الإنتاج السينمائي لمصانع الترفيه الأمريكية "ماركات" عالمية ومتلك "علامة تجارية" وحقوق ملكية وهذا كله يلخصه مصطلح نقرأه كثيراً وهو "Fran Chise).. ومنذ بدايات السينما استطاعت بعض هذه المصانع أن تهيمن بإنتاجها علي أمزجة وعقول جمهور السينما وتشكل أذواقهم وتولد لديهم "هوس" وحماس بهذا النوع من الترفيه.. فمن منا يجهل اسم "والت ديزني" مثلاً أكبر استوديو في العالم لإنتاج وسائل الترفيه منذ أن تأست عام 1923 علي أيدي والتر إلياس ديزني رجل الأعمال "1901 1966" والمنتج والسيناريست والشخصية الأشهر التي أبدعت أشهر الشخصيات الكرتونية التي عشقها الكبار والصغار فوق كوكب الأرض. ومن منا لم يحلم بزيارة "ديزني لاند" التي أصبحت مملكة إعلامية عملاقة لا تكتفي بأفلام الرسوم بل امتد نشاطها إلي جميع أنواع الوسائط الجماهيرية من كتب وألعاب وملابس وشرائط موسيقية وأغاني مرتبطة بأفلام أصبحت علامات بارزة في تاريخ صناعة الترفيه؟ فهل يوجد من هو أشهر من الفار "ميكي ماوس" والغزال "بامبي" الذي لا أنسي تأثيره العاطفي النافذ عندما شاهدت الفيلم لأول مرة. ومع التطور المذهل لمنتجات صناعة الترفيه لم يعد "ديزني" منفرداً وحده بالسوق الضخم المنتشر في جميع مدن العالم. ولكن أنتجت هذه الصناعة نفسها عشرات الاستوديوهات ومعها عشرات التجارب والسلاسل السينمائية التي أصبحت علامات بارزة ومنها سلاسل أفلام حققت أعلي الإيرادات في تاريخ السينما. مثل سلسلة "حرب النجوم" للمخرج الأمريكي جورج لوكاس والذي باع مؤخراً حق امتيازها لشركة "والت ديزني" هناك أيضاً سلاسل "سوبرمان" و"بات مان" و"سبيدر مان" وكلها علامات وتمتلك حقوق امتياز "Fran Chise) ولا ننسي "جيمس بوند" و"هاري بوتر" و"إكس مان" و"المتحولون" و"المنتقمون" إلخ. وتعتبر شركة "مارفيل كوميكس" و"عالم مارفل السينمائي" من هذه المؤسسات الناجحة في صناعة الترفيه فقد أنتجت سلاسل من الأفلام الناجحة بدأتها "بالرجل الحديدي" "2008" Iron man والمنتقمون "2012" والرجل النملة "Ant man) "2015" وفيلم "كابتن أمريكا الحرب الأهلية" وآخر هذه السلسلة ذات العلامة التجارية "الفرانشايز" أفلام "ثور" "THOR) الذي يعرض في القاهرة حالياً الجزء الثالث منها بعنوان "ثور اجناروك" ويعتبر من الأفلام الناجحة نسبياً وسط مجموعة الأفلام المعروضة في القاهرة الآن. الرجال الخارقون و"عالم مارفل السينمائي" أحد الوسائط الجماهيرية التي تركز علي تقديم الأبطال من ذوي القدرات الخارقة ممن اكتسبوا شهرتهم قبل الانتقال إلي الشاشة من خلال المجلات والكتب المصورة الفكاهية التي أصبحت مصدراً مهماً للاقتباس ومعيناً لا ينضب للحكايات الخيالية والقصص التي تدور في الفضاء الخارجي ووسط الكواكب وشقت ممرات وأروقة للفانتازيا المدهشة! "ثور" الذي يلعب دور "كريس همورث" أحد هؤلاء "الخارقون" الذين يجيدون القتال والقفز والطيران. ومثل أبطال الأساطير لديه نقطة الضعف التي يمكن أن تغير مسار حياته.. إنه أحد حكام الكوكب "أسجار" الخيالي المتميز بحضارته المتقدمة وبسكانه ذوي الجنس المتقدم في مجال التكنولوجيا وقد سبق الإشارة إليه في سلسلة أفلام "ستارجيت" وتم ذكرهم في الجزء الأول من سلسلة أفلام "ثور THOR". ولذلك توجد تفاصيل كثيرة في الجزء الثالث المعروض يتعذر فهمها بالنسبة للذين لم يشاهدوا الجزء الأول والثاني من هذه السلسلة. وبطل الفيلم في هذا الجزء الأخير يطرد ثم يهرب من موطنه الأصلي فوق أحد الكواكب ومعه مواطنون إلي جانب شقيقه "لوكي" "توم هيدلستون" وهؤلاء يجدون أنفسهم فوق كوكب الأرض حيث يواجه "ثور" قوي جبارة تصارعه بينما يصارع هو الزمن من أجل العودة لإنقاذ وطنه "أسجار" قبل أن يتم تدميره والاستيلاء عليه وعلي باقي مجرات الكون من قبل "اجناروك" و"صيلا" "ربة الموت" إلي جانب "هلك" العملاق الذي يعتبر بمثابة الة للقتل المدمرة. و.. إلخ. صناع هذا الفيلم والجزأين السابقين ينقلون المتفرج إلي الأجواء الأسطورية لعالم خيالي تدور وقائعه في الكون والمجرات البعيدة. والمسكونة بشخصيات من وحي الخيال. معظمها في هذا الفيلم شخصيات فظة لا تعرف العطف. وبلا قلوب. ولا يمكن تصديق الخوارق التي