تظل الجريمة ذلك الأمر المستهجن سواء من المجتمع أو الأديان هي الشغل الشاغل لعلماء الاجتماع والنفس علي مدار عقود طويلة من البحث والتنقيب للوصول إلي حقائقها وأسرارها. ولعل من ينظر إلي صفحات الحوادث في الجرائد أو المواقع الإخبارية سيكتشف حجم الكارثة التي نعيش فيها.. الأب القدوة صاحب الشخصية رب الأسرة فجأة وبلا مقدمات أصبح قاتلاً لمن؟ لطفليه أو لابنته أو لزوجته وأحياناً مغتصب أيضاً. أما الأم مصدر الحنان التي وصت الأديان بها وبأن الجنة تحت أقدامها وبأن رضاء الخالق من رضاء الوالدين تحولت إلي قاتلة وبدم بارد ثم يأتي زوج الأم وزوجة الأب والحفيد الذي يقتل جده أو جدته. نماذج صعبة وقاسية تؤلم وتدعو للتعجب مما نراه بل أحياناً تجعلنا نندهش من التحول في السلوك الإنساني وبأننا أصبحنا دمويين رغم أننا من أقل شعوب العالم ميلاً للعنف لكن ما أفرزته ثورة 25 يناير وما تبعها من أعمال عنف وإرهاب أظهرته جماعات الشر يؤكد أن هناك تغييراً في الجينات المصرية حدث خلال الفترة الماضية. صحيح أن كل الدراسات أكدت أن شهري يوليو وأغسطس هما الأكثر في ارتكاب الجرائم نتيجة لارتفاع درجات حرارة الطقس لكن السؤال وماذا سنري في الأعوام القادمة التي ترتفع فيها درجات الحرارة أكثر نتيجة للتغيرات المناخية التي تحدث في الكرة الأرضية؟ هل ستكون الإجابة بأنها ستصبح جرائم أشد قسوة مما نعيشه حالياً. أعتقد أن المجتمع في حاجة إلي التفكير بتأني في كيفية مواجهة تلك الظاهرة فلا ضغوط الحياة ولا ضيق ذات اليد ولا الحالة النفسية تحول الأب والأم إلي قتلة خاصة أن النسب الرسمية تؤكد أن 65% من جرائم ما بعد 25 يناير من ارتكبوها مجرمون جدد وهذا يعني أن أحد إفرازات تلك الثورة هو انفلات أخلاقي وإنساني ودموية لم يشهدها المجتمع المصري علي مدار تاريخه. لذلك كله يجب أن يصارح المجتمع نفسه عبر مؤسساته الرسمية وغير الرسمية للإجابة السؤال.. لماذا وماذا بعد؟ للوصول إلي حقائق محددة تنتهي بتوصيات تبناها المدارس والجامعات والكنائس والمساجد لإعادة تربية الإنسان المصري التربية الصحيحة مفادها "أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً" أليست هذه هي الأسس التي بنيت عليها الحياة وأرست قواعدها الأديان جميعاً.. فلا توجد ديانة نزلت من السماء إلا وتدفع إلي حب الحياة واحترام الإنسان وآدميته وعدم إراقة الدماء.. نسأل الله لمصر العافية ولشعبها الهدوء والسلام النفسي.