لا مساس بالمساعدات الأمريكية لإسرائيل في الميزانية الجديدة لإدارة الرئيس "ترامب"للعام المالي القادم.. هذا أمر مفروغ منه وغير قابل للمناقشة. لكن.. المساعدات الأمريكية لمصر والأردن قابلة لإعادة النظر.. ليس لزيادتها بالطبع. أما المساهمة المالية الأمريكية في أنشطة الأممالمتحدة. فسوف يتم تخفيضها. فالمنظمة الدولية يجب معاقبتها لأنها تجرأت وأصدرت قرارها الشهير من مجلس الأمن قبل شهرين الذي طالب إسرائيل بوقف توسعها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهو القرار الذي صدر في أواخر أيام إدارة الرئيس أوباما. ولم تستخدم هذه الإدارة. في حالة نادرة الحدوث. الفيتو ضده. وسمحت بتمريره. وأخيراً.. استقالت الأردنية "ريما خلف" الأمين العام للجنة الأممالمتحدة الاقتصادية والاجتماعية لمنطقة غرب آسيا. والمعروفة باسم "إسكوا" بعد أن رفضت تعليمات السكرتير العام الجديد للمنظمة الدولية "أنطونيو جوتيريس" بسحب تقرير أصدرته. اتهمت فيه إسرائيل بإقامة نظام فصل عنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتعليمات "جوتيريس". كان وراءها غضب إسرائيلي أمريكي من التقرير. وضغوط علي السكرتير العام حتي من داخل الأممالمتحدة نفسها. هذه بعض أحداث الأيام القليلة الماضية. والتي يمكن إدراجها تحت عنوان واحد هو: "لا مساس بإسرائيل". فهي تتمتع بحصانة دولية لم تسبقها اليها دولة في العالم. ولا فازت بها دولة بعدها حتي اليوم. حتي وإن كانت هذه الحصانة تتعارض مع حصانة القانون الدولي والشرعية الدولية التي تستظل بها كل دول العالم. وهذه الأحداث تلقي بظلالها القاتمة في رأيي علي قضيتين تشغلان الاهتمام العربي والدولي الآن. وهما قضية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل. وقضية رئاسة منظمة اليونسكو التي تجري انتخاباتها في أكتوبر القادم. وترشح مصر لخوضها السفيرة مشيرة خطاب. فنحن نخوض غمار الجهود الحالية مع الإدارة الأمريكية للرئيس "ترامب" من أجل اطلاق عملية سلام. يقول الرئيس الأمريكي: إنها ستكون "مختلفة". وان لديه بدائل لحل الدولتين إلي آخره. بينما كل الشواهد تؤكد انها لن تكون مختلفة. وإذا اختلفت فللأسوأ بالنسبة لنا. صحيح إن حصانة إسرائيل ليست جديدة لكن هذه الحصانة هي التي جعلتها تنتهك كل القوانين والأعراف الدولية. وتضرب عرض الحائط بحقوق الشعب الفلسطيني. فكيف يمكن أن تقود هذه الحصانة إلي عملية سلام متوازنة ومنصفة. ثم إن ما حدث مع الأردنية "ريما خلف". والذي سبق أن حدث مع السكرتير العام الأسبق للأمم المتحدة نفسه. الدكتور بطرس بطرس غالي بحرمانه من فترة ولاية ثانية بسبب تقرير أصدره عن مذبحة "قانا" التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في جنوبلبنان. يمكن أن يحدث أيضاً مع السفيرة مشيرة خطاب لو فازت برئاسة اليونسكو. وأصدرت تقريراً مثلاً عن المخططات الإسرائيلية لطمس الهوية الفلسطينية الثقافية والحضارية والانتهاكات التي ترتكبها في هذا المجال. وما أكثرها. ولذلك. فإن هذا المد الذي يعمل لتعزيز حصانة إسرائيل. وأطاح في سبيل ذلك بالأمين العام لمنظمة "إسكوا" ريما خلف. لا ينفصل عن مسارعة الحكومة الفرنسية بترشيح إحدي وزيراتها السابقات. اليهودية الأصل للمنافسة علي مقعد رئاسة اليونسكو. في الساعات الأخيرة التي سبقت اغلاق باب الترشح للانتخابات القادمة لمنع أن تؤول قيادة اليونسكو لأي شخصية غير مضمون ولاؤها الكامل لإسرائيل. ثم يندهشون في النهاية من انتشار التطرف في عالم كرس نفسه لخدمة دولة واحدة ضد كل المبادئ القانونية والأخلاقية.