إذا كان الحدث يتعلق بالعمل الوطني والثوري. فاتحاد الكتاب آخر من يعلم!! وكان دائماً آخر من يعلم منذ إنشائه.. فالأمر لا يتعلق بمجلس إدارته الحالي أو السابق أو القادم. إنما هناك عقبة كئود تقيد خطواته مع سبق الإصرار والترصد. الاتحاد نشأ في حضن السلطة. بل بيد السلطة نفسها. من خلال يوسف السباعي وزير الثقافة الأسبق. وأحد الضباط الأحرار. وإن كان كاتباً كبيراً وإنساناً راقياً. وأياديه علي الحياة الثقافية أياد بيضاء.. فقد أراد أن يخدم الأدباء "الغلابة" وأن يقيم لهم كياناً ما يجمعهم. ويوفر لهم الدواء والرعاية المعنوية في حدها الأدني. علي ألا يتجاوز دوره هذه الحدود. هذه الحدود قاطعة في قانون الاتحاد. ويمكن أن تطيح بكل من يرفع رأسه لمناكفة السلطة. أو الخروج "علي طاعة الحاكم" بدون النص علي هذه التعبيرات الضخمة.. بل هناك تعبيرات من قبيل المحافظة علي الأخلاق والمثل والأعراف العامة!! لكل عضو. ومن يتعداها يمكن أن يفصل. إذا كان قد ألحق أصلاً بالاتحاد. لأن آليات الالتحاق به غير واضحة المعالم في القانون. بل أن يكون له إنتاج ملحوظ. وهو تعبير فضفاض. كان حجة في يد الأديب الراحل ثروت أباظة لمنع كل التيارات المختلفة مع النظام السياسي. ومعه. من نيل عضوية الاتحاد. من ينجح إذن في "التسلل" إليه. يمكن أن يجتث منه بالقانون. وبأكثر من مادة فيه.. فمن لا يدفع الاشتراك مثلاً لمدة عامين يمكن فصله!! قانون الاتحاد وضع كذلك عناصر تعطيل أداء الاتحاد من داخله.. فهو لم يتح الفرصة لأعضاء الجمعية العمومية- ككل النقابات- لاختيار النقيب أو رئيس الاتحاد مباشرة. بل يجري اختياره من مجلس الإدارة. ومن يستطيع الترغيب والترهيب والمناورة أكثر. يرتفع نصيبه في موقع الرئيس. والأمر كذلك يحسم للنائب وغيره من أعضاء هيئة المكتب. في غياب كامل للجمعية العمومية. مجلس الإدارة نفسه أزمة من أزمات الاتحاد المزمنة. فعدده- ثلاثون عضواً- لا يتناسب أبداً مع عدد أعضاء الجمعية العمومية- حوالي 2600 عضو- وحتي حين نشأة الاتحاد من ثلاثمائة عضو كان المجلس هكذا ثلاثين عضواً. أي أن نسبة المجلس إلي الجمعية حينها 10%!!.. وحينما يرغب عضو الجمعية في اختيار مرشحه في الانتخابات قد لا يرضي أولا يقتنع بأكثر من خمسة أو عشرة مرشحين. فإذا به يختار ثلاثين رغماً عنه. وإلا بطل صوته.. وهذه العملية تفرز ناجحين بالصدفة كثيرين في أحيان كثيرة.. والأمر المنطقي ألا يتجاوز أعضاء المجلس 15 عضوا. وهو عدد ليس قليلاً بالمقارنة بأقرب النقابات إلي الاتحاد. وهي نقابة الصحفيين.. فعدد أعضاء مجلس النقابة 12 عضوا يمثلون حوالي ستة آلاف تضمهم الجمعية العمومية.. طبعاً مع ضرورة اختيار رئيس الاتحاد من الجمعية العمومية مباشرة. هؤلاء الثلاثون. تتعطل قرارات الاتحاد. ويعجز عن اتخاذ كثير من المواقف بسبب كثرة عددهم. المترتب عليه كثرة الآراء واختلافات المنطلقات والانتماءات. وبالتالي لا يجد أعضاء الاتحاد كيانهم هذا في قلب الحدث. بل تالياً له دائماً وبعيداً عن اللحظة المناسبة.. والأمر هذا نراه في هذه الموجة الثالثة من ثورة 25 يناير.. فحتي بداية الاعتصام بعدة أيام. لم يكن للاتحاد رأي ولا موقف. وحينما اجتمع مجلسه اتخذ قراراً بالاعتصام لم ينفذه أحد!! العيب الجوهري إذن ليس في المجلس. فهو نخبة من المثقفين الذين لا غبار علي مواقف أكثرهم. لكن أُس المشكلة في القانون.. ولا إصلاح للاتحاد بدون تغييره أو تعديله أو تطويره أو تطهيره.. والفرصة الآن مواتية بتقديم القانون المعدل. والذي أقرته الجمعية العمومية مرتين قبل ذلك. إلي مجلس الوزراء. والمجلس بدوره ينقله إلي المجلس العسكري الذي يبادر بالموافقة عليه خلال أيام. وربما ساعات.. مادام الأمر لا يتعلق بالمجلس العسكري نفسه ولا بسياساته ولا خططه في الحكم. فلا ضمير في إقراره. إذا لم تستغل حالة السيولة السياسية الراهنة لتمرير هذا القانون المعطل في مجلس الشعب "سيد قراره" منذ أكثر من عقد من الزمان. فسوف يبقي معطلاً كذلك خمس سنوات أخري علي الأقل.. لأن مجلس الشعب القادم.. سواء نجحت الانتخابات التي أعلن عنها أو فشلت- سيكون أمامه أعباء ومهام ضخام- تصرفه عن النظر إلي مثل هذا القانون الذي لا يعني به سوي حوالي ثلاثة آلاف مواطن!! وسيبقي مهملاً طوال الدورة القادمة. حتي ينظر في أمره مجلس الشعب في الدورة بعد القادمة لمن يعيش!!!