من نسي التوربيني.. سفاح الأطفال وزعيم عصابة قتل أطفال الشوارع بعد اغتصابهم حتي وصل ضحاياه إلي 32 طفلا من مختلف محافظات الجمهورية.. بين التوربيني وتدمير المجمع العلمي تبرز مشكلة أطفال الشوارع الذين هم في الحادثين ضحايا ومجني عليهم بل ومتهمون. حادث حرق المجمع العلمي كشف أن أطفال الشوارع تم تأجيرهم بالمال وتحريكهم من أجل الحرق والتدمير واشاعة الفوضي ولما لا فهم أطفال يعيشون حياة الضياع انتزعت منهم الانسانية وكافة القيم الدينية والدنيوية واختصروا اهتماماتهم في المال الذي يضمنون به لقمة العيش والجنس الذي فرضه عليهم قانون الشارع والادمان لينسوا ما هم فيه ويتم تغييبهم حتي لا يشعروا اذا ما تعرضوا للضرب والاذي. وفي محاولة لجمع اللبن المسكوب بادر العديد من الهيئات الحكومية والمؤسسات العاملة في مجال الطفولة بطرح المبادرات والاقتراحات لتقليل خطورتهم وتجنيب المجتمع شرورهم وشراستهم فقررت محافظة القاهرة انشاء مجمع كبير لهم بمدينة السلام علي مساحة شاسعة لاستيعاب أكبر عدد منهم فيما أبدت وزارة الشئون الاجتماعية استعدادها لتوفير الاخصائيين الاجتماعيين والنفسيين اللازمين لتقديم الخدمة الاجتماعية والنفسية لهذه الفئة من المجتمع في وقت أكدت فيه وكيلة وزارة الشئون أن لا سلطة للوزارة علي الأطفال ماداموا في الشارع وأن دور الوزارة يبدأ بعد تحويل الأطفال لمؤسسات الوزارة بقرار من النيابة أو المحكمة. وزير الصحة وعد بدمج هؤلاء الأطفال تحت مظلة التأمين الصحي الجديد علي ان تتضافر كافة الجهود الحكومية وغير الحكومية لانتشالهم من حياة الشارع في مكان يأويهم ويحافظ عليهم ويحفظ المجتمع من شرورهم وأذاهم خاصة بعدما أشيع بأن أعدادهم تضاعفت بعد الثورة بعد ان تم تسريحهم من المؤسسات التي ترعاهم. قالت عائشة عبدالرحمن وكيل وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية لشئون الرعاية ان المؤسسات التابعة للوزارة لم يخرج منها أحد أو يشارك في احداث مجلس الوزراء التي ادين فيها بعض أطفال الشوارع. أشارت إلي أن الوزارة لا سلطة لها علي أطفال الشوارع طالما كانوا في الشارع وأن دور الوزارة يبدأ عندما يتم تحويلهم بقرار من النيابة أو المحكمة وعموما بعد الأحداث الأخيرة نرحب بأطفال الشوارع ورعايتهم ضمن منظومة متكاملة تتعاون فيها كافة الوزارات كما تم الاتفاق عليه في ندوة استضافها مجلس قومي الطفولة والأمومة مؤخرا حيث ستقوم محافظة القاهرة بانشاء مجمع شاسع بمدينة السلام يتسع لاستيعاب أكبر عدد منهم وتم الاتفاق علي التنسيق بين كافة الوزارات لرعايتهم صحيا وتعليميا ومهنيا ومن ناحيتنا نوفر الاخصائيين الاجتماعيين والنفسين لتوفير الخدمة الاجتماعية والنفسية اللازمة لهم فهم أولادنا ولن ولم نتخل عنهم. وتري أن مشروع مدينة السلام هو بداية طيبة للمجتمع واستيعاب هؤلاء الأطفال وتوفير الاعاشة الكاملة لهم بعد ان فشلت تجربة مؤسسات الاستقبال النهارية في تقويم سلوكهم فما يتعلمونه في المؤسسات نهاراً يضيع ليلا مع قوانين الشارع. د. سامية خضر استاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس ورئيس الفريق البحثي لمشروع أطفال الشوارع الذي تتبناه الجامعة لأول مرة علي مدي الثلاث سنوات الماضية. قالت انه بعد انشاء قطاع للعلوم الاجتماعية بالجامعة عام 2008 فكرنا في دراسة هذا الموضوع لاهميته وبالفعل كونا فريقا بحثيا يضم كافة التخصصات في الجامعة باحثين من الالسن لاستعراض التجربة عالميا وسبل التعامل معها وباحين من الحقوق لرصد حقوق الاطفال وخاصة أطفال الشوارع وهكذا مع باقي التخصصات ومن خلال الرصد والمقارنة توصلنا مثلا إلي أن الهند تتخلص من أطفال