"إنها بئر ألقيت بنفسي فيها ولا أدري كيف سأخرج منها. ولكني قبلت إيمانا بالمسئولية الوطنية تجاه بلدنا ورغبة صادقة في الخروج بمصر لبر الأمان في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها".. هكذا وصف الجنزوري مهمة قبوله لتكليف العسكري له بتشكيل الحكومة. ولم ينتظر بل بدأ محاولات إخراجه لنفسه من هذه البئر العميقة وذلك بإطالته لساعات مشاوراته مع مختلف الائتلافات الثورية والتيارات السياسية حيث عكست تلك المشاورات مناورة ذكية من الجنزوري لكسب ود الثوار بالحوار معهم والاحتكاك المباشر بهم. كما استطاع أن يمتص موجات غضبهم ورفضهم لمهمة تكليفه بالحكومة.. أيضا تعددت لقاءات الجنزوري بالعديد من الشخصيات المرشحة للحقائب الوزارية وكان إعلانه منذ البداية بأن تلك الشخصيات المرشحة ليست خياراً نهائياً حتي لحظة حلف اليمين. بمثابة بالون اختبار أطلقه الجنزوري ليقيس به رد فعل الشارع المصري والثوار علي اختياراته للمرشحين. وقد نجح الجنزوري إلي حد كبير في تلك المحاولات حيث استبدل موجات الغضب ضده خاصة المنطلقة من التحرير بحالة من الهدوء والترقب انتظاراً لترشيحاته النهائية. كما عكس قراره باستبدال وزراء الإعلام والبيئة ثم الزراعة في اللحظات الأخيرة قبل حلف اليمين ثقة من الثوار مشوبة بالحذر في أنه صدق بالفعل في إعلانه عدم قبوله لمهمة تكليفه برئاسة الحكومة دون منحه الصلاحيات الكاملة لممارسة مهامه المكلف بها دون وصاية العسكري عليه مثلما كان يحدث مع شرف. من محاولات الجنزوري الناجحة أيضا لإخراج نفسه من البئر إعلانه زيادة حد الإعفاء الضريبي علي المسكن الخاص من نصف مليون جنيه إلي مليون ونصف المليون وهو ما لاقي ارتياحاً شعبياً. كما يعد تعيين الجنزوري لستة مساعدين للوزراء من شباب التحرير بمثابة حضانة للقيادات الشبابية وهي نقطة تحسب له في حرصه علي تدريب الشباب المخلص وتأهيله لتحمل المسئولية الوزارية كاملة في المستقبل. ويبقي المحك الرئيسي في اختبار الشعب كله للجنزوري متوقفاً علي وزير داخليته الذي احتفظ باسمه لآخر لحظة ومدي نجاحه في إنهاء حالة الانفلات الأمني التي تعيشها البلاد. أما الاختبار الأهم للوطن كله فيتوقف علي عبور مصر الأزمات الاقتصادية التي أغرقنا فيها الرئيس المخلوع. وقد أعلن الجنزوري أن لديه حلولاً أولية لها تمثلت في بعث اهتمامنا بالمشاريع الاقتصادية الكبري التي أهملها نظام المخلوع ومثلت أحلاماً قومية لمصر ولكن للأسف تم وأدها قبل أن تنتج. وأعتقد أن الجنزوري إذا ما نجح في إحياء هذه المشاريع بنجاح بدءاً من سيناء إلي توشكي وغيرها كما وعد يستحق بذلك أن يحمل علي أعناق الثوار ليس فقط في التحرير بل ميادين مصر كلها.