مازلت عند الرأي الذي كتبت عنه مراراً وفي مناسبات مختلفة بنفس المكان أن الانتخابات المحلية فيها شفاء من أدراد الفساد التي تحيط بالمحليات من كل جانب وتسبب لنا نكبات عديدة يدفع ثمنها المجتمع. وأكدت هذا الاحساس دعوة الرئيس السيسي خلال المؤتمر السادس للشباب بأهمية الانتهاء من التشريعات الخاصة بالمحليات تمهيداً لاجراء الانتخابات للمجالس الشعبية المحلية مطلع العام القادم. والحقيقة أنه لايكفي أن يعلن عدد من نواب البرلمان المنوط به إصدار هذا القانون تبنيهم لهذه الدعوي .. لكننا نريد كلاما محدداً بإدراج هذا التشريع علي أجندة المجلس خلال دورة الانعقاد الجديدة لكي تتم مناقشته وإقراره ثم إصدار لائحته التنفيذية وحتي يتسني إتمام انتخابات المجالس الشعبية علي كل المستويات بالقرية والمدينة والمحافظة. إننا بحاجة إلي الإسراع في هذا الاتجاه لتفعيل دور الرقابة الشعبية علي أداء الجهاز التنفيذي الذي نعاني كثيراً بسبب قصور الاداء من البعض وفساد الذمم عند البعض الاخر والاهمال وسوء الإدارة من غيرهم ..إلخ من أوجاع نعاني منها وبسببها حيث يتفشي الفساد بأبشع صوره في المحليات. وكلنا نعلم أن دور الرقابة عبر المجالس الشعبية المحلية المنتخبة يبدأ بطلب الاحاطة للمسئول التنفيذي والسؤال ويصل إلي حد الاستجواب عما يحدث .. وكلها أدوات تؤدي إلي تفعيل الرقابة حتي لايشعر المسئول أنه يجلس علي قمة تكية بلا محاسبة أو رقابة أو متابعة .. وأنه في المقابل مطالب بأن يتجاوب وينزل إلي الشارع علي مستوي القرية والمدينة والمحافظة وأن يتابع بنفسه أداء مرؤسيه ونبض المواطنين وأن يحقق في الشكاوي والمطالب ويبحث المقترحات ولايتصور للحظة أنه ليس في الامكان أبدع مما كان لمجرد أنه يجلس علي كرسيه في مكتبه المكيف. إننا بحاجة إلي ضخ دماء الحيوية في الشارع من خلال قانون الادارة المحلية المرتقب الذي قال عنه النائب ممدوح الحسيني عضو لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان في تصريحات صحفية :"إن خروجه إلي النور يعني التصدي لكل أوجه الفساد داخل المحليات بالاضافة إلي فتح المجال لتنمية الموارد". وكلنا يعلم أيضا أن لدي الاحياء والمدن وبالتالي المحافظات موارد وإمكانات وطاقات مهدرة وتحتاج إلي رؤي علمية للاستفادة منها للصالح العام وليس لحساب بعض صغار النفوس الذين تنتفخ جيوبهم مقابل غض البصر عما يحدث من اعتداءات صارخة كالاستيلاء علي الشوارع وتحويلها إلي مشروعات خاصة مقابل إتاوات لهذا الموظف أو ذاك وإقامة مبان بدون ترخيص وتحويل الادوار السفلية من المباني في المناطق السكنية إلي مشروعات تجارية في غيبه من القانون .. وإذا حدثت متابعة وملاحقة بناء علي شكوي فإنها تكون علي استحياء وذراً للرماد في العيون!! وهنا تذكرت واقعة حدثت منذ أيام معدودة .. وتتلخص في أن إتحاد الشاغلين لابراج المعمورة التي تضم 200 شقة بشارع المخيم الدائم اشتكي من تحول السوق "42" بالمنطقة إلي ورش سمكرة ودوكو وميكانيكا تقلق راحة السكان وأن البعض قام بالاعتداء علي الأرصفة بإنشاء حفر لتخزين الأدوات الخاصة بهم في مخالفة صريحة للقانون وللذوق العام .. وتم رفع الشكوي إلي المحافظة ووزارة التنمية المحلية نتيجة تقاعس حي غرب مدينة نصر عن ملاحقة الامر علي مدي 5 سنوات .. فماذا كانت النتيجة؟! جاءت حملة من الحي علي مدي يومين وقامت بسد هذه الفتحات بالرمال ولم تصادر المعدات التي وجدتها .. ولم تقم بمحاسبة من قام بحفر شارع الحكومة دون إذن أو تصريح وقام باستغلاله لحسابه الشخصي علي هذا النحو .. ولم تحمله تبعات إعادة الشئ إلي أصله كما كان .. والنتيجة أن المخالف بقي في مكانه ترقبا لانتهاء الهوجة حتي يقوم برفع الرمال من الحفرة وإعادة استغلالها كما كانت .. لماذا ؟! لأنه أمن العقاب!! هذا الكلام تحدث به معي رئيس إتحاد الشاغلين المحاسب جمال مجاهد .. وهو مجرد نموذج لوقائع كثيرة يموج بها الشارع وتؤكد مدي الاهمال والتقاعس في الملاحقة والمتابعة وبالتالي تفشي الفساد ولو وجدت الرقابة الشعبية الفعالة بالتأكيد ستتغير الاوضاع إلي الأفضل. بصراحة ما أحوجنا إلي قانون الادارة المحلية اليوم قبل الغد حيث أكد المهندس أحمد السجيني نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد في تصريحات صحفية أن مشروع القانون شهد 120 تعديلا علي مواده بالتوافق مع الحكومة .. وأن مختلف أطياف المجتمع شاركت في إعداده فماذا ننتظر؟! وللحق .. بقيت نصيحة للاحزاب والقوي السياسية التي تبحث لها عن دور بالشارع أن تسابق الزمن لاعداد كوادرها استعداداً لخوض انتخابات المحليات المرتقبة علي مستوي الجمهورية عقب صدور القانون ولائحته التنفيذية .. فهل يبدأون؟! أتمني