أحياناً يكون الصمت أبلغ من الكلام.. وصمت الشعب المصري في مواجهة دعوة التخريب والامتناع عن العمل وإصراره علي أن يرد عملياً علي هذه الدعوة بمزيد من الإنتاج دليل عظمة هذا الشعب واستخفافه بالفقاعات والتفاهات التي نفاجأ بها بين الحين والآخر والتي تنطلق باسم مدعي الثورة. شعب مصر بفلاحيه في القري وعماله في المصانع والمتاجر وموظفيه في جميع قطاعات الدولة يملك من الحس الوطني الأصيل ما يحصنه ضد الصرخات الانفعالية التي تنطلق من هنا وهناك غبر مبالية بما يمكن أن يترتب عليها من آثار مدمرة لوطن كلنا نرجو أن ينهض من كبوته ويواصل إعادة بناء مؤسساته من جديد. شعب مصر بفطرته السليمة وتاريخه الحضاري يستطيع - رغم نسبة الأمية العالية فيه - أن يميز بين الطيب والخبيث. وبين الغث والسمين ويفرق بين من يريدون به خيراً ومن يريدون به شراً حتي ولو تخفي الآخرون تحت دعوات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب. الآن.. فليصمت دعاة الفتنة.. وليصمت دعاة الفوضي.. وليخرس الإعلام الذي يعيش وينمو ويترعرع علي دعوات الإثارة وليعلموا جميعاً أن الشعب أذكي من حيلهم.. وأن الشعب الذي حمي ثورة الشباب مع الجيش لن ينساق وراء أهوائهم. نريد أن يهدأ الجميع وينصرفوا إلي العمل.. نريد أن نستكمل بناء النظام الديمقراطي بالانتهاء من انتخابات مجلس الشوري. وانتخابات الرئاسة.. ووضع الدستور الدائم الذي يرسم طريق المستقبل لهذا الشعب. نريد أن نحافظ علي الحرية التي انتزعتها الثورة وأن تكون حرية خلاقة تنبذ الفوضي والانفلات.. نريد أن يعود الأمن لكل فرد وكل بيت وكل شارع.. فلا أمل في بناء مستقبل آمن لهذا الشعب بدون أمن يجعلنا ننظلق إلي حياة أفضل. نحن نعاني من مشكلات حادة في كل جوانب حياتنا ولن نقضي علي هذه المشكلات أو حتي نخفف من حدتها إلا بالعمل والأمن والاستقرار وأن نثق في بعضنا البعض.. ولا نزايد علي بعضنا البعض ونضع أهداف الثورة أمام أعيننا ولا نغفل عنها لحظة واحدة.. حرية مسئولة.. وعدالة اجتماعية.. وديمقراطية كاملة.. ومحاسبة من أفسدوا حياتنا علي مدي ثلاثين عاما بالقانون.. والقانون وحده.. وتكريم شهدائنا والقصاص لهم. نريد أن تتكامل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية مع الحفاظ علي الفصل بينها تماما ولا تطغي أو تتعدي إحداها علي الأخري فهذه هي الضمانة الأكيدة لبناء الجمهورية الثانية لمصر. طلابنا النجباء أبناء الجامعات.. نرجو أن يكونوا علي مستوي المسئولية.. إنهم مستقبل مصر.. والأمل الذي ننشده لإعادة بنائها بناء حديثاً.. إنهم أكثر وعياً بالحفاظ علي أمن وطنهم وأكثر وعيا من أن يخدعهم المخادعون. نريد أن يخلو ميدان التحرير من المرابطين فيه والذين يثيرون الفوضي باسم الثورة.. نريد أن تزول المتاريس حول وزارة الداخلية ومجلسي الوزراء والشعب.. وتفتح المحلات المغلقة أبوابها ويسعي الناس علي رزقهم. نريد أن يبقي ميدان التحرير عرينا للثورة والثوار إذا انقلب البعض علي هذه الثورة.. فهي ملك للجميع لا لفئة دون أخري ولا لفصيل دون آخر.. نحن جميعا شاركنا فيها بطريقة أخري.. وهي أمانة نرعاها بكل ما أوتينا من قوة. حفظ الله مصر.. وألَّف بين قلوب أبنائها.