كان محمود خليل وزوجته الفرنسية الأصل من هواة شراء التحف الفنية الثمينة. خاصة لوحات الرسامين وتماثيل النحاتين الفرنسيين إلي جانب روائع الخزف والتحف الصينية.. قد جعلا من قصرهما المطل علي النيل بالجيزة متحفاً نادر المثال. كان اسمه الكامل هو محمد محمود خليل بك. وكان من رجال السياسة الدارسين طوال الربع الثاني من القرن العشرين. لقد كان وزيرا للزراعة. وعضوا في مجلس الشوري. ثم انتخب رئيسا للمجلس ثلاث دورات متتالية.. لكنه قبل وفاته أهدي القصر. ومجموعة التحف النحاسية إلي زوجته "إميليه". وهي التي أهدتهما للدولة بعد وفاتها. وأوصت أن يقام بها متحف تحت اسم "محمد محمود خليل وزوجته". وصدر عام 1962 كتالوج غير ملون للمتحف "دليل". وأعيد طبعه عام 1968. ولم يصدر كتالوج آخر له بعد ذلك التاريخ سوي إعادة طبع الكتاب الذي ألفه الفنان الراحل محمد صدقي الخناخنجي عن المتحف ومحمود خليل من ذاكرته مستخدما ما لديه من صور للوحات المتحف وتحفه. في عام 1993 طلب الفنان الدكتور أحمد نوار من عدد من الخبراء وضع توثيق لمحتويات المتحف قبل إعادتها من قصر عمرو إبراهيم بالزمالك إلي مقر المتحف بالجيزة بعد تجديد القصر وتطويره. وقام الدكتور صبحي الشاروني مع الدكتور مينا صاروفيم علي توفيق وتوصيف وتسجيل لوحات الرسم الملون والتماثيل التي يضمها المتحف. وقام خبراء آخرون بتوثيق مجموعات الخزف والتحف الصينية وفنون الشرق الأقصي.. وتم تسليم هذا المخطوط باللغة العربية عام 1995 لقطاع الفنون الجميلة بوزارة الثقافة لطبعه قبل موعد افتتاح المتحف بعد تجديده بوقت كاف. لكن الكتالوج لم يطبع قبل افتتاح المتحف. وصدر عوضا عنه كتاب ذكريات وأفكار عن الرجل والمتحف بأقلام أدباء بدلاً من الكتالوج المطلوب. وبقي المتحف بغير كتالوج يعرف الزوار باسماء الفنانين العظماء الذين لا توجد لهم أعمال بمنطقة الشرق الأوسط خارج هذا المتحف. وترجع أهمية وعظمة لوحات هذا المتحف وقيمتها العالمية إلي أنها تنتسب لفنانين عظماء قادوا حركة الفنون الجميلة في أوروبا خصوصا في فرنسا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر ولتأكيد هذه القيمة نعرف أن أول لوحة اقتناها محمود خليل عام 1904 تحت إلحاح زوجته هي لوحة الرسام رينوار "ذات رابطة العنق من التل الأبيض".. بمبلغ 400 جنيه. وعندما قمنا كلجنة لتقدير ثمنها عام 1994 لتحديد مبلغ التأمين عليها قبل سفرها للعرض بمتحف "أورسي" بباريس. كان الثمن المقدر لهذه اللوحة 40 مليون دولار أمريكي. من هذا يتضح صدق وصفها بأنها أعمال ثمينة ومدي إقبال المتاحف في أوروبا علي تقديرها. فهي تنتسب إلي فنانين عظماء. قادوا حركة الفنون الجميلة في أوروبا خصوصاً في فرنسا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر.. في تلك الفترة شهدت الحركة الفنية ميلاد واتجاهات ومدارس فنية كانت تعتبر في ذلك الحين ثورة علي التقاليد الفنية السائدة أمثال فان جوخ صاحب لوحة أزهار الخشخاش. التي سرقت من المتحف في العام الماضي. ومن بين هؤلاء المشاهير "أدجار دبجا" و"نولوز لوتريك" وغيرهم. الكتاب الجديد الصادر عن الدار المصرية لروائع من هذا المتحف الثمين يمثل إضافة هامة للمكتبة العربية وللسائح الأجنبي فهو باللغتين العربية والإنجليزية. كما يقدم درساً وافياً لطلاب الفنون الجميلة الذين يهمهم التعرف علي قادة المذاهب الفنية الأوروبية.