قبل أيام معدودة. خرجت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لاين. تتباهي بأن الجيش الألماني ينمو من جديد. وأن التعاون بين بلادها وباقي دول أورروبا في مجال السياسة الدفاعية يصب في مصلحة الجميع ومن شأنه أن يؤدي إلي تحقيق انجازات للأطراف كافة. وهذا التصريح الذي أطلقته وزيرة الدفاع الألمانية. جاء بمثابة إعلان عن نجاح الألمان في تحطيم القيود العسكرية التي فرضت عليهم بعد الهزيمة التي مني بها جيش هتلر في الحرب العالمية الثانية. فبعد الحرب العالمية الثانية. تعرضت ألمانيا لقيود صارمة. وبقيت في السنوات التالية للحرب بلا جيش إلا من بعض العناصر الرمزية لحماية الحدود حتي سمح الحلفاء بتسليحها وتأسس جيشها في 12 نوفمبر 1955. أي بعد قرابة 10 سنوات من الحرب العالمية الثانية. وكان الإعلان عنه مثيرا للجدل في الأوساط الاوروبية. كيف يكون لألمانيا جيش نظامي بعد هذه الحقبة الدموية من حياة أوروبا؟ وقبل الإعلان عن إنشاء الاتحاد الأوروبي في 1990 كان قوام الجيش الالماني يبلغ 495 الف مقاتل ونصف مليون من جنود الاحتياط. إلا أن اتفاقية 4«2 "اتفاقية الاتحاد بين الالمانيتين والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة وكل من فرنسا وبريطانيا" اشترطت ألا يزيد قوام الجيش الاتحادي الالماني عن 370 ألف جندي مقاتل وهو ما يزال محل التزام إلي الحين. وفي عام 1994. طلب الحلفاء في أوروبا من ألمانيا الاتحادية الانخراط معهم في عمليات تدعيم السلام في مناطق العالم المختلفة. وهنا أضفت المحكمة الدستورية الالمانية شرعيتها علي أي تدخل خارجي للجيش ضمانة لئلا يتوحش. بعدما كان الدستور يمنعه من المشاركات الخارجية. بشرط ألا تكون خارج إطار المنظمات الدولية كالأمم المتحدة وحلف الناتو. وأن تسبق موافقة البرلمان تحركات الجيش. وبهذا صارت الديمقراطية الألمانية نفسها حارسا علي الجيش. لكن لم يكن التشريع وحده العائق أمام المشاركات الالمانية فانعدام الجاهزية كان التحدي الأكبر. ولعل المشاركة الألمانية في أفغانستان كانت دليلاً علي ذلك. وكان لتقليص موازنة الدفاع الالمانية سنويا بشكل منتظم. حتي أنها انكمشت من 2.3% من إجمالي الناتج المحلي الالماني لعام 1983 ل 2.1% لناتج عام 2014. أثر سلبي علي إعداد الجيش. ليصير في النهاية غير قادر علي مجابهة التحديات الاقليمية والمشاركة في البعثات الأجنبية بشكل فعال. ولأجل تطوير الجيش الألماني اصبحت زيادة ميزانية الانفاق العسكري الهم الاول لأورسولا "58 عاما" منذ توليها منصب وزيرة دفاع ألمانيا في 2013 وقد نجحت بالفعل في وقف الخفض السنوي في الموازنة العسكرية بداية من عام 2015. بل وبدأت منحني الصعود بزيادة الموازنة العسكرية في 2015 بنحو 4.8% أي ما يعادل 4.10 مليار دولار ليزيد في العام التالي إلي ما يقارب 4.6% في محاولة ألمانية لإعادة التمركز علي الخريطة العسكرية. وقد انفقت الحكومة الالمانية العام الجاري 37 مليار يورو للدفاع. وهو ما يعادل 26.1% من الناتج المحلي الاجمالي وللوصول إلي 2% وهو حجم الانفاق الذي يوصي به حلف شمال الاطلسي يجب أن يرتفع الانفاق العسكري إلي أكثر من 70 مليار يورو في عام 2024. أي ما يقرب من الضعف. وتجدر الإشارة إلي أن أوروسولا فون دير لاين تعد أول امرأة في التاريخ الألماني تشغل منصب وزير الدفاع وهي طبيبة من حيث المهنة وخدمت في منصب وزيرة العمل والشئون الاجتماعية من 2009 إلي 2013. وفي منصب وزيرة شئون الاسرة والشاب في الفترة من 2005 إلي 2009 واثيرت تكهنات بأن تكون أوروسولا الخليفة المستقبلية للمستشارة أنجيلا ميركل بسبب الولاء الشخصي للمستشارة الالمانية وبسبب حسها السياسي إلا أن ميركل قررت الترشح لولاية رابعة في انتخابات .2017