قبل ساعات من بدء مظاهرات مليونية 18 نوفمبر حدثت خلافات بين القوي السياسية الداعية للمظاهرات حول الهدف الأساسي لها حيث أعلنت حملة حمدين صباحي رئيساً لمصر عدم المشاركة في فاعليات جمعة 18 نوفمبر بميدان التحرير. نظراً لما شاب الدعوة من خلط بخصوص أهدافها. وتغيير الهدف الرئيسي الذي بدأت الدعوة من أجله وهو المطالبة بتسليم السلطة بجدول زمني واضح يحدد انتخابات الرئاسة خلال شهر أبريل المقبل وبحد أقصي منتصف عام 2012. وهو مطلب محل اتفاق وسبق لمرشحي الرئاسة وبينهم حمدين صباحي التوافق عليه أثناء اجتماعاتهم المشتركة.. لكن الدعوة تحولت عن مسارها الرئيسي وأصبحت الدعوة للتظاهر ضد وثيقة المبادئ الدستورية التي طرحها الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء. فيما أصرت جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة المنبثق عن الإخوان والأحزاب السلفية النور والأصالة المشاركة لرفض وثيقة السلمي.. أكدت حملة حمدين صباحي علي أن موقفها من وثيقة المبادئ الدستورية يأتي في إطار التحفظ علي بعض نصوصها خاصة المادتين 9 و10. بالإضافة للمادة 3 من وثيقة معايير تشكيل الجمعية التأسيسية. لكن هذا الموقف لا يعني أن الحملة ضد صدور وثيقة مبادئ دستورية ومعايير لتشكيل جمعية تأسيسية من حيث المبدأ. وأن تكون بنود تلك الوثيقة محل توافق من القوي الوطنية والسياسية. كي تشكل أحد ضمانات عملية إعداد الدستور المقبل الذي ينبغي أن يكون محل توافق وطني وشعبي عام. لا أن يترك لانفراد أي طرف أو تيار داخل البرلمان المقبل. لذا فإن مطلب الحملة بخصوص تلك الوثيقة هو تعديل البنود المثيرة للجدل والخلاف لا اسقاطها تماماً.. قال عبدالمنعم أبوالفتوح المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية إنه يشارك في المليونية. بهدف مطالبة المجلس العسكري بتسليم السلطة في موعد أقصاه أبريل القادم. متنصلاً من بيان التحالف الديمقراطي الذي أعلن فيه أن مرشحي الرئاسة ومنهم أبوالفتوح سيشاركون في المليونية لرفض الوثيقة فقط. لافتاً إلي أنه شارك في الاجتماع الأخير له ولكن كان مبدأه من الأساس هو المشاركة هو وحملته من أجل تسليم السلطة. مع رفض أن تكون الوثيقة إلزامية رفضاً نهائياً. مشيراً إلي أن من يريد أن يرفع لافتات رفض الوثيقة يقوم برفعها. ومن يريد رفع لافتات تسليم السلطة يقوم برفعها. توقع أبوالفتوح أن المليونية ستكون حاشدة اليوم. ولن تشهد أي أحداث عنف سواء في المليونية أو بعدها علي الإطلاق. قائلاً: لن يوجد طرف آخر مختلف معهم في هذه المليونية. ولذلك لن يحدث هذا. رافضاً التصعيد بالاعتصام بعد المليونية. مضيفاً أنها ستكون أداة ضغط قوية علي المجلس العسكري بالصورة الكافية. قال د.محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد للإخوان المسلمين والمتحدث الإعلامي باسم الجماعة. إن الجماعة تريد من مشاركتها في الفعاليات أن يدرك الجميع أن الشعب هو صاحب السيادة وأنه مصدر السلطات. ومن حقه أن يمنح نفسه الدستور الذي يريده. قال لن يكون من حق أحد أياً كان فرداً أو حزباً أو وزارة أو حتي المجلس العسكري أو كلهم مجتمعين أو منفردين. أن يفرضوا علي الشعب دستوراً أو مواد في الدستور لا يريدها ولا تتفق مع الديمقراطية التي هي في أصلها حكم الشعب. أضاف قائلاً: ومن ثم فإننا ندعو إلي سحب وثيقة السلمي التي تتناقض مع كل ما سبق. وتكرس الديكتاتورية وتجعل من الجيش دولة فوق الدولة وفوق الشعب والدستور. لنحمي البلاد من فتنة خاصة أننا في فترة انتقالية تتسم بطبيعتها بعدم الاستقرار. ونحن في أحوج ما نكون إلي هذا الاستقرار الآن حتي يتوجه الناس إلي الانتخابات البرلمانية التي تعد الخطوة الأولي علي طريق الديمقراطية. وتنقل السلطة من المجلس العسكري إلي حكومة مدنية منتخبة. وكفانا ما ضاع من وقت ثمين استمر لمدة عشرة أشهر دون طائل ولا فائدة. أضاف د.