جملة بسيطة للغاية يمكن ان تلخص الأزمة التي تشهدها العراق حاليا.. "المالكي يلعب بالنار" وهذه النار للأسف الشديد يمكن ان تشعل فتنة دامية جديدة بين الشيعة والسنة في العراق. وربما تطورت هذه الفتنة الي حرب أهلية بين طائفتين تعايشتا طويلا مع طوائف وأطياف أخري علي أرض هذا البلد حيث لم يكن أحد يعرف الشيعي من السني. ووقود النار التي يلعب بها رئيس الوزراء نوري المالكي هو الأمر الذي أصدرته الداخلية العراقية باعتقال طارق الهاشمي النائب العربي السني للرئيس العراقي بتهمة التحريض علي أنشطة إرهابية. ويكاد يكون هناك اجماع علي أن المالكي هو العقل المدبر وراء الأمر.. هذا وكأنه لا تكفي بذور الشقاق التي زرعتها الولاياتالمتحدة بين طوائف الشعب العراقي خلال سنوات الاحتلال حتي يأتي المالكي ليتصرف بهذا الشكل غير المسئول. كان المتابعون لتطورات الشئون العراقية يتوقعون ان يقدم زعماء العراق علي اختلاق مشكلة ما بعد الإعلان رسميا عن اكتمال انسحاب القوات الأمريكية من العراق الذي نشك في ان يكون قد حدث بالفعل. وكان الهدف من ذلك الاختلاق صرف انظار الشعب العراقي عن معاقبة هؤلاء الزعماء بعد ما ارتكبوه في حق بلادهم عندما سهلوا للولايات المتحدة احتلال العراق وتواطأوا معها لتحقيق مكاسب شخصية. كانت البداية إعلان المتحدث باسم الداخلية العراقية التي يسيطر عليها الشيعة عن اصدار أمر من الوزارة باعتقال الهاشمي بتهمة اصدار أوامر من حراسته الخاصة باغتيال عدد من المسئولين الحكوميين وزعم المتحدث ان الهاشمي سلم بنفسه أحد حراسه ثلاثة آلاف دولار لاغتيال أحد خصومه. وأكد ان هذا الاجراء الصادر بحق نائب الرئيس يتم وفق المادة الرابعة مما يسمي بقانون مكافحة الإرهاب وان أمر القبض علي الهاشمي موقع من خمسة قضاة حسب القانون المذكور. بعدها ظهر علي شاشة التليفزيون ثلاثة رجال قالوا أنهم تلقوا أوامر من اتباع الهاشمي لارتكاب عدة أعمال منها زرع متفجرات وإطلاق النار عي شخصيات عامة ومسئولين. وحتي الآن لم يتم اعتقال الهاشمي رغم صدور الأمر ويكتفي بحصار بيته. بالطبع يحاول المالكي التنصل من ذلك وادعاء أن الأمر يتعلق بقانون لا يستطيع التدخل لمنع تطبيقه. ولم يكن الهاشمي هو السني الوحيد الذي استهدفه المالكي. فقد دعا أعضاء البرلمان الي حجب الثقة عن نائبه صالح المطلك متهما اياه بأنه لا "يؤمن بالعملية السياسية" علي حد تعبيره وينتمي الهاشمي والمطلك الي التجمع العراقي المعروف باسم كتلة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الشيعي السابق اياد علاوي. ويخشي الكثيرون من أن يؤدي ذلك التصرف الغريب من جانب المالكي وحكومته الي اشعال الفتنة وأعمال العنف بين الشيعة والسنة بلا أي سبب.. ويعيد الي الأذهان مواجهات دامية جرت بين المتعصبين من الطائفتين وصلت ذروتها عامي 2006 و2007 وراح ضحيتها الألوف.