في نفس الشهر الذي توفي فيه والده "سبتمبر" وبعد معاناة طويلة مع المرض زادت حدتها خلال الشهور الأخيرة توفي "خالد عبدالناصر" أشهر أنجال الزعيم الراحل وثانيهم في الترتيب بعد الدكتورة هدي الأستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية. ولد خالد في 26 ديسمبر 1949 وحصل علي شهادة بكالوريوس الهندسة من كلية الهندسة بجامعة القاهرة. ثم حصل علي درجة الدكتوراه من جامعة كمبردج بالمملكة المتحدة ليعود إلي مصر ليتسلم عمله معيداً بكلية الهندسة ليندرج في سلك التدريس ويصبح أستاذاً بالكلية. وتزوج خالد من السيدة داليا فهمي شقيقة وزير البترول الأسبق سامح فهمي وأنجب ثلاثة أبناء هم جمال وتحية وماجدة. كان خالد يتم استقباله استقبال القائمين أثناء زياراته للدول العربية أو دول عدم الانحياز تكريماً لوالده الزعيم جمال عبدالناصر وعرفاناً بمكانته القومية الرفيعة. وفي احدي زياراته للشقيقة سوريا حملته الجماهير بالسيارة التي كان يركبها. كان خالد من أبرز القيادات التي أسست تنظيم ثورة مصر مع ضابط المخابرات المصرية محمود نور الدين والذي كان يعمل دبلوماسياً بالسفارة المصرية. ثم ضابطاً بالمخابرات بالسفارة وقدم خدمات جليلة لمصر أثناء حرب ..1973 وبعد زيارة "السادات" للقدس قدم استقالته ثم قام بإنشاء التنظيم الذي شارك فيه مجموعة من المدنيين والعسكريين المصريين وكان يستهدف كوادر جواسيس اسرائيل الذين يعملون تحت ستار دبلوماسي من خلال السفارة الاسرائيلية في مصر وقام التنظيم بتنفيذ 4 عمليات خلال الفترة من عام 1984 وحتي عام ..1987 وكانت أول عمليات التنظيم اغتيال "زيفي كدار" مسئول الأمن بسفارة اسرائيل بمصر واستهدفت العملية الثانية ألبرت أتراكش المسئول السابق للموساد في انجلترا والذي كان يعمل بالسفارة الاسرائيلية في مصر. أما العملية الثالثة فجاءت احتجاجاً علي مشاركة اسرائيل في معرض القاهرة التجاري الدولي وأعقبتها العملية الأخيرة ضد بعض الدبلوماسيين الأمريكيين. بعد القبض علي أعضاء التنظيم بعد خيانة داخلية من شقيق محمود نور الدين وبعد ان تم توجيه الاتهام "لخالد عبدالناصر" استطاع خالد مغادرة مصر هو وأسرته إلي لندن حيث ظل فيها بعض الوقت ثم اتجه إلي يوغسلافيا التي احتضنته نظراً للعلاقة القوية بين الرئيس اليوغسلافي "تيتو" والزعيم عبدالناصر. وحينما صدرت الأحكام ضد نور الدين وأعضاء التنظيم بالسجن المؤبد لمدة "15" عاماً عاد خالد عبدالناصر إلي مصر ليمثل أمام القضاء المصري والذي حكم عليه بالبراءة بعد امتناع محمود نور الدين وأعضاء التنظيم عن الاعتراف عليه وقد تردد وقتها أن بعض الدول العربية تدخلت لدي الرئيس السابق مبارك حتي يعود "خالد" ويحصل علي البراءة مقابل عدم اشتغاله هو أو أشقاؤه بالسياسة أو معارضة النظام. كتب "خالد" مذكرات حملت عنوان "أمي تحية" ولعل أطرف ما جاء فيها كان حول تفاصيل الأيام التي سبقت ولادته فيقول "في حجرة بمستشفي الدكتور علي ابراهيم أشهر أطباء النساء والولادة في ذلك الوقت كانت ترقد نجمة السينما الشابة فاتن حمامة بانتظار حادث سعيد وكان لا حديث للممرضات سوي فاتن حمامة وزوارها فيما كانت ترقد بحجرة مجاورة سيدة شابة تنتظر مولوداً جديدة للأسرة. الاسم: تحية كاظم وربما تكون تحية قد حادثت زوجها الصاغ جمال عبدالناصر بما تناقلته الممرضات عن اخبار النجمة المحبوبة.. وبالتأكيد لم يكن أحد يهتم بهذا المولود للضابط الشاب اهتمامهم بابنة النجمة السينمائية "نادية ذوالفقار" فهو مجرد مولود عادي لضابط صغير وبعد سنوات قليلة تعد علي أصابع اليد الواحدة يصبح الضابط الصغير رئيساً للجمهورية ويصبح الابن بقدرة قادر ابناً لرئيس الجمهورية وهو لا يكاد يعي المغزي من وراء ذلك كله". ويذكر "خالد" واقعة لا ينساها عند وفاة والده وهي عدم سماح الرئيس السادات "النائب وقتئذ" له بإلقاء النظرة الأخيرة علي جثمان والده وقال "قد تكون له اسبابه ربما خشي ان تنفلت مشاعر شاب صغير لرؤية جثمان والده ومع ذلك لن أغفر للسادات أبداً أنه لم يمكني من إلقاء نظرة أخيرة علي أبي". لم ينس خالد هتافات الجماهير وقت وفاة الزعيم "يا خالد قول لابوك ميت مليون بيودعوك". وظل يدرك مدي حب الجماهير لوالده.. وظل هذا الحب العميق للزعيم سياجاً يحيط بهذه الأسرة المصرية التي لم يسمح عائلها بأن يستغل أحد أفرادها منصبه الكبير في تحقيق أي مكاسب خاصة.