أربع مَن كُنَّ فيه كان منافقاً خالصاً. ومَن كانت فيه خصلة منهن. كانت فيه خصلة من النفاق. حتي يدعها: "إذا حدَّث كَذَب. وإذا اؤتمِنَ خَان. وإذا عاهَدَ غَدَر. وإذا خاصَم فَجَر.. صدق رسول اللَّه "صلي اللَّه عليه وسلم". والخصال الأربع فينا جميعاً.. لا أستثني أحداً.. ليست خصلة أو اثنتين أو ثلاثاً.. بل الأربع. فنحن جميعاً من ذوات الأربع.. نمشي في الحياة بالخصال الأربع غير منقوصة.. وهنا السؤال: مَن مِنَّا نحن المنافقين مؤهل للحكم علي الآخر بأنه كافر. أو مؤمن. أو وطني. أو خائن. أو صالح. أو طالح. أو لص فاسد. أو شريف مخلص؟!!.. لا أجد.. وإذا كان المسيحي كافراً. فإن الشيعي المسلم كافر في رأي السلفيين.. والسُنِّي السلفي كافر في رأي الشيعة. والمسيحيين واليهود.. والنظام فاسد في رأي المعارضة.. والمعارضة خائنة في رأي النظام.. وعندما يشيع النفاق كما هو شائع في مصر الان كالوباء الوبيل. فإن الكل يتهم الكل.. والكل كاذب وخائن وغادر وفاجر في الخصومة. وأبرز الخصال الأربع الحديث الكاذب والخصومة الفاجرة. وهما آفتنا في مصر الآن.. الموالون والمعارضون كذابون وفُجَّار في الخصومة.. لا يوجد في مصر الآن خصم شريف.. خصم نبيل. الكل خصوم فَجَرَة. وغير شُرفاء. ولا نُبلاء.. منتهي الوضاعة والسفالة في الكذب والبجاحة والوقاحة في الخصومة.. وكل الذين تصدقهم أو تنخدع بهم أو يعجبك قولهم ووطنيتهم ودينهم.. كل واحد منهم بوجهين. وجه ظلامي فاجر.. ووجه نهاري مشرق.. يُرضون الناس واللَّه أحق أن يرضوه.. هؤلاء نحن.. هؤلاء هم المنافقون. يرضون الناس بقول ومظهر. ويغضبون اللَّه في السر "مش مهم ربنا.. المهم الناس تقول علينا إيه"؟!.. أعرف من هؤلاء الكثيرين والكثيرات. نحن أحفاد التميمي الذي قال لرسول اللَّه "صلي اللَّه عليه وسلم" وهو يقسم الغنائم: "أعدل يا محمد. فإنك لم تعدل.. تلك قسمة ما أريد بها وجه اللَّه.. فقال رسول اللَّه "صلي اللَّه عليه وسلم": وَيْحَّك.. ومَن يعدل إذا لم أعدل؟!.. ثم قال: يخرج من أضض هذا الرجل قوم يمرقون من الدين. كما يمرق السهم من الرمية".. وقد كان ما قال "صلي اللَّه عليه وسلم" كلنا الآن أحفاد هذا التميمي المنافق.. كلنا هو. ففي رأينا أن هذا التميمي وأمثاله منا.. شُجعان أبطال يواجهون النظام بكل قوة.. لا يهم.. كذبوا أو نافقوا أو تجاوزوا أو كانوا سفلة.. المهم أنهم واجهوا النظام بلا خوف ولا وجل.. وقالوا للرسول. أو للسلطان. أو الوالي: تلك قسمة ضيزي ظالمة. ما أريد بها وجه اللَّه.. أنت أيها السلطان فاسد ظالم "حرامي".. هذا عند المنافقين تفسير حديث رسول اللَّه "صلي اللَّه عليه وسلم": "إن من أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر".. تسير المنافقين أن كلمة حق تعني كلمة وقاحة وسفالة.. وأي سلطان عندهم جائر مادام أصبح سلطاناً وحاكماً ورئيساً وملكاً.. كل سلطان في رأي المنافقين جائر لمجرد أنه أصبح سلطاناً. معسكر الكفر. ومعسكر