لا تزال ردود الأفعال الغاضبة مستمرة بين أهل الفن بسبب اصرار المنتجين علي العبث وتشويه أغاني التراث وتقديمها في الأفلام التجارية كغنوة راقصة وهو ما حدث في فيلم "أمان يا صاحبي" لسعد الصغير ومحمود الليثي وتشويه أغنية كوكب الشرق "فكروني" وإضافتها للفيلم بتوزيع جديد يقلل من قيمتها الفنية وهو الأمر الذي رفضته الرقابة علي المصنفات الفنية وجمعية المؤلفين والملحنين والموسيقيين والفنانين والذين اعتبروا ان هذا يعد استكمالاً لتشويه التراث مثلما حدث من قبل في فيلم "القشاش" وتقديم غنوة "علي رمش عيونها" للفنان وديع الصافي وأغنية "مغرور" و"جبار" لعبدالحليم وقدمها ريكو في فيلم "حاحة وتفاحة" و"حب إيه" لأم كلثوم وقدمها محمد سعد في فيلم "اللمبي" وغيرها. "المساء الاسبوعية" فتحت الملف مع عدد من الموسيقيين والفنانين ودور نقابة الموسيقيين وجمعية المؤلفين والملحنين بعد حالة الجدل داخل الوسط الفني حيث أجمع البعض علي انه مخطط ومؤامرة للقضاء علي الفن المصري ومنهم من يري انها افلاس وفشل واستغلال لنجاح تلك الأغاني والألحان وتقديمها كغنوة راقصة مشوهة في شكل كاريكاتيري كوميدي لا يليق بعمالقة الفن المصري. اعتبر الموسيقار الموجي الصغير ان تشويه الأغاني التراثية مؤامرة علي الفن المصري فضلاً عن انها سرقة لمجهود ناس تعبوا كثيرا وأبدعت حتي تنجح أعمالهم فضلاً عن تقديمه بشكل مشوه علي آذان الأجيال الحالية التي ليس لديها فكرة عن التراث ويعد ذلك جريمة لابد وأن يتم التصدي لها بكل قوة مؤكداً علي انه قام برفع عدة قضايا لسرقة أغنية "يا حبيبي واحشني" من ألحان والده محمد الموجي وغناء الفنانة فايزة أحمد وأغنية "بتخاصمني حبه" وتقديمها بشكل غير لائق علي مشاهد للرقص وشرب الخمر وغيرها بالإضافة إلي تشويه غنوة "يا عمي يا صياد" التي قدمتها الفنانة سعاد حسني في فيلم "صغيرة علي الحب" كسبوا من وراء هذه الأغاني الملايين. تساءل الموجي: هلي السبكي والليثي وسعد الصغير ليسوا غيرانين علي تراث بلدهم ويصرون علي التشويه بهذا الشكل؟ ولماذا لا يستعينون بملحنين ومؤلفين ليقدموا أغاني جديدة تتناسب مع أحداث الفيلم بدلاً من استغلالهم لنجاح الأغاني التي أثرت في وجدان الناس من أجل جذب الجمهور وارتفاع الايرادات؟ لاسيما انه افلاس والاستناد علي الأغاني الناجحة وطمث للتراث المصري ولابد من محاكمتهم علي هذه الجرائم. الموسيقار هاني مهني يري ان اعتماد المطربين الشعبيين والمنتجين علي نجاح أغاني الزمن الجميل ما هي إلا سبوبة فضلا عن عدم وجود محتوي كوميدي أو أصوات تستطيع أن تستكمل بها أحداث الفيلم وفي النهاية هذا إفلاس كوميدي ومن ثم أصبحوا يعكزون علي أغاني التراث مؤكداً ان التراث المصري عبارة عن مجموعة كنوز لا يجب السماح لأحد بالعبث به وبأصوله خاصة ان أم كلثوم وعبدالوهاب والسنباطي والموجي وغيرهم لن تهتز أغانيهم بهذا الكاريكاتير الذي يقدمه المطربون الشعبيون. مشيراً إلي انه حزين علي الأجيال الحالية من حالة التخبط بين الأغاني التراثية والاستنساخ الذين يسمعونه من المطربين الشعبيين. أوضح مهنا: لا يجرؤ أي منتج أو مطرب علي تقديم أي عمل إلا في حالة حصوله علي تصريح من جمعية المؤلفين والملحنين والورثة وللأسف الشديد كثيرا ما تصدت لهم الجمعية بقوة ضد العبث في التراث وتتفاجأ بحصولهم علي الموافقة من الورثة الذين يضعفون أمام المال دون أن يقدروا قيمة المجهود الذي بذل لكي تنجح الغنوة. اتفق معهما الموسيقار الكبير حلمي بكر في الرأي معلقاً علي ذلك بقوله انه يعني الفشل ويحدث ذلك لأن مطربينا ناموا في العسل وفقدوا الأهلية ولا تنجح أعمالهم إلا إذا كانت كلها "مرقعة". مشيراً إلي أن عدداً من المطربين اعتادوا السرقة وأصبح لا يوجد ملحن قادر علي تقديم أغنية وتنجح مشيرا إلي أن الحل هو أن نصرخ ولكن في النهاية "اللي عايز يعمل حاجة بيعملها" لأنه لا يوجد تفعيل للقانون. وعلقت المطربة عفاف راضي قائلة: أغاني التراث محفورة في قلوب ومشاعر الناس مهما حاولوا تشويهها ستظل كيانا قائما بذاته لن يتغير مع الأيام وستظل محفوظة لاسيما وان المطربين الحاليين لا يسعون إلي الجهد والتعب في البحث عن لحن وكلمات ويفضلون أن