* يسأل محاسب بإحدي الشركات: والدي لا يعدل بين أولاده في العطية والمعاملة وظلمني.. فهل يحل لي مقاطعته؟! ** يجيب الشيخ محمد عبدالرازق عمر وكيل وزارة الأوقاف بالجيزة: اتفق الفقهاء علي أن الواهب تجوز هبته إذا كان مالكاً للموهوب صحيح الملك. واختلفوا في تفضيل بعض ولده علي بعض في الهبة. أو في جميع ماله لبعضهم دون بعض فجمهور الفقهاء يرون كراهية ذلك ولكن إذا وقع جاز ودليلهم أن الاجماع منعقد علي أن للرجل أن يهب في صحته جميع ماله للأجانب دون أولاده. فإذا كان ذلك للأجنبي فهو للولد أحري. واحتجوا بحديث أبي بكر رضي الله عنه "أنه نحل وهب عائشة رضي الله عنها جذاذ عشرين وسقا من مال الغابة فلما حضرته الوفاة. قال: "والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غني بعدي منك. ولا أعز علي فقراً بعدي منك. وإن كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا فلو كنت جذذتيه واحترزيته كان لك. وإنما هو اليوم مال وراث" موطأ مالك. قالوا: وذلك الحديث المراد به الندب أي حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما "إن أباه بشيراً أتي به إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : أكل ولدك نحلته مثل هذا؟قال: لا. قال: فارتجعه ورواية "جور" إلا أن في بعض الروايات: ألست تريد أن يكون لك في البر واللطف سواء؟ قال: نعم. قال: فأشهد علي هذا غيري" وذهب الظاهرية إلي عدم جواز التفضيل فضلاً عن أن يهب جميع ماله لجذ النعمان بن بشير السالف الذكر وقالوا "الارتجاع" وهذا جور والامتناع علي الشهادة يدل علي البطلان. ويري المالكية أن النهي عن أن يهب الرجل جميع ماله لواحد من ولده أحري أن يجمل علي الوجوب. ولعل القول بكراهية التفضيل إلا لمسوغ من ايثار معوق أو حفظ مال من مبذر ومسرف ومتلف وما أشبه. أما مقاطعة السائل الكريم لوالده الذي فاضل بين أولاده فحرام شرعاً للنصوص المحكمة في وجوب بر الوالدين في كل الأمور عدا الكفر. قال الله سبحانه و"وإن جاهداك علي أن تشرك بي ماليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً". ونتوجه إليه "ادفع بالتي هي أحسن" وأن تؤثر الأجل علي العاجل. وما عند الله خير وأبقي. ونذكر الآباء والأمهات بالعدل والتسوية بين الأولاد في العطية واجتناب التفاضيل والتمايز "اباؤكم وأبناءكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً" والله الهادي إلي سواء السبيل.