قبل العيد بأسبوع تقريبا قرأنا تصريحات نارية للمسئولين عن هيئة الخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة تحذر المواطنين من ذبح الأضاحي خارج المجازر. أكدت التصريحات أنه تم رفع درجة الاستعداد القصوي بالمجازر التي تفتح أبوابها في العيد لاستقبال الأضاحي وذبحها بالطرق السليمة. كما نبهت إلي أن هناك لجاناً بيطرية بالتنسيق مع باقي أجهزة الدولة سوف تتولي ضبط المخالفات وتحرير المحاضر لأصحابها. قال د.حسن الجعويني رئيس الإدارة المركزية للصحة العامة والمجازر بهيئة الخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة ان العقوبات لمن يذبحون خارج المجازر هي الحبس من 6 شهور حتي 5 سنوات أو الغرامة المالية والتي تصل إلي 150 ألف جنيه أو بكلتا هاتين العقوبتين.. طبقا للمخالفة وشدد علي أن حملات هيئة الخدمات البيطرية مستمرة خلال العيد!! أما وزارة البيئة فقد حذرت هي الأخري من عواقب سكب دماء ذبائح الأضاحي مع مياه الصرف الصحي وكذلك من إلقاء مخلفات الذبائح بالشوارع والميادين العامة نظرا للروائح الكريهة التي تنتج عنها.. فضلا عن تدمير شبكات الصرف الصحي والمظهر غير الحضاري الذي تتسبب فيه!! أكدت الوزارة ان من يخالف ذلك يعرض نفسه للمساءلة القانونية وفقا لنصوص قانون البيئة 9 لسنة .2009 هذا ما قرأناه قبل العيد.. فهل تم التطبيق؟! وهل امتنع الناس عن الذبح العشوائي بالشوارع والمنازل؟! وهل تمت ملاحقة من يلقي بالمخلفات في غير الأماكن المخصصة لها للحماية والوقاية من الأمراض والأوبئة التي تتسبب فيها؟! وهل تم تطبيق القانون؟! واقع الحال يؤكد أن شيئا من ذلك لم يحدث فلا حملات رقابة أو ملاحقة للمخالفين.. ولا حملات نظافة لجمع المخلفات من الشوارع.. ولا نوبتجيات لسرعة التحرك وتسليك بالوعات المجاري التي "ضربت" خاصة في المناطق الشعبية نتيجة الذبح بالشوارع واختلاط الدماء بالمياه والمخلفات .. ووصولها للصرف الصحي! نظرة واحدة تكفي فأصحاب الأضاحي يقفون طوابير أمام الجزارين وصبيانهم الذين يقومون بالذبح والتشفية والتقطيع علي "الأورمة" بقارعة الطريق.. والمارة يحاولون قدر الإمكان تجنب المشي حتي لا يصيبهم التلوث وهناك من يجد نفسه مضطرا للخوض في الدماء المختلطة بالمخلفات والماء لكي يؤدي مصلحته.. والسيارات التي تمر بالشوارع وتلقي بالرذاذ الملوث علي الجميع.. فأين هي اللجان البيطرية التي تم تشكيلها بالتنسيق مع الجهات الأخري المسئولة من البيئة والأحياء؟! المشكلة انه بجانب من يذبح في الشوارع هناك من يخالف داخل المباني والعمارات وهي طريقة بكل المقاييس غير حضارية ومزعجة وتؤذي المشاعر خاصة عند الأطفال فضلا عما تسببه من مشاكل للمصالح والمرافق العامة.. فأماكن كثيرة يشكو أصحابها من طفح المجاري نتيجة هذه التصرفات بجانب غياب عمال تسليك البالوعات والمسئولين عن النظافة الذين تركوا المخلفات في كل ركن تم الذبح به تجذب الحشرات والحيونات الضالة فضلا عن الروائح الكريهة والتفاعل مع الحرارة لتنشر الأمراض بين الناس.. فهل هذا يليق؟! وهل يتفق مع الأسلوب الحضاري للحفاظ علي البيئة ومنع التلوث؟! الحقيقة ان هذه التصرفات تحتاج إلي السير في عدة اتجاهات متكاملة للتخلص منها وذلك من خلال نشر الثقافة والوعي بمخاطر الذبح العشوائي في الشوارع وتجاهل الكشف الطبي علي "الذبيحة" للتأكد من سلامتها وسلامة كل محتوياتها بمعني عدم وجود جزء مصاب بمرض ولا يصلح للاستهلاك. وأيضا تسهيل إجراءات الوصول إلي المجازر المجهزة وتبسيط الإجراءات والرسوم وعمليات النقل من وإلي المجزر.. فضلا عن الإجراءات الحمائية لمنع ذبح الاناث حفاظا علي ثروتنا الحيوانية التي يجب أن نعمل بكل طاقتنا لزيادتها حتي نقلل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.. إلخ.. وذلك مثلما يفعل غيرنا. والأمر علي هذا النحو يتطلب بالقطع توفير الخدمة البيطرية التي تستطيع أن تراقب وأن تنتشر بسرعة لتطبيق القانون علي المخالفين.. ولكن اطلاق التصريحات وفقط من بعض التنفيذيين من أجل "الشو الإعلامي" فهو عمل يجعلنا نقف محلك سر!! لأن هؤلاء الذين أطلقوا التحذيرات قبل العيد لم يتابعوا التنفيذ ولم يعملوا علي توفير الآليات التي تضمن الانضباط والالتزام.. وبقي ما يقولونه عن المواطن مجرد "كلام جرايد" ليس له نصيب من التطبيق.. فهل نحن نريد ذلك؟! بالطبع لا.. وألف لا.