أكد د.أحمد عادل درويش نائب وزير الإسكان لشئون التطوير الحضري والعشوائيات أن القيادة السياسية تعطي اهتماماً خاصاً بالقضاء علي العشوائيات والتخلص منها نهائياً خلال فترة زمنية محددة وأنها أمرت بتوفير أي ميزانيات تحتاجها عمليات التطوير والتحديث مهما كانت من أجل ضمان توفير حياة آدمية كريمة لكل المواطنين. قال في حواره ل "المساء الأسبوعية" إن مصر ستنجح في القضاء علي كارثة المناطق العشوائية غير الآمنة وهي أخطر أنواع العشوائيات بحلول نهاية عام 2018 حيث إن الخطة تسير وفق المعدلات الموضوعة بدقة شديدة وأنه سيتم نهاية هذا العام إعلان 3 محافظات خالية تماماً من المناطق غير الآمنة وهي بورسعيد والبحر الأحمر والسويس. أضاف أن منطقة "تل العقارب" بالسيدة زينب ستتحول إلي منطقة مختلفة تماماً منتصف العام القادم حيث روعي في التصميم الجديد لها أن يكون علي أعلي مستوي وملبياً لاحتياجات سكان المنطقة بأكملها وأنه سيتم الانتهاء تماماً من تطوير منطقة مثلث ماسبيرو خلال 3 سنوات. أوضح أن الدولة مستعدة لتلبية مطالب سكان المناطق العشوائية التي سيتم تطويرها سواء بالبقاء في نفس المكان بعد انتهاء عملية الإصلاح أو الحصول علي مقابل كتعويض مادي أو الحصول علي شقة بديلة يختارها المواطن من المناطق المتوافر بها وحدات سكنية. أشار إلي أن التعامل مع عشوائيات القاهرة تحديداً يحتاج إلي تقنيات خاصة ويستلزم نفقات أعلي بسبب التكدس الرهيب بها وكذلك لعدم الإضرار بالمرافق الموجودة بهذه المناطق. أكد أن رجال الأعمال لم يقدموا أي مساهمات في مشروعات تطوير العشوائيات بالقاهرة رغم الإعلان من جانبهم كثيراً عن رغبتهم في المساعدة ليخذلوا من راهن علي هذا الأمر. * تمثل التكلفة المادية عقبة كبري أمام تطوير العشوائيات فهل تم حل المشكلة حالياً؟ ** بكل تأكيد كان هذا يحدث في الماضي وكثيراً ما تسبب في إيقاف مشروعات كان العمل يتم بها وهو السبب أيضاً في تأخرنا في القضاء علي العشوائيات حتي الآن رغم أن الدولة أعلنت كثيراً عن اقتراب هذا الأمر وهي في هذه الجزئية معذورة تماماً حيث كانت الميزانيات هي السبب في هذا التأخير.. أما الآن فالصورة اختلفت تماماً ولم نعد نعاني من مشكلة في هذا الصدد حيث أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي تعليمات مشددة إلي جميع قطاعات الدولة وعلي رأسها وزارة المالية بتوفير أي ميزانيات مالية أو مخصصات نحتاجها فوراً وأعطي لهذا الأمر أولوية قصوي حتي ننتهي تماماً من هذه المشكلة المزمنة بكل ما تحمله من خطورة سواء علي أرواح المقيمين في هذه المناطق أو ما تسببه من مشاكل اجتماعية خطيرة حيث تحرص القيادة السياسية علي القضاء علي كل هذه السلبيات من أجل توفير الحياة الكريمة الآدمية لكل المواطنين مهما كان مستواهم الاجتماعي وقد ظهر هذا واضحاً في حجم الإنجاز الذي يتم في هذا الملف الذي تعرض للتعثر مرات عديدة إما بسبب غياب الرؤية المتكاملة للتعامل معه أو بسبب ظروف خارجة عن إرادة الجميع مثلما حدث في أعقاب ثورة 25 يناير حيث توقفت الكثير من المشروعات نظراً للأحداث التي كنا نمر بها وحالة الانفلات التي أثرت علي مجالات عديدة. 3 أنواع * ومتي نستطيع أن نعلن بالفعل أننا نجحنا في التخلص من هذه المشكلة تماماً؟ ** بداية يجب أن نعلم أن العشوائيات لها صور عديدة لكنها بصفة عامة تنقسم إلي 3 أقسام رئيسية وهي المناطق غير الآمنة والتي تمثل تهديداً مباشراً علي حياة المواطن وهي التي تقع في مخرات السيول أو علي السكك الحديدية أو تحت خطوط الضغط العالي وهذه بالتأكيد سيكون لها الأولوية وسنعلن مصر خالية منها تماماً مع نهاية عام 2018 والبداية ببورسعيد والبحر الأحمر نهاية هذا الشهر حيث سنتخلص تماماً من هذه الكارثة بها.. أما النوع أو القسم الثاني فهي المناطق التي لا تتوافر فيها الأساسيات للحياة الآدمية الكريمة مثل عدم وجود صرف صحي أو مياه نظيفة صالحة للشرب والنوع الثالث هي المناطق غير المخططة وتأتي في المرتبة الأخيرة من الاهتمام ولكن بصفة عامة القضاء علي هذين النوعين من العشوائيات سيستغرق من 10 إلي 15 عاماً حتي نقضي تماماً علي أي مناطق غير مخططة أو تفتقد للمرافق وهذه المدة ليست طويلة من وجهة نظري لمجموعة من الأسباب يأتي علي رأسها التكلفة الباهظة لعملية التحديث والتطوير وكذلك إيجاد مناطق بديلة صالحة لنقل سكان المناطق العشوائية إليها حتي ولو بصفة موقتة كما أن هذه المدة تتناسب مع المدد الزمنية في العديد من دول العالم التي قامت بالتصدي لهذه المشكلة مع اعترافنا باختلاف كل تجربة عن الأخري. تعاون كبير * تحتل منطقتا "تل العقارب" ومثلث ماسبيرو الكثير من الاهتمام فما هي آخر التفاصيل بشأنهما؟ ** فيما يتعلق بمنطقة "تل العقارب" فمعدلات العمل تتم وفق الخطة الموضوعة بل إنه في بعض الأعمال تم تحقيق نسب إنجاز أعلي من النسب المتوقعة وذلك راجع إلي توفير كافة الإمكانيات المطلوبة للعاملين في المنطقة وكذلك صرف مستحقات الشركات العاملة أولاً بأول وسيشاهد الجميع في منتصف العام القادم بإذن الله هذه المنطقة "شكل تاني" تماماً عن الصورة التي علقت بالأذهان عنها من اختفاء للحياة الآدمية وتلوث ومشاركة أكثر من أسرة في دورة مياه واحدة حيث روعي في المخطط الجديد لها أن تكون علي أعلي مستوي وتتوافر بها كافة الامكانيات والمرافق التي تخدم منطقة السيدة زينب بأكملها.. أما فيما يتعلق بمثلث ماسبيرو فالأمور أيضاً تسير بشكل جيد وسوف ننتهي تماماً من إخلاء السكان نهاية هذا الشهر حسب رغباتهم حيث طلب العديد منهم النقل إلي منطقة الأسمرات وبلغ عدد الأسر التي تم إخلاؤها حتي الآن حوالي 400 أسرة وسيتبقي 3500 أسرة يتم نقلهم تباعاً حسب رغباتهم إذا كان يتوافر في المكان الذي يختارونه شقة للسكن تابعة للوزارة أو محافظة القاهرة وأحب أن أشير هنا إلي أننا وجدنا تعاوناً كبيراً من المواطنين سواء في عملية القبول بالتطوير أو عملية النقل علي عكس ما أشيع في العديد من وسائل الإعلام. آراء المواطنين * لكن هذا التعاون لا ينفي أن هناك مشاكل حدثت بالمنطقة فما رأيك؟ ** ليست مشاكل بالمعني المعروف أو مثلما صوره البعض فنحن عندما نبدأ في العمل في أي مشروع يكون اهتمامنا الأول بالعنصر البشري وكيف يمكن أن يساعدنا في هذا الأمر وبما يحقق مصالحه في المقام الأول ويراعي احتياجاته وبالطبع المسألة التي أخذت الكثير من الاهتمام هي حول التعويضات وقد تم الجلوس مع المواطنين وتم حسم هذه المسألة وتم الاتفاق علي توفير 3 بدائل أمام سكان المنطقة الأول العودة إلي المنطقة مرة أخري بعد الانتهاء من عملية التطوير تماماً.. والثاني الحصول علي شقة بديلة في مكان آخر وقد اختار الغالبية الكبري من السكان منطقة الأسمرات بسبب ما تتمتع به من امكانيات حيث أقيمت علي أعلي مستوي والخيار الثالث الحصول علي تعويض مادي مناسب وهو يختلف من ساكن إلي آخر وليس مبلغاً ثابتاً ولكن يتوقف علي طبيعة المكان الذي كان يعيش فيه وعدد الحجرات التي يقيم بها أو يشغلها ويتم تحديد هذا الأمر من خلال وسائل إثبات عديدة وهذا في رأيي النظام الأمثل الذي يراعي مصلحة كل الأطراف والدولة جاهزة لتلبية رغبات المواطنين مهما كانت لأن العنصر البشي هو أساس أي تطوير ننشده. تجارب سابقة * هل معني هذا أن التطوير لم يعد قاصراً علي المنشآت فقط؟ ** هذا صحيح تماماً وعلي عكس ما كان يتم في تجارب حيث كان إعطاء كل الاهتمام من أجل تحديث البنية الأساسية من مرافق وخدمات وعدم الاهتمام بالعنصر البشري ولهذا لم يكن تطوير العشوائيات يترك الأثر المنشود بل في بعض الأحيان كانت المشكلة تعود أسوأ مما كانت أما الآن فالأمر يتم من خلال منظومة متكاملة تراعي كل الأشياء مثل الحرص علي توفير مناطق خضراء بالمنطقة أو نواد رياضية أو ساحات لمختلف الألعاب وكذلك دورات للسكان للحفاظ علي المنطقة والاهتمام بتوفير كافة المراحل التعليمية لضمان حصول أبناء السكان علي حقهم الإنساني في التعلم. أسباب عديدة * وكيف نضمن عدم عودة العشوائيات مرة أخري أو ظهور عشوائيات جديدة؟ ** السبب المهم في ظهور العشوائيات يعود إلي التنمية المنقوصة بمعني عدم تمتع كل مناطق الجمهورية بالخدمات والمرافق اللازمة لحياة الإنسان أو عدم وجود وظائف مناسبة تلبي الزيادة الكبيرة في عدد السكان ومن ثم نجد هناك محافظات طاردة يأتي علي رأسها محافظات الصعيد التي يقدم الكثير من أبنائها علي الهجرة الداخلية إلي المدن الكبري سعياً وراء هذه المتطلبات المفقودة في موطنهم الأصلي وغالباً ما يلجأ هؤلاء إلي أطراف المدن للإقامة والاستيطان ومن هنا تكون بدايات العشوائيات.. كذلك أزمة الإسكان التي نعاني منها وارتفاع الأسعار سواء للإيجار أو التمليك يزيد من حجم المشكلة حيث يلجأ المواطن للإقامة في أماكن غير مخططة لأن أسعارها في الغالب تكون مناسبة لإمكانياته المادية المحدودة والقضاء علي المشكلة يتطلب الحد من هذه الأسباب قدر الإمكان وتوفير بدائل للمواطنين تتناسب مع الإمكانيات المتوافرة لديهم وكذلك مواجهة أي مخالفات حتي ولو كانت بسيطة منذ البداية لأن تركها تستفحل ويحولها إلي بؤرة عشوائية رغماً عن أنف الجميع وعلي رأسهم السكان الذين من حقهم أن نوفر لهم الحياة الآدمية المناسبة. المناخ الآمن * وكيف تري مساهمات رجال الأعمال في مشروعات القضاء علي العشوائيات خاصة في العاصمة؟ ** للأسف المساهمات تكاد تكون معدومة فقد خذلوا من راهن علي أنهم سيقومون بالدور الاجتماعي لرأس المال بالمساهمة في مشروعات تنموية وعلي رأسها التخلص من العشوائيات خاصة أنهم أعلنوا عن هذا الأمر مراراً وتكراراً في وسائل الإعلام ولكن عند التنفيذ الفعلي علي أرض الواقع لم يقدم أحد شيئاً وهذا الأمر يعود إلي أن المجتمع المدني ومشاركته في التنمية مازال أمراً جديداً علينا ولم نتعود عليه مثلما يحدث في كثير من دول العالم رغم أهمية هذا الأمر حماية لرأس المال نفسه فعندما يسود السلام الاجتماعي ويعم الاستقرار وتزداد القوة الشرائية أغلبية المواطنين يكون المستفيد الأول هم رجال الأعمال والعكس صحيح تماماً فعندما تختفي تلك الأمور فأول من يضار هم رجال الأعمال أنفسهم وتصبح مصالحهم مهددة لأنه من المعروف لدي الجميع أن الاستثمار ونموه يبحث عن المناخ الآمن وإذا لم نسعي جميعاً جاهدين لتحقيق هذا المناخ الآمن بالكل سيتأثر سلباً.