غزلان: رسالتنا للشعب الذي ثار في 25 يناير وقدم أرواحنا ودمائنا. وقدم أيضاً آلاف الجرحي. وتضحيات أخري جسيمة من أجل استعادة حريته وعزته وكرامته. فعليه ألا يفرط أبداً في هذه الحرية وهذه الكرامة مهما كان الثمن. وأن يحذر كل الحذر من سارقي الثورة الذين يلتفون علي إرادته ولا يحترمون قراره. ويسعون لتحقيق مكاسب شخصية أو فئوية أو حزبية. وعليه أيضاً أن يشارك في الانتخابات البرلمانية وألا يسمح بتأجيلها أو تزويرها. وأن ينتخب الأصلح. وأن يعزل الفلول التي تريد إنتاج النظام السابق بصورة أخري. ما دام المجلس العسكري يرفض حتي الآن إصدار قانون العزل السياسي. طالب القوي السياسية بأن تقدم المصلحة العامة علي الخاصة. وأن تتوافق علي المبادئ المشتركة. وأن تنحي جانباً خلافاتها حتي تستطيع أن تطهر البلاد من بقايا النظام البائد. وأن تضع الأساس لانطلاق نهضة وطنية مخلصة. حذر د.غزلان أن من يحاولون إنتاج النظام السابق بصورة أخري إنما يحاولون إنتاج الثورة من جديد بصورة أخري ربما لا تحمد عقباها. وأن المجلس العسكري إذا اتخذ من المليونيات مبرراً لتأجيل الانتخابات سيؤدي ذلك إلي نتائج خطيرة تعصف بالأمن المصري. مشيراً إلي أنه يعتقد أن المجلس لديه قدر من الحكمة تمنعه من اتخاذ مثل هذا القرار. ومن ثم عليه أن يسحب الوثيقة التي يمكن أن تؤدي إلي هذه النتائج. قال ممدوح إسماعيل نائب رئيس حزب الأصالة السلفي إن الرسالة القوية التي نريد أن نوصلها من خلال المشاركة في المليونية هي ضرورة أن يعود الحكم للشعب. حيث إن ما يحدث هو سلب لإرادة الشعب وإقصاء له بطرق احتيالية. أكد أن الشعب ينزل ليحرر إرادته لأنه نزل من قبل في التحرير من أجل هذا الهدف. ولن يعود حكم مبارك مرة أخري بأي صورة. مشيراً إلي أن تباطؤ المجلس العسكري في الاستجابة لمطالب الشعب هو سبب رئيسي لنزول الشعب في المليونية. أكد أيمن نور زعيم حزب غد الثورة أن مشاركة حزبه لرفض وثيقة المبادئ فوق الدستورية. بالإضافة إلي عدد من المطالب الأخري. ومنها الإعلان عن برنامج زمني واضح ومحدد لنقل السلطة وانهاء المرحلة الانتقالية. قال: إن التعديلات الأخيرة التي أجريت علي وثيقة المبادئ فوق الدستورية لم تكن مرضية بالشكل الكافي. مضيفاً أن الحزب كان سيوافق علي البنود التي تضمنتها الوثيقة إذا لم تشمل بعض المواد التي أجمعت علي رفضها العديد من القوي السياسية. لما تخلفه من التفريق بين مؤسسات الدولة وعلاقة البرلمان الرقابية عليها. معتبراً أن الوثيقة خالفت الأعراف الدستورية في صياغتها التي كان من المفترض أن تكون في عبارات محددة وقصيرة وواضحة. علي حد قوله. أوضح وحيد عبدالمجيد. رئيس لجنة التنسيق بالتحالف الديمقراطي من أجل مصر. أن المفاوضات بين الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء والقوي السياسية الرافضة لوثيقة المبادئ الدستورية وصلت إلي نفق مسدود بعد يومين من التفاوض. وذلك لتراجع السلمي عن الاتفاق المبدئي بينه وبين القوي السياسية في اليوم الأول للتفاوض. أضاف أنه تم الاتفاق بين الطرفين علي صيغة مبدئية لإجراء تعديل المادتين 9 و10 في الوثيقة. وقدم خلالها التحالف الديمقراطي مطلبين. الأول بأن تضمن أن ينتخب البرلمان الجمعية التأسيسية لوضع الدستور بنسبة 50% « 1 بدلاً من أن يكون الثلثان من خارج البرلمان كما جاء بوثيقة السلمي. في حين اشترط المطلب الثاني أن تكون الوثيقة استرشادية علي أن تمثل التزاماً أدبياً للموقعين عليها. قال عبدالمجيد: إن السلمي وافق علي المطلبين أمس الأول ثم فوجئنا بتراجعه عنهما بحجة أنه لابد أن يكون ثلثا الجمعية التأسيسية لوضع الدستور من خارج البرلمان. حتي تمثل توافقاً عاماً. والمطلب الثاني رفضه السلمي بشدة وهو أن الوثيقة تكون "استرشادية" بحجة أن التحالف طالب بمطالب إضافية. مع العلم بعدم حدوث ذلك.