البرد قارس والأمطار غزيرة زادت أمواج البحر هياجاً والرياح تفقدك توازنك حتي أنك تجاهد أمامها لتثبت قدميك علي الأرض فأين المتعه في هذا كله ومن أين أتي الإحساس بالسعادة والحرية والجمال الذي غمرني. سؤال خطر بذهني وأنا أسير علي كورنيش الإسكندرية في أكثر أوقات السنة صقيعاً وأنا التي لا يوجد بينها وبين البرد أي انسجام أو عمار. وجدت الإجابة واضحة بذاتها وهي باختصار أن السعادة التي نبحث عنها في كل شيء وفي كل مكان توجد داخل أعماقنا ونحن من يطبعها علي العالم الخارجي وليس العكس فنفس الحدث بكل تفاصيله مع نفس الشخص يعيشه في كل مره بشكل مختلف وفق مشاعره الداخلية وحسب ما يحب أن يعيشه فهل يختلف إثنان علي أن الإزدحام كلما زاد كان خانقاً مثيراً للتوتر.. فماذا عن الازدحام داخل مدرجات الملاعب والاستاد وفي الحفلات.. الشابيبة التي يتكدسون فيها ويقفون لساعات طويلة بكل متعه وشغف. ومن يكره بشده الوقوف في أي طابور لقضاء مصالحة التقليدية هو نفسه من يقف طويلاً في طوابير التذاكر في السينما أو الملاهي الكبري وغيرها أمثله كثيرة تؤكد أننا من نضفي السعادة والجمال علي ما حولنا. من المؤكد أن هذه الحقيقة ليست من اكتشافي لكن توصل إليها علماء النفس والشعراء بل وإناس عاديون كثيرون وكنت ايضا اعرفها من قبل فمن منا لا يعرف رائعة الشاعر إيليا أبوماضي "فلسفة الحيا" وآخر بيت فيها كن جميلاً تري الوجود جميلاً لكن فرق كبير بين المعرفة والوعي والإدراك ثم العمل وفقها جميعاً فهناك لحظة فارقة يفتح بيها الله عليك بتدبر آية سبق أن قراتها مئات المرات وإذا بك تفهم منها معني جديد كأنك نقرأها لأول مره. أو ينعم الله عليك بفهم عميق لمعلومة قديمة يشكل حياتك القادمة كلها. ..الاستثمار الحقيقي في رأي لمن تضيء هذه الومضة بداخله أن نتعلم ونعلم أولادنا أن يروا الجمال في كل قيمة حقيقية بداية من جمال الخالق المعبود الذي يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر وما جعل علينا في الدين من حرج وكتب علي نفسه الرحمه وفتح لنا من أبواب الاستغفار والتوبة والخير ما لا يعد ولا يحصي مروراً بكل شيء وكل حدث تقابله في حياتنا. لو نجحنا هذه المهمة سنعبد الله سبحانه كما يريد بحب وتفكر وتدبر وليس كعادة ثقيلة نريد أن ننهيها لنستريح منها وليس بها وقتا سيتحقق المراد منها بشحن طاقتنا من مصدرها الحقيقي ونري ثمرتها في حياتنا كلها فالله المستعان.