جاء فوز "فرنسوا هولاند" كمرشح للحزب الاشتراكي الفرنسي الذي كان رئيساً سابقا له في انتخابات الرئاسة القادمة ليمثل تحديا قويا أمام الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي سيكون مرشح اليمين في تلك الانتخابات المقرر اجراؤها العام القادم وكان هولاند "57 سنة" قد فاز في جولة الاعادة للانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح الحزب بعد حصوله علي 56% من أصوات الناخبين مقابل 44% لمنافسته مارتين أوبري زعيمة الحزب والتي ستظل زعيمة له. وكانت انتخابات غريبة في تفاصيلها تقترب من انتخابات الرئاسة الفعلية فقد اقترع فيها أكثر من 5.3 مليون ناخب من أعضاء الحزب ومؤيديه وتعين علي كل ناخب سواء من الحزب أو خارجه دفع مساهمة قدرها يورو واحد وتوقيع ميثاق يؤكد فيه موافقته علي قيم اليسار من خلال التصريح التالي "اعترف بقيم اليسار والجمهورية ومشروع قيام مجتمع يؤمن بالحرية والمساواة والزخوة والعلمانية والعدالة والتقدم المتضامن". ويري المراقبون ان اجراء تلك الانتخابات بهذه الطريقة أكسب الحزب الاشتراكي شرعية قوية في الشارع السياسي الفرنسي وعزز من فرصه في انتخابات العام المقبل وتدعم هذا الاعتقاد بعدما أقرت المرشحة الخاسرة مارتين أوبري بهزيمتها في الانتخابات معلنة تأييدها لمنافسها السابق هولاند والتفاف الحزب كله وراءه لالحاق الهزيمة بالرئيس الحالي ساركوزي وطي صفحة اليمين بعد 15 سنة ي الحكم. ورغم ان هولاند لم يشغل أي منصب وزاري من قبل وهو ما كان يؤخذ عليه من قبل منتقديه لاعتباره يفتقر إلي الخبرة فانه يحظي بشعبية واسعة النطاق في الشارع الفرنسي.. فقد سعي دائماً لتأكيد حبه لأسلوب الحياة البسيط وذلك علي خلاف حياة البذخ التي عرف بها الرئيس الحالي كما حاول اثبات انه قادر علي التحرك في كل مكان والالتقاء بكل الطبقات كما ظهر في صورة الشخص القادر علي تقديم الاقتراحات في كافة المسائل الجوهرية مثل قايا الشباب والعدالة الضريبية والتربية وعجز الميزانية وأزمة الديون. ويري المراقبون ان فرص فوز هولاند في الانتخابات القادمة تعتبر قوية إلي حد كبير حيث أظهرت معظم استطلاعات الرأي التي أجريت خلال الاسابيع الأخيرة ان ثلثي الفرنسيين لن ينتخبوا الرئيس ساركوزي بسبب استياء الرأي العام من أداء حكومته خاصة في ادارة اقتصاد البلاد.. فقد حصل ساركوزي علي لقب الرئيس الأقل شعبية في الجمهورية الفرنسية الخامسة وهو يعكس خيبة أمل الفرنسيين من سياساته علي المستويين الداخلي والخارجي فهو لم ينجح في رفع مستوي معيشة الفرنسيين وفشل في الوصول إلي حلول حاسمة لمكافحة البطالة التي بلغت 10% وهو ما أدي إلي تردي الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للمواطنين كما رأي البعض ان شخصية ساركوزي- المجري المولد واليهودي الأصل- تبدو للشعب الفرنسي مغايرة للصورة الرئاسية التي يرغب فيها المواطن الفرنسي فهو كثير التوتر ومزاجي ولديه قناعة دائمة بانه هو الأقدر وأنه دائماً علي حق وهو ما زاد من تدهور شعبيته. أما علي الصعيد الخارجي.. فلم تحظ سياسات ساركوزي بقبول من جانب الشعب الفرنسي حيث اتخذ مواقف تتطابق إلي حد كبير مع سياسات أمريكا في معظم القضايا لتفقد الدبلوماسية الفرنسية بذلك أهم ما كان يميزها منذ الخمسينات من القرن الماضي وهو استقلالية السياسة الخارجية الفرنسية عن السياسة الخارجية الأمريكية وهناك من يري ان الموقف الفرنسي تجاه أحداث العالم العربي قد ساهم في خفض شعبية ساركوزي الذي اتخذ موقفاً متردداً منها خاصة ثورتي تونس ومصر. وهو ما حاول ان يتداركه من خلال اتباع سياسة أكثر نشاطاً تجاه الأحداث في ليبيا وسوريا. وقد شهدت الأشهر الماضية عدة مؤشرات علي تراجع شعبية الرئيس ساركوزي ومعسكر اليمين والتي كان أبرزها فوز أحزاب اليسار الفرنسي بأغلبية تاريخية في الانتخابات الجزئية التي أجراها مجلس الشيوخ في سبتمبر الماضي ملحقة الهزيمة بحزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" اليميني الذي يتزعمه ساركوزي وتعد هذه أول أغلبية للاشتراكيين في مجلس الشيوخ الفرنسي منذ أكثر من خمسين عاماً.. ويحذر المراقبون هولاند من الاعتماد علي استطلاعات الرأي وينصحونه بالعمل بجد حتي موعد الانتخابات لتحقيق الفوز والا يظن انه ربح المعركة قبل ستة شهور من موعد الاقتراع ويتميز هولاند بأسلوبه البارع والمؤثر كخطيب وبابتسامة ترتسم علي وجهه دائماً وهولاند هو والد الأبناء الأربعة لسيجولين رويال مرشحة الحزب الاشتراكي الخاسرة أمام ساركوزي عام 2007 ويس زوجها وهو يعيش حالياً بدون زواج أيضاً مع الصحفية الشهيرة فاليزي تريرفيلر.