صنعت للترفيه والهروب دون التدقيق في قواعد المنطقة وإمكانيات التحقق علي أرض الواقع. أساطير العالم الحديث وقد اتفق كثير من الكتاب وعلماء الاجتماع أن السينما بحكاياتها غير المحتملة وأجوائها البعيدة وأبطالها وخيالها العلمي ووقائعها الخيالية في عوالم "الغرباء" تعيد إحياء الأساطير القديمة اليونانية والرومانية. وتستنسخ "الآلهة" في العصور السحيقة بأبطال الخوارق السينمائية والتي ابتكرها الخيال البشري الذي لا يكف عن الابتكار. ومع تطور التكنولوجيا وتفوق الخيال السينمائي المرئي إلي جانب أساليب العرض الجديدة وأفلام البعد الثلاثي "3D) وإمكانيات الكومبيوتر في تصنيع المؤثرات البصرية والسمعية وإنتاج الصور والأماكن والكواكب و.. إلخ. مع كل هذا ولدت نوعية من الأفلام تضاهي أساطير زمان.. وإن كان هناك فارق رئيسي يجعل من تلك الأساطير القديمة قيمة أكبر وأبقي ألا وهي قيمة "الفكر" الذي يقف وراء الصراع ووجود "القيم" الإنسانية التي يصارع من أجلها الأبطال. والعبر الخالدة وراء الخيال والمعاني العظيمة التي تتجاوز الخطوط الفاصلة بين الحضارات الإنسانية المختلفة والأجناس بألوانها. لست من عشاق هذه النوعية من أفلام الأبطال "السوبر هيرو" وإن وفرت الفرصة للهروب إلي ما يجود به الخيال المرئي وحكاياته غير المنطقية. ولكن من قال إن الترفيه الجموح والصاخب المشحون بمشاهد الاقتتال والصراع والمغامرات المستحيلة يحتاج إلي منطق؟ إنه عمل ترفيهي هروبي محمل بالحركة وبالمناظر الاستعراضية لأماكن خيالية مع شحنة من المواقف الفكاهية. فلو أتت من الذين يبحثون عن شخصيات ذات قوام وتركيبة إنسانية متسقة ومتناغمة. عليك ان تبحث عنها في أعمال أخري. ولو كنت من المغرمين بدراما تقوم علي بناء متماسك ومصداقية تكشف عن نفسها أثناء تطور الوقائع التي تضمها الحبكة عليك ان تبحث عن "علامة تجارية" تمثلها سلسلة أخري ولتكن "كوكب القرود" مثلاً أو "حروب الكواكب". ومع ذلك فلا أحد إمكانه قأن ينكر أن النسبة الأكبر من جماهير السينما تبتهج بأفلام علي غرار "ثور" والبعض يجد في الفرجة عليها متعة مفرطة في الإثارة. ومن فوائدها انه يمكن للمرء أن يرصد المدي البعيد الذي وصلت إليه لغة العصور وقدرتها علي ترجمة الخيال بأسلوب حسي مذهل.. وهناك في هذا الحقل من الإبداع البصري شواهد علي ارتباط التطور السينمائي بتطور المجتمعات التي تنتجها وارتباط الخيال البشري لهذا التطور نفسه. فلا عجب إذن من تفوق هوليود الكاسح واستئثارها بجماهير السينما. فيلم مثل "ثور أجناروك" من المستحسن ألا تشاهده بعقل مفتوح وعليك ان تكتفي برصد عناصر التفوق في الأداء التمثيلي والمواصفات الجثمانية للنجوم "الخوارق" واللياقة الرائعة للبطلات في هذا الفيلم "كيت بلانشيت" وتأمل صور جموع اللاجئين من كوكب "سجارد" التي صنعها الكمبيوتر والإيهام المرئي لمواقع الأحداث في السماء وعلي الأرض وأسلوب توظيف الألوان والملابس وخلق شخصيات أخري مثل شخصية "هلك" التي ظهرت في أعمال كثيرة وتابع هجرة الأخوين "ثور ولوكي" وضياعهما وسط المجرات في الكون أثناء هبوطهما من السماء فالإيقاع في هذا السرد يخضع لقواعد مختلفة. فلا يوجد "إيقاع" متزن أو متوازن فقط شخصيات خارقة نتابعها في إندفاعاتها ومخرج لديه هدف وأسلوب "تيكا واتيتني" ومن بين عناصرها البارزة توليد الفكاهة إلي جانب الإحساس بالمغامرة والاندفاع والاحتواء عبر مشاعر الدهشة والحكايات الفرعية "الأسطورية مثل علامة" "المطرقة" العجيبة التي كانت إحدي أدوات القوة للبطل "ثور" وتأثير فقدانها عليه. وتتباين ردود أفعال الجمهور إزاء هذه النوعية من الأفلام فالبعض يجدها رائعة جداً وممتعة ومثيرة للضحك وصالحة للفرجة لجميع الأعمار ويمكن أن تعجب الكبار والصغار ولكل المستويات الثقافية وبعض النقاد يجدون ان هذه النسخة من السلسلة الأفضل. بل انها الأفضل وسط كل الأعمال التي أنتجتها شركة عالم مارفل السينمائي وبعض المتفرجين منحها النمرة النهائية في تقييمه النهائي. فكل الأشياء في هذا الفيلم الذي يحتفي به الجمهور في القاهرة أكثر ربما من الأفلام المعروضة إلي جواره في المجمع السينمائي تبدو طريفة ومسلية ولها مريدون.