الإيمان كان آخر العهد بهما سيدنا عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه. وأوائل عهد سيدنا عثمان رضي اللَّه عنه.. حتي ذلك الحين كان المعسكران واضحين.. هذا فسطاط الكفر. وهذا فسطاط الإيمان. وعندما هبت عواصف الخريف العربي منذ أواخر عهد عثمان بن عفان. واندلعت الفتنة التي نسميها الآن ثورة وربيعاً.. انتهي وزال فسطاطا الإيمان والكفر.. وغامت الرؤية. فالخريف العربي لم يبدأ قبل ست سنوات. كما يزعمون.. ولكنه بدأ في أواخر خلافة عثمان. وصار موجات متتابعة "الموجة تجري ورا الموجة عايزة تطولها".. وسوف يستمر الخريف العربي إلي ما شاء اللَّه.. كل المتقاتلين منافقون. ولا يوجد مؤمنون وكفرة. كل الفرق هالكة.. وكل المتصارعين باللسان والقلم. والماوس. والكيبورد. والرصاص.. منافقون.. وعندما اختفي معسكرا الكفر والإيمان من المشهد سقط بالتبعية الجهاد القتالي.. لم تعد فريضة الجهاد التي تعني عند الأغبياء القتال.. فريضة غائبة.. بل هي فريضة ساقطة. لم يعد لها وجود لأن منافقين يقاتلون منافقين.. ولأن الفريقين علي باطل. ويظنان أنهما علي الحق.. تماماً كما كان يحدث منذ الفتنة الكبري.. يقول القائد لجنوده في المعركة: بماذا تشهدون؟!.. فيقولون: نشهد أننا علي الحق وأن المعسكر الآخر علي الباطل.. وأن قتلانا مؤمنون في الجنة. وقتلاهم كُفَّار في النار.. اضحك.وأن تسمع هذا من القائد لجنوده في كلا المعسكرين.. قبل بدء القتال. لا جديد في اتهام المنافقين للمنافقين بالكفر.. فالمنافق يدرأ عن نفسه الكفر والنفاق باتهام الآخر بهما.. الفاجر يدرأ عن نفسه الفجور باتهام الآخر به.. وهذه حال المنافقين.. لا أحد يثبت وطنيته. ولكنه يتهم غيره بالخيانة.. لا أحد يثبت إيمانه وتقواه. ولكنه يتهم غيره بالكفر والمروق.. فقد رمي الخوارج الصحابة العشرة المبشرين بالجنة بالكفر.. بشرهم الرسول بالجنة.. ورماهم المنافقون بالكفر "شُفت فُجُور وبجاحة أكثر من كده؟!". وقد كثرت وسائل النفاق التي نسميها وسائل الإعلام ومواقع التواصل والصحافة.. تلك كلها وسائل لنشر النفاق.. والأدهي أننا حصرنا النفاق فقط فيما يسمونه التطبيل والتزمير للسلطان أو النظام.. فالنفاق أوسع بكثير وأكثره خطراً مخادعة اللَّه ورسوله.. وتَدَيُن الزي والظاهر.. وفسوق الباطن. ووطنية الظاهر والفيس. وفجور الباطن.. المنافق صورة براقة وأصل سافل وحقير.. وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم. وإن يقولون تسمع لقولهم هؤلاء هم العدو.. هم المنافقون.. وأيسر النفاق وأسهله وأقله خطراً. هو نفاق المداهنة والمجاملة والتطبيل.. أما أخطره والذي يخدع الناس فعلاً فهو نفاق التميمي وأحفاده.. وشجاعتهم في التطاول والوقاحة.. أخطر النفاق مخادعة اللَّه ورسوله ومخادعة الناس والوطن. وأن يدعي أصحاب الرذيلة أنهم أصحاب فضيلة.. يارب.. أليس إلي خروج من سبيل؟!.. فقد أصابني الضَّجَر يا غَجَر .. مِمَّن خاصم وفَجَر!!