قبل ثلاث سنوات. عقد حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية في المغرب مؤتمره العام السادس وفي المؤتمر تم انتخاب عبدالإله بن كيران أميناً عاماً خلفاً لزعيمه السابق سعد الدين العثماني. ومنذ ذلك التاريخ دخل الحزب مساراً جديداً تميز بحضوره القوي علي الساحة السياسية في المغرب. وساهمت شخصية بن كيران "57 سنة" التي تميزت بالجرأة والإيجابية في منح الحزب قوة دفع كبيرة إعلامياً وشعبياً. اتضح ذلك بشكل خاص بعد أن دخل الحزب بقيادة بن كيران صراعاً مريراً مع قيادات من حزب الأصالة والمعاصرة الذي سعي إلي الحد من نفوذهم في المشهد السياسي المغربي. وقبل ذلك كان الحزب قد تلقي ضربات قوية من خصومه السياسيين وصلت إلي حد المطالبة بحله. حيث حملوه "المسئولية المعنوية" عن التفجيرات الإرهابية التي حدثت عام 2003 في الدارالبيضاء. جعلته علي مدي سنوات يتخذ موقف "المدافع عن النفس" دون أن يتمكن من الإنطلاق. تقول السيرة الذاتية لعبد الإله بن كيران إنه من مواليد 1954 بحي شعبي بالعاصمة الرباط. وهو متزوج وله ستة أولاد. وقد تخرج في كلية العلوم قسم الفيزياء سنة 1979. وسبق له أن رأس تحرير عدد من الصحف ذات الاتجاه الإسلامي مثل "الإصلاح" و"الراية" و"التجديد". كما سبق انتخابه في البرلمان خمس مرات ويعمل مديراً لمدرستين للتعليم الخاص ويملك شركة مقاولات صغيرة. يساري في البداية ورغم أنه تلقي منذ نعومة أظافره تعليماً دينياً تحت رعاية ابيه فقد كان في شبابه يميل إلي التنظيمات اليسارية الراديكالية التي استقطبت الكثير من الشباب الحالم بالتغيير في السبعينيات من القرن الماضي. كما كان يتردد علي حزب "الاتحاد الوطني للقوات الشعبية" الاشتراكي. وعلي حزب "الاستقلال". وفي النهاية اختار التوجه الإسلامي والتحق بعدد من التنظيمات مثل تنظيم الشباب المسلم الذي أصبح من قياداته فيما بعد. وتم حظر ذلك التنظيم بسبب اغتيال الزعيم الاشتراكي المغربي عمر بن جلون حيث القت السلطات بمسئوليته علي زعيم التنظيم وقتها عبدالكريم مطيع الذي هرب بدوره إلي ليبيا. وبسبب الانتماء إلي هذا التنظيم اعتقل بن كيران وعدد من رفاقه بتهمة الانتماء إلي جماعة محظورة. وبعد إطلاق سراحه سرعان ما انشق عن الشبيبة الإسلامية احتجاجاً علي تبني هذا التنظيم خيار العنف. وفي عام 1981 أسس بن كيران ورفاقه تنظيماً سياسياً جديداً تحت اسم "الجماعة الإسلامية" وفي 1986 انتخب بن كيران رئيساً للجماعة التي كانت السلطات تنظر إليها بعين الشك. وهنا تقرر تغيير اسمها لتتحول إلي "حركة التجديد والإصلاح" وتبنت موقفاً معتدلاً تجاه النظام الملكي حيث قبلت باعتبار الملك أميرا للمؤمنين. وانفتحت الحركة علي عدد من الجمعيات والتنظيمات الإسلامية المعتدلة. فتغير اسمها من جديد ليصبح عام 1996 "حركة التوحيد والإصلاح". وفي عام 1998 تغير اسم الحزب ليصبح "حزب العدالة والتنمية" وهو الاسم نفسه الذي حمله بعده حزب أردوغان في تركيا. وبدأ الحزب بعد ذلك في خوض الانتخابات كحزب معارض حيث حقق نجاحات عديدة قادته إلي مقعد الحكم في النهاية. وفي حديث له بعد إعلان فوز حزبه في الانتخابات الأخيرة وقبل تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة أشاد بن كيران بنجاح تجربة حزب العدالة والتنمية الإسلامي في تركيا. وفي الوقت نفسه قال إنها لا تصلح للتطبيق في المغرب بحذافيرها لاختلاف الظروف بين البلدين. فالنظام مختلف حيث يعمل الحزب التركي في بيئة علمانية تجعله يسعي إلي التوفيق بين صيغتين. أما حزبه فيعمل في دولة إسلامية ملكية. وهذا لا يمنع من الإشادة بتجربة الحزب التركي.