المقدسات الإسلامية تتعرض دائماً لأطماع بعض ذوي الهوي والأغراض الشخصية والنزعات العرقية والأطماع وحب الظهور والسعي لطمس هوية تلك المقدسات الإسلامية التي تحظي بحب وتقدير معظم وغالبية البشر. هؤلاء يبذلون أقصي الجهد لتشويه تلك المقدسات أو الإساءة إليها بأي شكل من الأشكال. العالم لم ينس "ابرهة الحبشي الذي قام ببناء كنيسة هناك في أرض اليمن ودعا الناس لكي يحجوا إليها حقداً وغلاً ضد بيت الله الحرام وأعد جيشاً يتقدمه "الفيل" في محاولة ومكابرة لهدم هذا المكان المقدس لكن عندما وصل الجيش وأبي "الفيل" ان يتقدم خطوة نحو البيت العتيق رغم الضغوط التي تعرض لها من الضرب والإهانة. في النهاية باءت كل المحاولات بالفشل وقد أوضح القرآن الكريم تفاصيل هذا العمل الإجرامي في آيات سورة الفيل. هذه المقدمة أراها ضرورية لكشف تلك الأطماع خاصة ضد المقدسات التي تتعلق بها أفئدة كثير من البشر وما أشبه الليلة بالبارحة فها هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتحدي مشاعر المسلمين والمسيحيين ضارباً عرض الحائط بتلك المشاعر معلناً علي مرأي ومسمع من كل العالم ان "القدس" عاصمة لدولة إسرائيل المحتلة وغاصبة الأرض متجاهلاً هذا الشعب الذي تعرض للقهر منذ مائة عام علي يد "بلفور" ذلك الطاغية الإنجليزي وقراره الشهير الذي وصفه أهل التاريخ المنصفين "بأن من لا يملك أعطي من لا يستحق" وامتداداً لهذا المسلسل أصدر "ترامب" قراره المشئوم متحدياً كل من سبقه من الرؤساء الأمريكان وكذلك مليارا مسلم أو أكثر. فهل مات ضمير هذا الرئيس الأمريكي الذي انحاز لليهود دون تقدير لدوره في تحقيق السلام وإعادة التوازن للقضية الفلسطينية وإحلال السلام بين الجانبين تحقيقاً للعدل ودون انحياز لطرف علي حساب الطرف الآخر. لكنه اتخذ هذا الموقف بصلف وغرور وألهب المنطقة وأشعل العالم الإسلامي وتعددت المظاهرات التي تندد وتستنكر الاجراءات التي اتخذها ترامب وتحدي الجميع لتعسفه واجترائه علي القدس الشريف مسري ومعراج رسولنا الكريم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم. لقد ارتكب "ترامب" أغرب جرائمه في القرن الواحد والعشرين واساء إلي صورة أمريكا تلك القوة العظمي راعية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين ومن واجبها تحقيق العدل وانصاف شعب يبحث عن حقه وأرضه منذ مائة عام.. تعنت ترامب وانحيازه لليهود يؤكد ان أمريكا فقدت مصداقيتها في المشاركة في علاج أي من القضايا الدولية وأتاحت الفرصة لشعوب العالم في تحدي القرار التعسفي لترامب وقد أنطلقت الأصوات تطالب بمقاطعة المنتجات الأمريكية في الشرق الأوسط وسائر بلدان العالم الإسلامي. وقد اعتبرت تلك الشعوب ان المظاهرات والتنديد والاستنكار لا تكفي في مواجهة الصلف والغرور "لترامب" ولابد من اجراءات لحماية "القدس" من التعسف واتخاذ مواقف فعالة واللجوء إلي المنظمات الدولية وفي المقدمة الأممالمتحدة ومجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية ورفع مطالب الفلسطينيين أمام هذه الجهات والمطالبة بتطبيق القانون الدولي الذي يرفض هذا القرار الظالم ولاشك ان المدينة المقدسة تستصرخ الضمير العالمي للتضامن مع دول العالم الإسلامي والعربي واتخاذ خطوات تحول دون تنفيذ هذا القرار الظالم علي أرض الواقع خاصة بعد ان تجاوز التعسف كل الخطوط. كما ان أمريكا تتعرض لضربات انتقامية من الإرهاب وما جري في ولاية منهاتن يعتبر أبلغ دليل. وسوف تشهد باقي الولاياتالأمريكية أعمالاً مماثلة خلال أعياد رأس السنة الميلادية القادمة. وعلي الجانب الآخر يجب ان يستيقظ العالم العربي من سباته واستعادة اليقظة والمبادرة السريعة لجمع الصفوف ووحدة الرأي والهدف وعلي الفلسطينيين رأب الصدع بين الفصائل واتمام عملية المصالحة في أقرب وقت وعلي الجامعة العربية ان تنهض بدورها وتحريك المؤسسات والهيئات العالمية لاتخاذ خطوات لوقف القرار الظالم والسعي بصفة دائمة لمنع تنفيذه علي أرض الواقع ان القدس سوف تظل عربية إسلامية ولن يغير قرار ترامب هوية تلك المقدسات. ويا أبناء العالمين الإسلامي والعربي بادروا لحماية القدس قبل فوات الأوان.. نتطلع إلي تحركات تتواءم مع هذا الحدث الخطير.