علام رئيس إذاعة الأغاني عن العمل وتحويلها للتحقيق بسبب إذاعتها هذه الأغنية. هذا ما تناقلته المواقع الإلكترونية والمحطات الفضائية.. ولا أدري هل الواقعة صحيحة أم أنها مجرد شائعة؟ لو كان الخبر صحيحاً تكون كارثة.. كيف يمنع وزير الإعلام أغنية ليس فيها من شيء سوي تقديم مواصفات - أحسبها رائعة ومهمة - لرئيس مصر القادم.. أغنية مكتوبة بشكل غير تقليدي.. وغير ملتزمة بأي شيء من التقاليد البالية.. مكتوبة ببساطة وصدق شديدين - أقرأها منشورة علي هذه الصفحة - ما الذي فيها يعيب أو يجرح مشاعر السيد اللواء وزير الإعلام؟ قالوا إن كلمة "مطلوب دكر" هي التي أغضبت السيد الوزير ورأي أنها غير لائقة.. وأنا أول مرة أعرف أن كلمة "دكر" التي ذكرت ملايين المرات في الأفلام والمسلسلات وفي أحاديثنا اليومية كلمة عيب أو فيها خدش للحياء. ربما يكون وزير الإعلام معترضاً علي المواصفات التي اشترطتها الأغنية في رئيس مصر القادم. فهي تطلبه عادلاً مثل الفاروق عمر. حامياً للحقوق. يحنو علي الفقير. لا يعيش في القصور. ويعيش كواحد من أفراد شعبه. ويكون أميناً علي المسئولية. جريئاً وشجاعاً. يستطيع الشعب أن يحاسبه بالقانون ويعزله إذا خان الأمانة. كل هذه المواصفات بالطبع وغيرها مما جاء في الأغنية لم تتوفر في الرئيس المخلوع.. وربما ذلك ما أغضبت وزير الإعلام واعتبره سباً في حق السيد حسني مبارك.. أو علي أقل تقدير اعتبرها تحذيراً للشعب من انتخاب واحد علي شاكلة مبارك.. وهو ما دفعه لمنعها.. فيبدو أن "مبارك" آخر يراد له أن يركبنا من جديد.. لك الله يا مصر.