انزوت من بين أناملي مقابض الكلمات ووجدتني عاجزا عن أن أطوع الحروف وأروضها في أن تعبر عما يجيش في صدري من مشاعر وأحاسيس وأنا أعيش نفحات الشهر الفضيل الذي انتشرت أشعة كرمه وجوده لتغلف كل المناحي بغلافه من تقوي مخضبة بأطياف العزة والكرامة التي أعادتها إلينا الثورات التي فتقتها حناجر شعوبنا في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا.. هذه الحناجر التي عاشت كثيرا بلا حناجر وكانت الألسنة عاجزة في أن تنطق بغير نفاق لحاكم موتور تقمصته روح الديكتاتور فراح يسلب وينهب ويقتل ويسجن دون وازع من ضمير أومراقبة لرب قدير.. وخيل له غيه أن عدالة السماء لن تطوله.. فنسي أن الله يمهل ولا يهمل وأن العدالة مهما غابت لابد أن تشرق شمسها وتسطع.. وأشعتها تنيط ظلمات الظلم.. ولعل أبلغ دليل علي ذلك ما يعيشه الرئيس المصري المخلوع هذه الأيام.. إنه في موقف لا يحسد عليه.. وهو صاغر لا حول له ولا قوة.. لقد تخلي عنه أعوانه الذين صوروا له علي مدار ثلاثة عقود أنه المعصوم الذي يأمر ولا يؤمر.. أصبح ضعيفا واهنا ولا شماتة.. فأخلاقنا وديننا يمنعانا من التشفي فيمن لا يملك لنفسه شيئا حتي لو كان ظالما جائرا..!! إن الموقف الذي يعيشه مبارك الآن درس تاريخي لمن يريد أن يكون حاكما.. فعلي من له عقل أن يعلم أن الشعوب مهما استكانت وهانت سيأتي اليوم الذي تهب فيه.. وهبوبها سيكون إعصارا يقتلع الظلم من جذوره وهو ما حدث مع الرئيس المخلوع مبارك ومن قبله زين العابدين بن علي ديكتاتور تونس الخضراء وسيحدث في سوريا وليبيا واليمن لا محالة دون النظر لرأي من يقولون إن هذه الثورات هي تنفيذ لمخططات خارجية تريد تغيير خريطة العالم العربي لأغراض استعمارية وإن سلمنا بحقيقة ذلك جدلا فإن هؤلاء الطغاة من الحكام هم الذين ساعدوا علي تنفيذ هذه المخططات.. ولو كانوا يتحلون بمثقاله من عدل ما هبت الشعوب هبوب الأعاصير.. إن ما يحدث نتائج عدل مفقود وعزة موشومة بالقهر والاستبداد والإذلال ودروس مستفادة لمن كان له عقل وضمير. إن أكثر الناس تفاؤلا لم يكن يحلم.. مجرد الحلم بأن يري مبارك وأزلام نظامه في موقف المتهمين الأذلاء الضعفاء المنكسة رؤسهم المثقلة أكتافهم بما اقترفوه من آثام وجرائم في حق هذا الشعب.. لكن الحلم أصبح حقيقة.. وها هو الرئيس المخلوع يسبق اسمه لقب "المتهم" لقب لم يكن يتصور أن يناله يوما وهو صاحب الضربة الجوية الأولي وصانع نهضة مصر الحديثة وراعي التنمية والعلم والعلماء كما كان يتحدث ويتشدق به المنافقون من صناع ديكتاتوريته. لقد عاد الحصان إلي وضعه الطبيعي أمام العربة بعد أن كانت العربة أمام الحصان لعقود.. وعاد العدل يسود والعزة تستعيد هيبتها.. رغم أننا في انتظار المزيد من العدل فكثير من الأوكار مازالت تسكنها الأفاعي وتحتاج لثورات.. وثورات لتخترق الحصون التي نسجتها من وهم وتخيلت معه أنها عن التطهير بمنأي.. وأري أن تطبيق قانون الغدر سيكون له أثر بالغ في اختراق هذه الأوكار ويطيح بالمفسدين الفاسدين وإنا لمنتظرون. همسة لقد أسمعت لوناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي