إذا أصر ثوار مصر علي الاعتصام في شارع مجلس الوزراء اعتراضاً علي تشكيل حكومة الجنزوري. فهذا حقهم لأن التشكيل لا يرضي طموحهم. ولا طموح الثورة وأهدافها. وعلي تلك الحكومة أن تثبت فعلاً أنها جاءت للإنقاذ وتحقيق أهداف الثورة حتي ولو كان عمرها يوماً واحداً وليس عدة شهور كما هو معروف. وإذا كان الثوار رافضين للانتخابات البرلمانية ونتائجها فهذا حقهم أيضاً لأنهم لم يحصلوا علي فرص متساوية مع التيارات السياسية خاصة تيار الإسلام السياسي الرابح الأكبر من الثورة رغم أنه لم يكن وقوداً لها. بل إنه ركب الموجة مثل غيره من الأحزاب السياسية الهشة التي عاشت فوق صدورنا سنوات طويلة كديكور لنظام سياسي فاسد في مقابل الحصول علي الفتات من المكاسب السياسية بعضوية محدودة وتصل البرلمان أغلبها كان يتم بقرار تعيين من الرئيس السابق. إذن فالثورة ستستمر طالما وافقنا علي ذلك أو رفضناه. لأن أهدافها بمنتهي الوضوح لم تتحقق ولن تتحقق لو سارت الأمور علي نفس المنوال من قبل المجلس العسكري. صحيح أن المجلس يبذل جهوداً كبيرة لمحاولة تحقيق توافق داخل المجتمع واستيعاب كل المتناقضات في الأهداف علي الساحة السياسية. لكن كل تلك الجهود أحسبها خطوات متأخرة كان من الأفضل البدء فيها قبل الإعلان الدستوري خاصة المجلس الاستشاري الذي اختاره ليعاونه في إدارة شئون البلاد ووضع المشورة لكن حتي هذا المجلس الاستشاري لم يمثل فيه شباب الثورة بشكل حقيقي. لذلك كله فإن الهدوء المؤقت الذي يشهده ميدان التحرير وميادين مصر الثائرة لا أعتقد أنه سيستمر طويلاً للأسباب التي ذكرتها وبالتالي يصبح علي المجلس العسكري اتخاذ خطوات صعبة وسريعة أهمها علي الإطلاق التأكيد علي مدنية الدولة لأن الانحراف عن هذه الفكرة يعني انحرافاً عن مسار الثورة لأهدافها. بل يدخل بالبلاد إلي أتون من الصراعات الجسيمة التي قد تصل مثل ما سبق إلي الدموية. ونري دماء المصريين تراق أنهاراً والتلويح بالتدخل الخارجي جاهز عند الشباب ووقتها لن يتهم أحد هؤلاء بالخيانة لأننا بعد التضحية بالأرواح لن نقبل أن يحكمنا عسكري أو شيخ أو قسيس أيضاً. وأخشي ما أخشاه أن تظل آذان المجلس العسكري لا تسمع تلك النداءات التي تخرج بالبلاد بعيداً عن صراعات ودماء وحرب أيديولوجيات نحن في حل منها. لأن الثورة الثالثة تلوح في الآفاق . فالشباب بعد أن شاهدوا وعاشوا مرحلة فساد في عصر مبارك. ها هم يشاهدون ثمرة ثورتهم تضيع بدولة بدلاً من مدنية تتحول إلي دينية. وبالتالي فإن تلك الثورة القادمة ستكون ضارية ومخيفة. حتي لو تمسكت وزارة الداخلية أو أجهزة الشرطة بضبط النفس. وعدم التعامل مع المتظاهرين. انقذوا مصر. فاقتصادنا ينهار فعلاً والإحساس بالخطر يحدق بنا والعالم يرصد سلوكياتنا وكيفية تعاطي المجلس العسكري مع الأمور. وإلا فليقل لي عاقل: ما معني أن تطالب واشنطن العسكري بمراجعة الحكم الصادر علي مايكل نبيل؟!!