يستحق الزميل العزيز الدكتور ضياء رشوان الكاتب الصحفي والباحث السياسي. رئيس الهيئة العامة للاستعلامات تحية خاصة علي المؤتمر الصحفي الكبير الذي عقده يوم الاثنين الماضي. لتنفيذ تقرير منظمة "هيومان رايتس ووتش" الدولية حول أوضاع حقوق الانسان في مصر. وما تضمنه من إشارات مسيئة. بادعاء انتهاكات وحالات تعذيب قال إنها تجري في حق متهمين ومعتقلين بالسجون المصرية. التحية. لأنه ولأول مرة منذ سنوات طويلة. تعود الهيئة العامة للاستعلامات. بهذا المؤتمر لتمارس دورها الحقيقي الفعال الذي أنشئت أصلا من أجله قبل ستين عاما أو يزيد. وهو الدفاع عن صورة مصر في الداخل والخارج. والتصدي بالمعلومات والحقائق والبيانات المدققة. والأرقام الموثقة. وليس بالخطب والشعارات لأي محاولة لتشويه هذه الصورة. ليس بهذا المؤتمر وحده تعود الهيئة لدورها. بل أيضا بما أصدرته خلال هذه الفترة الوجيزة منذ تولي الدكتور ضياء رئاستها من تغطيات معلوماتية للدول الأجنبية التي شملتها جولات الرئيس وساهمت بها. كما ساهمت الهيئة من قبل في فترات ازدهارها. في مساعدة المواطنين علي متابعة هذه الزيارات وإدراك أهميتها وضرورتها لمصلحتهم. تألقت هيئة الاستعلامات في هذا الدور أيام تولي قيادتها شخصيات سياسية وفكرية وصحفية مميزة. أمثال مؤسسها الدكتور عبدالقادر حاتم. والدكتور محمد حسن الزيات الذي كان أول رئيس لها عند تحولها من مصلحة إلي هيئة عقب يونيو 1967. وعينه جمال عبدالناصر كأول متحدث رسمي باسم مصر وهو رئيس للهيئة. ليصبح بعدها بسنوات قليلة وزير خارجية مصر في حرب أكتوبر. وصفوت الشريف الذي قدم إليها من جهاز المخابرات العامة. وممدوح البلتاجي الذي أصبح بعدها وزيرا للشباب ووزيرا للسياحة.. ومرسي سعد الدين. والصحفي السياسي القدير محمد حقي. وغابت الهيئة عن دورها. أو غاب عنها هذا الدور. في ظل توالي عدد من السفراء رئاستها فحبسوها في إطار دبلوماسي تقليدي. بعيدا عن دورها ككتيبة مقاتلة في حرب إعلامية عالمية ضارية تتعرض مصر للكثير من هجماتها. وتحتاج لمن يخوضها برصاص الكلمة والصورة. وليس بشوكة وسكين الدبلوماسيين. مع كل التقدير للدور القتالي الذي تقوم به الدبلوماسية المصرية علي الساحتين الإقليمية والعالمية. وكل الاحترام لأصدقائي ورفاق دراستي من سفراء مصر الحاليين والسابقين. لقد كاد دور الهيئة الظاهر للرأي العام ينحصر في فعاليات موسمية. لعل أهمها مساعدة اللجنة العليا للانتخابات في أعمالها وفي تنظيم مؤتمراتها الصحفية عندما تكون البلاد مقبلة علي انتخابات رئاسية أو برلمانية. ولذلك ظلت مصر طوال السنوات الست الماضية علي الأقل دون فكر أو دور إعلامي واضح علي الساحة العالمية. وعانت كثيرا من ذلك. ومازالت تعاني. قصورا في الوصول إلي الرأي العام العالمي أو التواصل معه وعجزا عن مجاراة أبواق الحرب الإعلامية ضدنا ونحن نواجهها منزوعي السلاح. وربما لهذا السبب. حاول مركز المعلومات واتخاذ القرار بمجلس الوزراء سد جزء من هذه الفجوة علي الأقل في الداخل. وضم إلي اختصاصه مطاردة الشائعات اليومية التي تتردد علي مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشارع. وهو اختصاص أصيل للهيئة العامة للاستعلامات يجب أن تستعيده. أتوقع للزميل العزيز ضياء رشوان أن يعيد الهيئة إلي مكانتها ودورها الذي عاشته في عصور ازدهارها. وان يحفر اسمه بين النخبة من الكبار الذين تولوها. فهو بقدراته وحيويته مؤهل لذلك. وأحسب أنها مهمة ليست سهلة. وتحتاج إلي تحرير الهيئة من كثير من القيود. وإلي تواصل أكبر وبأدوات العصر وباحترافية مهنية مع المراسلين الأجانب في مصر.. بل إلي استراتيجية جديدة بفكر جديد يطرح مثلا هذا السؤال: لماذا لا نفكر في أساليب مختلفة للتواصل والتعامل الايجابي مع المنظمات الدولية مثل "هيومان رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية. ومن يصدرون تقارير الحريات الدينية في أمريكا وأوروبا. بدلا من أن نترك هذه المنظمات أداة وسلاحا في يد غيرنا. يستخدمها ضدنا. ونكتفي نحن بردود الفعل؟!