لعل تسمية الشعب اليمني ب "شعب القات" لم تأت من فراغ فالقات جزء من تاريخ اليمن الحديث. بحيث أصبح لا يذكر اسم اليمن الا ويذكر معه القات ولكن اليوم يذكر اسم اليمن مقرونا بالثورة. تثور الشعوب التي اعتادت علي ان تعيش مخدرة؟! واقع الحال يقول ان ذلك يحدث الان في أجزاء كثيرة من الوطن العربي. الشرارة بدأت في تونس واشتعلت في مصر وامتدت شرارتها إلي ليبيا فهرب القذافي وسقط النظام الذي استمر يحكم علي مدار 42 سنة واهتزت سوريا بتأثير هذه الثورات بينما خرج علي عبدالله صالح الذي حكم بلاده لحوالي 34 سنة إلي السعودية ليعالج من آثار حروق واصابات لحقت به هو ورجاله إثر تفجيرات بأحد المساجد التي يصلي بها الرئيس اليمني. ولكن هل أفاق شعب القات أخيراً؟ لقد وصل ربيع الثورات العربية إلي أرض البن والقات وبعيدا عن الثورة دعونا نتحدث عن القات الذي ثار شعبه.. القات شجرة لها تأثير السحر علي اليمنيين حتي ان معظمهم يزرعونها ويتاجرون فيها حتي أصبحت جزءاً من الاقتصاد اليمني ورغم ان اليمنيين يعلمون جيداً ان هذه الشجرة ونباتها وأوراقها لها تأثير ضار جدا علي صحتهم الا انهم يقبلون عليها ويتناولونها بمعنويات عالية جدا. ولايزال تاريخ ظهور القات في اليمن للمرة الأولي محل خلاف الباحثين والمؤرخين الذين اهتموا بدراسته غير ان هناك اتفاقا بينهم يؤكد ان المواطن الأصلي لهذه الشجرة هو الحبش حيث ينمو هناك نموا طبيعيا في غابات ومناطق هرهرة ودردوا وكفا وغيرها من أراض الحبشة التسعة والممطرة. ولكن بعض الابحاث والدراسات تؤكد ان شجرة القات ظهرت في اليمن في الفترة بين القرن الحادي عشر والسادس عشر الميلاديين. وقد ظهرت دراسات عديدة تناولت شجرة القات من زاويا مختلفة وهي شجرة معمرة دائمة الخضرة كثيرة الاغصان ذات أوراق كثيفة متقابلة شكلها بيضاوي ولونها أخضر فاتح لامع ومشرب بجمرة وتعمر شجرة القات حسب بعض الدراسات حتي تصل إلي 100 عام خاصة في محافظتي تعز وصنعاء كما يتوقف عمر شجرة القات علي أماكن زراعتها حيث يتراوح بين 4 و8 سنوات وفي المناطق الجنوبية بين 20 و40 عاماً والقات دخل اليمن كمشروب مثل القهوة والشاي. وتقول الدراسات الحديثة ان التعاطي المستمر للقات يسبب الأورام السرطانية خاصة أورام الفم والمريء والجهاز الهضمي وهي الأمراض التي انتشرت بصورة سريعة بين السكان نتيجة استخدام المواد الكيماوية في زراعة القات وتجمع كل الدراسات تقريباً علي ان القات من أهم العوامل المؤدية إلي ارتفاع ضغط الدم ودرجة حرارة الجسم وفقدان الشخصية والتهابات المسالك والكلي والمفاصل.. ويؤدي التعاطي المستمر للقات إلي اعاقة انقسام الخلايا كما يقلل من تكوين الخلايا المدوية لنخاع العظام ويقلل من تكون خلاياالجسم اضافة إلي أنه يخلف آثارا سيئة علي الكبد أما الحوامل اللاتي يتعاطينه فان أطفالهن يولدون ناقصي الوزن كما يؤدي في كثير من الحالات إلي الاجهاض أو تشوهات في شكل الجنين.. وهناك شائعة يتم تداولها وهي ان القات يزيد من القدرة الجنسية للرجل ويثير المرأة ويطيل فترة الممارسة الجنسية دون الاحساس بأي تعب! وتؤكد الابحاث العلمية ان القات يؤدي بالفعل إلي اثارة الرغبة الجنسية بشكل مؤقت ولكن مع مرور الزمن يأتي باثار عكسية وتقل رغبة مستخدم القات بعد فترة قصيرة جداً والحقيقة ان هناك بعض الشركات المنتجة للفياجرا تقوم باستخدامه بالفعل في تركيبة الفياجرا. وتبلغ نسبة النساء المتعاطيات للقات من المتزوجات حوالي 45% في حين يتراوح نسبة الاطفال المتعاطين للقات تحت سن 15 سنة بين 20% إلي 30% من هذه الفئة العمرية وتقول الاحصائيات الرسمية ان القات يستهلك 18% من ميزانية الأسرة شهرياً وتصل هذه النسبة أحيانا إلي 50% وتقدر الاحصائيات الرسمية حجم استهلاك اليمنيين اليومي للقات بحوالي مليار و500 مليون ريال وسنوياً بحوالي 500 مليار ريال. وتقدر وزارة الزراعة اليمنية المساحة المزروعة القات بحوالي 100 ألف فدان أو ما يعادل 48% من اجمالي الأرض المزروعة بالاشجار. وتظل الثورة غافلة عن أكبر خطر يتحداها كدولة وكشعب خطر يستبد بالشعب اليمني تماماً كما استبد بهم الحاكم الذي يرفض النزول علي الحكم بعد سنوات طويلة حول خلالها اليمنيين إلي شعب مخدر!!