معالجة قضايا المرأة هذه الأيام تحتاج إلي ضرورة توخي الحكمة.. والتأني في دراسة قيامها بمزاولة أي أعمال تساعدها في مواجهة أعباء الحياة بالاضافة إلي مراعاة ظروف العصر وضغوط الحياة التي تتطلب المرونة والتيسير خاصة عندما تحيط بالمرأة ظروف ترغمها علي مواجهة شئونها والحفاظ علي الممتلكات أو الحصول علي مرتب يعينها علي تلبية المطالب المعيشية كما ان الأمر يتطلب الأخذ بأيسر آراء الفقهاء والعلماء لكي تتاح لبنات حواء مزاولة عملهن بعد رحلة طويلة مع التعليم. وجني ثمار السهر والمعاناة مع المناهج التعليمية. مع الأخذ في الاعتبار ان الفتاة عندما تلتزم بضوابط الشريعة الاسلامية في ملابسها وأسلوب التعامل مع الرجال. واتخاذ الحيطة والحذر من أي انفلات يتنافي مع تلك المباديء خلال رحلة العمل والاختلاط بالجنس الآخر بعيدا عن الخلوة المرفوضة والتي تتنافي مع النظام العام وبالأخص مع مباديء الدين الحنيف. فما هي الموانع الشرعية التي تحرم عمل المرأة بعد هذا الالتزام. حقيقة لقد ثار جدال مثير ومناقشات حامية حول الفتوي التي صدرت من علماء بالسعودية تحرم عمل المرأة "كاشيرة" محصلة في المحلات العامة. ومع التقدير لهؤلاء العلماء المجتهدين فان الواقع يتطلب منهم مراعاة بنات حواء اللاتي يمثلن نصف المجتمع والابتعاد عن التمسك بآراء أصبحت لا تتوافق مع الظروف في هذا العصر. إذ كيف اتحنا الفرصة للمرأة لكي تتعلم وتدرس ثم تجلس في المنزل دون أن نستفيد من هذا الكم الهائل من فتياتنا رغم تفوقهن في الدراسة والاحصائيات تؤكد تفوق البنات واحتلالهن المراكز الأولي سواء في الكليات العملية أو النظرية؟ وهل من مباديء الدين ان تحرم الفتاة التي حصلت علي بكالوريوس الطب من مزاولة المهنة. وما هو المانع الذي يحول بين المرأة وممارسة أي عمل طالما في حدود الحشمة وبالتزام الشريعة الاسلامية؟ حقيقة.. لقد تضاربت الفتاوي وكثرت الآراء المتناقضة.. وأصيب الناس بالبلبلة والشكوك حول أي الآراء أصح بالقبول والعمل في ضوئها؟ كما ان كثيرا من الفتيات الملتزمات اصابتهن الحيرة بعد الفتوي بتحريم عملها كمحصلة في المحلات وسادهن الارتباك. وطرحن عدة تساؤلات أمام السادة العلماء والفقهاء منها ما هو المانع الشرعي في مزاولة هذا العمل بالذات؟ وما السند الذي استدل به العلماء نريد معرفته علي سبيل التوضيح المستنير لعلمائنا الأجلاء؟ وما الفرق بين هذا العمل وأي عمل آخر يتناسب مع طبيعة حواء؟ وما هو المخرج أمام فتاة لا تجد عملا يساعدها في مواجهة الحياة وأعبائها غير العمل كمحصلة مع انها فتاة يتيمة ولا عائل لها وملتزمة بكل الضوابط الشرعية وترعي الله في كل تحركاتها؟ وهل تظل المرأة حبيسة المنزل وعليها أن تدفن شهادتها العلمية وتلجأ لتسول لقمة العيش؟ ان المرأة في صدر الاسلام وفي العصور المتعاقبة كانت تعمل في التجارة. وكل الشئون التي تتطلبها أعباء الحياة. رأيناها في الحقل مزارعة تضرب المثل والقدوة في تطبيق مباديء الشريعة؟ ورأيناها طبيبة ماهرة تقدم العلاج. ورأيناها محاسبة ممتازة تدير الشئون بكل اقتدار. ولاشك ان السيدة خديجة أم المؤمنين كانت تتاجر بمالها ولديها خبرة في محاسبة كل من كان يعمل لديها. ولنا في رسول الله صلي الله عليه وسلم القدوة والمثل. فقد تعاملت أم المؤمنين السيدة الفاضلة خديجة بنت خويلد في تجارتها مع آخرين من خلال غلامها ميسرة فلم ير رسولنا صلي الله عليه وسلم بأسا من الاشتغال بتجارتها وتعاملها مع ميسرة مع أنه رجل. كما أن السيدة خديجة رضي الله عنها كانت تمتلك الخبرة في شئون التجارة ولم يصدر من الرسول صلي الله عليه وسلم أي تعليمات برفض هذا العمل. ولاشك ان الانغلاق والجمود عند رأي معين لا يجب أن يكون أساسا لاصدار أي فتوي بالتحريم. مرة نجد فتوي بتحريم عمل المرأة في قيادة سيارتها الملاكي مع اننا تركناها في صحبة رجل أجنبي يقود لها سيارتها؟ فهل هذا العمل يتطابق مع مباديء الدين وأين تطبيق مبدأ عدم الاختلاط بأجنبي علي انفراد رغم ان ذلك يتكرر أمام السادة أصحاب تلك الفتاوي؟! ان مجامع الفقه والشريعة ومجامع البحوث في شتي بلدان العالم الاسلامي ومختلف العلماء والمجتهدين مطالبون بدراسة فتوي تحريم عمل المرأة كاشيرة "محصلة" في المحلات من كل جوانبها وبيان مدي الحرمة في مزاولة هذا العمل. وما هو موقف سيدة ورثت هذه التجارة وليس هناك عائل يقوم بالعمل غيرها مع انها تمتلك المؤهل العلمي الذي يعنيها علي أداء مهام هذا العمل مع التزامها بضوابط ومباديء الدين الاسلامي الحنيف. نريد أبحاثا تسجل كل الحقائق وتضع الفتوي التي تتضمن رأي الشريعة الغراء التي تيسر للناس حياتهم.