يستثمروا نجاح أغاني التراث ويحصلون علي الملايين دون الاستئذان من أصحاب الحق في الغنوة سواء كان المؤلف أو الملحن أو الورثة مؤكدة انها تعرضت أيضاً لسرقة أغاني قدمتها واصفة إياهم بأنهم بلا ضمير ولا ذوق في سرقة مجهود وتعب فنانين أخذ وقتا كثيرا منهم حتي تنجح الغنوة. تضيف: المجال مفتوح أمامهم لماذا لا يقدمون أعمالهم التي تعبر عنهم وينجحوا بأنفسهم مثلما تركنا نحن كنوزا تعبر عنا وفي حالة وجود قوانين صارمة وقواعد احترمها الجميع تصبح حقوق الجميع محفوظة بدلاً ما هي متروكة مباحة لهم. اختلف المطرب أحمد ابراهيم معهم في الرأي قائلاً: كنت من أوائل المطربين الذين أحيوا أغاني تراث محمد عثمان وعبده الحامولي وداود حسني وسيد درويش وغيرهم وبالتالي لا مانع من إحياء أغاني التراث وهذه ظاهرة جيدة لإعادة الأغاني الجميلة بأصوات مطربين شعبيين مؤكداً انه يؤيد ذلك شرط دون المبالغة الشديدة لكي تكون غنوة راقصة وتنويعات شعبية والتنطيط الذي نشاهده خاصة ان اللحن الأصلي ممتع ولا يحتاج للمبالغة فضلاً عن ان أغاني التراث استخدمت بها آلات موسيقية تقليدية في حين ان هناك آلات موسيقية حديثة ومتطورة فلا مانع من احيائها مرة أخري بأصوات شعبية ولكن دون تشويها أو تحريفها احتراما للحن وأذن المستمع الذي ارتبط بأغاني أم كلثوم وعبدالحليم وله ذكريات جميلة مرتبطة بهذه الأغاني وضرب احمد ابراهيم المثل بغنوة "علي ايدك" للفنان عمر خورشيد والتي قدمتها المطربة شيرين ولاقت نجاحا كبيرا. الموسيقار حسن إش إش عضو جمعية المؤلفين والملحنين: هناك تصريح يمنح لأغاني التراث شرط تقديمها بدون تحريف ولكن ما يحدث ان المطرب يحصل علي التصريح ويقوم بتحريفه كغنوة شعبية راقصة يتماثل عليها وهناك إجراءات صارمة اتخذتها الجمعية وكانت سبباً في وقف فيلم "أمان يا صاحبي" بالتعاون مع الرقابة علي المصنفات الفنية وبدورها تم وقف الفيلم من العرض وعلي الرغم من ذلك نجد الأغاني تذاع علي قنوات الأغاني الفضائية وعلي الانترنت ويعد هذا تلاعبا علي الرقابة للمصنفات الفنية وعلي عقول المشاهدين. مشيراً إلي أن هناك شكاوي عديدة مقدمة بالجمعية منها أغنية "يا بحر يا" للمطرب وائل الغمراوي لسرقة هذه الغنوة من ألحاني. كلمات شوقي صقر وقدمها سعد الصغير في نفس الفيلم وتم ارسال عدة إنذارات للقنوان لوقف اذاعتها كما تم رفع عدة قضايا للحفاظ علي الحقوق الملكية والفكرية. أضاف اش اش: انتشرت ظاهرة سرقة الأغاني منذ انتاج أفلام المقاولات الهابطة وهدفها المكسب غير الشرعي من خلال سرقة الألحان دون الحصول علي تصريح من الجمعية وتقديمها في الأفلام مع راقصة وكل هدفهم اثارة الغرائز وهذا يعد "إهانة" للتراث المصري. ناشد اش اش نقابة المهن الموسيقية برئاسة الفنان هاني شاكر تفعيل دورها بقوة قانون النقابة واتخاذ الإجراءات القانونية ضد سرقة التراث والكنوز المصرية ووقف المطرب وعدم التصريح له بالغناء وذلك للارتقاء بالمهنة والذوق العام. الدكتور رضا رجب عضو مجلس نقابة الموسيقيين: كل ما يسيء للفن تتخذ النقابة ضده إجراءً ويخضع للتحقيق وسوف أتقدم بمذكرة للتصدي لسرقة وتشويه أغاني التراث والكنوز المصرية ومناقشتها في اجتماع مجلس ادارة النقابة القادم ومن المقرر أن تتخذ النقابة الإجراءات القانونية للتصدي لهذه الظاهرة. بغضب شديد اتهم رجب المنتج السبكي بأنه السبب في تدمير الفن المصري بعدما قدم في الأفلام الدعارة والمخدرات والبلطجة والعنف في أعماله لم يكتف بذلك بل دخل علي المزيكا والأغاني التراثية لعمالقة مصر أم كلثوم وعبدالوهاب ولابد أن نتصدي لهم بقوة القانون. أضاف: ما نشعر به الآن مخطط للقضاء علي الفن المصري وتصبح مصر كمن يقدم فناً "هلس" بعدما كنا نتباهي بعمالقة الفن مثل السنباطي وبليغ حمدي وكمال الطويل وعمار الشريعي وأم كلثوم وعبدالحليم وغيرهم. أضاف: معظم استوديوهات التسجيل أغلقت لعدم وجود أعمال غنائية جديدة وبالتالي المطربون والمنتجون أصبحوا متطاولين علي الفن ويقومون بالعبث في أغاني التراث ويستخدمونها في الأفلام وإعلانات الشركات وإذاعتها في الإذاعة التي أصبحت يسيطر عليها شركات الإنتاج وبالتالي الأغاني أصبحت سلعة تباع في "السوبر ماركت".