الشوارع موتا بعد احتجازهم بالسجون لفترات طويلة ومنع الطعام عنهم حتي الوفاة لان المجتمع الهندي يري أنهم بمثابة الحيوانات الشرسة التي يخشي مخاطرها. أضافت: أجرينا مسحا ميدانيا للاطفال في اشارات المرور وهم يتسولون ويمسحون السيارات ويبيعون المناديل وأسفل الكباري حيث أماكن تواجدهم المفضلة وتوصلنا إلي أنهم ضحايا لظروف اجتماعية غاية في القسوة ابرزها الفقر والتفكك الأسري وطلاق الأبوين أو هجرهما للاسرة أو ادمان احداهما أو كليهما وكلها عوامل تجعل الأسرة طاردة للطفل تلفظه وترفضه في وقت يرحب فيه الشارع به الذي يحقق له الرضا في الحرية واللعب والانطلاق في باديء الأمر.. لكن سرعان ما تستقطبه عصابات أطفال الشوارع علي غرار التوربيني فتعلمه الدرس حيث يقوم الكبار بالاعتداء الجنسي علي الأطفال سواء ذكوراً أو اناثا وهو السيناريو الأكيد ولا بديل عنه وتدريجيا يتعلم الطفل بل ويجيد فنون الشارع من ادمان وسرقة وتسول وحيازة أسلحة وعلي التوازي تموت بداخله القيم الانسانية والاخلاقية والدينية. قالت: بالمناسبة أن أطفال الشوارع غير مرتبطين بسن من 1 إلي 15 سنة بل هناك من بلغ أعمارهم 40 عاما أطفال شوارع تربوا وترعرعوا في الشارع وسيموتون فيه. وانتقدت المؤسسات النهارية التي ترعي هؤلاء الأطفال مؤكدة كأننا نحرث في البحر فما معني ان يتردد الأطفال نهاراً من أجل الاستحمام وتناول الطعام والخروج بعد ذلك إلي الشارع ليتلقوا اعتي فنون الاجرام ويصبحوا قنابل موقوتة مثلما تورطوا في حرق وتدمير المجمع العلمي وأحداث الفوضي أمام مجلس الوزراء وأري ألا تأخذنا بهم عين الرحمة. وتري د. عبلة البدري- مدير جمعية الأمل أن أطفال الشوارع من السهل تحريكهم واستقطابهم وتوجيههم للقيام بأعمال غير مشروعة لافتقادهم للحياة الآدمية وافتقادهم للانتماء فبداخلهم حقد تجاه المجتمع وتجاه المواطنين ولهم عذرهم بسبب نشأتهم والظروف الصعبة التي عاشوها وخرجوا بسببها للشارع فضلا عن نظرة الازدراء من المواطنين لهم. وقالت من خلال بحث أجريناها خلال فترة الثورة اكتشفنا أن لهم خيمة في ميدان التحرير وكانوا سعداء لوجودهم بين الثوار الذين تاهوا معهم ومصدر سعادتهم ان لا أحد يذكرهم بظروفهم أو يسأل عن أصلهم أو يصفهم بأولاد الشوارع. يوضح هاني هلال رئيس الائتلاف المصري لحقوق الطفل ان هناك مليوني طفل شارع وفقا لمسح اجراه الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء منذ عامين 73% من الذكور و22% من الاناث والشارع قاسم مشترك يجمعهم يتقاسمون فيه الطعام والنوم علي الأرصفة والاحساس بالخطر وفي حالة فقدان ثقة مع المجتمع حولهم الذين يحشون التعامل أو الاقتراب منهم. قال ان ظاهرة أطفال الشوارع بدأت في الثمانينيات وتفاقمت في التسعينات ومازالت أعدادهم تتضاعف ولم تقتصر المشكلة علي الصبية بل سرعان ما لحقت بهم الفتيات وتفاقمت مشاكلهم وجرائمهم بدءا من السرقة وصولا إلي الدعارة وهم نتاج المجتمعات العشوائية. صنفت المؤسسات التي تتعامل مع أطفال الشوارع وهي: * مؤسسات مغلقة وتختص بالاطفال الأحداث الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية يرتكب جرما من الأطفال وليس له أهل معلومون. وعد د. فؤاد النواوي وزير الصحة والسكان بدمج أطفال الشوارع تحت مظلة التأمين الصحي الجديد مشيرا إلي استعداد الوزارة للتعاون مع منظمات المجتمع المدني لايجاد اماكن لايواء الاطفال المتواجدين بالشارع. وقال ان طفل الشارع ضحية من ضحايا المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والثقافية ويظل طفل الشارع وحقوقه مسئولية تقع علي المجتمع ككل بكل أجهزته والهيئات الحكومية وغير الحكومية العاملة به.