بالرغم من ان دار الاوبرا منذ سنوات طويلة تحتفل بليلة رأس السنة علي المسرح الكبير من خلال أوركسترا القاهرة السيمفوني إلا ان حفل هذا العام له أهمية خاصة حيث انه أول احتفال بعد ثورة يناير كما انه يقوده المايسترو نادر عباسي الذي ترك منصبه في الاوبرا ضمن مسلسل ضرب الكفاءات الذي حدث بعد الثورة في استغلال وضيع لها من بقايا الفساد كما انه الحفل الاول بعد تولي د. إيناس عبدالدايم مسئوليات رئيس الاوبرا والتي من خلال منصبها السابق كمدير للسيمفوني أعادت لهذه الكفاءات اعتبارها حيث اسندت احتفال الكريسماس للمايسترو الصعيدي الذي تمت محاربته حتي لايتولي منصب القائد الاساسي بالاضافة لهذا الحفل للعباسي والحفلان سجلا نجاحا فنيا وجماهيريا كان ابلغ رد عملي علي محاربي الكفاءات. تقليد عالمي حفل رأس السنة من التقاليد العالمية التي نقلها إلينا المايسترو الصعيدي في أوائل التسعينيات حينما كان يتولي مسئولية السيمفوني واصبحت تقليدا سنويا للفريق يقدمه بنفس البرامج الاوروبية وهذه الحفلات في اوربا وامريكا تقدم علي مدي الاسبوع الاول من يناير في المدن المختلفة ومن أشهرها الحفل الذي يقيمه أوركسترا فيينا الفلهارموني صباح أول يناير من كل عام وينقل علي الهواء مباشرة في تليفزيون أكثر من 50 دولة ويقوده في كل مرة قائد من المشهود لهم بالكفاءة علي المستوي العالمي ونظرا للإقبال علي هذا الحفل يتم الحجز له عقب الانتهاء منه وعن طريق القرعة أي قبل عام كامل وبرنامج هذه الحفلات تمثل تقليدا راسخا ويقدم فيها مؤلفات عائلة شتراوس التي ظهرت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وهي موسيقي راقصة في صيغة. الفالس والبولكا والمارشات كما يتم أيضا في هذه الحفلات اداء أغان مرحة من الاوبريتات التي ظهرت في هذه الحقبة المهم ان يكون الحفل معبرا عن الفرح بقدوم العام الجديد. المايسترو نادر عباسي والذي قابله الجمهور بترحاب كبير في هذه الليلة ابتدع تقليدا جديدا لا أدري عن تعمد أم أراد ان يقدم نفسه بأعمال جديدة علي الساحة الموسيقية وايضا بأعمال جادة بعض الشيء توضح مقدرته في القيادة وذلك لابتعاده عن الساحة منذ العام الماضي المهم ان الحفل لم يحمل من لمحات الحفل التقليدي لرأس السنة إلا القليل لدرجة ان إحدي المتفرجات ذهبت إليه وطلبت ان يؤدي مارش "نيترازكي" الذي ايضا رفض الجمهور خاصة الاجانب مغادرة القاعة إلا بعد سماعه لأن أيضاً أدائه في الختام من تقاليد هذه الحفلات ويبدو ان المايسترو نادر توقع هذا وادخره ليكون هدية للجمهور. الحفل كما شاهدته يمثل نموذجا جيدا لحفل منوعات تقليدي "جالا كونسرت" وليس حفل رأس السنة حيث تضمن برنامجه 16 مقطوعة منها 6 أغنيات شدت بهم السبرانو الكورية "وال-ران- سيو" والتي كانت وراء احتشاد القاعة بالكوريين والتي أيضا تمتلك صوتا جميلا وأداء صوتياً وتمثيلياً جيداً في حدود ما شاهدناه حيث أدت آرية "ملكة الليل" من أوبرا "الناي السحري" لموتسارت ومن أعمال بوتشيني أدت وأغنية "وداعا حبي العذب" من أوبرا "إدجار" وآرية "عندما ارحل" من أوبرا لابوهيم وآرية "سوف نري يوما جميلا" من أوبرا "مدام بترفلاي" وشدت "اريد ان أحيا" من أوبرا "روميو وجوليت" لشارل جونو وومن اعمال شتراوس الابن ادت اغنية "سيدي الماركيز" من أوبريت "الوطواط" هذه الاعمال بعضها من ريبرتوار فرقتنا القومية وتعد أغاني درامية اما المقطوعات الموسيقية فبعضها افتتاحيات للاعمال التي أدت السبرانو بعض اغنياتها كما قدم لنا رقصات سلافية لدفور جاك وفالس الزهور لتشايكو فسكي ورقصة الكوميديان من أوبرا "العروس المبدولة" لسميتاناوالفالس رقم 1 من متتالية "ماسكاريد" لخاتشوتوريان ومن عائلة شتراوس أدي ثلاثة أعمال للإبن منها كما سبق ان ذكرنا افتتاحية أوبريت الوطواط والبولكا السريعة وفالس الدانوب الازرق اما الختام الذي اعده فكان الافتتاحية الاحتفالية لمؤلف القرن العشرين شوستاكوفيتش والتي لا أري مبررا لعزفها في هذه الليلة إلا لو كان يقصد ربطها بالثورة فهي تم عزفها بعد وفاة ستالين في رمزية للتخلص من الطاغية وربما يمثل بها اسقاط عندنا أيضا وتعد من المؤلفات الثرية من حيث الآلات الكثيرة وبالتحديد آلات النفخ كما ان بها توزيع موسيقي براق.. وبشكل عام ورغم ان البرنامج لايمثل البرامج التقليدية الخاصة بهذه المناسبة إلا انه يعد متعة لمتذوقي الموسيقي واعطي فرصة لإظهار مهارة عدد من العازفين المنفردين مثل عازفة الهارب ومجموعات النفخ والكونترباص والوتريات أما الختام الذي جاء بناء علي طلب الجمهور "مارش رايتزكي" لشتراوس الأب "1804- 1849" والذي يعد من التقاليد العالمية الراسخة لهذا الحفل السنوي فكان خير ختام حيث يصفق كل الجمهور علي نغمات وإيقاعات الموسيقي ويستدير المايسترو ليقوده وفي الجزء الاخير يعزف العازفون وهم واقفون ويقف معهم الجمهور يصفق في جو بديع ومرح ليكون خير ختام لعام مليء بالاحداث.. واخيرا بما أن المايسترو نادر عباسي لم يلتزم بتقديم البرنامج التقليدي لهذه الليلة كنا نتمني ان ينتهزها فرصة ليقدم لنا إحدي المؤلفات المصرية له أو لغيره من المؤلفين المصريين وهنا سوف يكون الخروج علي التقاليد له مبرراته وفائدته.