تحظي ليبيا باهتمام متزايد من مصر خلال المرحلة الراهنة ارتباطاً بحقيقة العلاقات الأزلية المصرية الليبية واعتبارات الجوار الجغرافي والتاريخي والقبلي والتداخل الاجتماعي وكذا الارتباط الوثيق للأمن القومي بالبلدين.. وتعد العلاقات المصرية الليبية نموذجاً يحتذي بين دول الجوار علي كافة الأصعدة والمستويات الرسمية والشعبية مما يوكد المصير الواحد بينهم. ورغم توثيق الاتفاق السياسي بالصخيرات في منتصف ديسمبر عام 2015 واعتباره من قبل المجتمع الدولي الإطار الأساسي لمعالجة الأزمة وتحقيق الانتقال السياسي في الأزمة الليبية إلا أنه لم يتم وضعه موضع التنفيذ الفعلي حتي الآن في ضوء ما تشهده ليبيا من حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني تباين مواقف الأطراف الليبية وتعدد الكيانات المتنافسة علي السلطة. وساهمت المتغيرات الأمنية والسياسية في ليبيا منذ بداية الأزمة الراهنة في الدفع بتشكيل لجنة مصرية وطنية تضم كافة الجهات المعنية بالأزمة الليبية برئاسة الفريق محمود حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة منذ أكثر من عامين لمتابعة تطورات الأوضاع علي الساحة الليبية والعمل علي تهيئة أجواء التوافق بين الأشقاء الليبيين ودعم جهود التسوية السلمية للأزمة الليبية وذلك في محاولة لتجاوز السيناريوهات الأسوأ في ليبيا. ارتكزت الجهود المصرية للحفاظ علي هوية الدولة الليبية وسلامة أراضيها وحقن الدماء للشعب الليبي والحفاظ علي مقدرات الدولة ومؤسسات الدولة بعيداً عن أي انتماءات دينية أو قبلية. وتمثلت أبرز الجهود المصرية في دعم جهود التوافق الليبي حول الشواغل الرئيسية لتسوية الأزمة الليبية وتشكيل هيكل للدولة بصورة تحظي بتوافق كافة أطياف المجتمع الليبي في إطار الاتفاق السياسي "الصخيرات" كأساس للتسوية وبدعم إقليمي/ دولي وتحت رعاية الأممالمتحدة.. حيث استضافت القاهرة ما يزيد علي 15 لقاء خلال الشهور الثلاثة الماضية وعملت علي تهيئة بيئة شعبية حاضنة لكافة جهود مساعي تحقيق التوافق ودعم آليات تسوية الأزمة الليبية وذلك من خلال عقد لقاءات مع كل من الشخصيات الليبية المهتمة بالشأن العام ووفد الإعلاميين والحقوقيين والمثقفين الليبيين وأعيان ورموز وشيوخ القبائل الليبية والدفع بتهيئة بيئة شرعية/ تشريعية داخل ليبيا تدعم ما تم التوافق عليه بين الفرقاء الليبيين من مقترحات لتسوية الأزمة وتعمل علي تفعيلها من خلال المؤسسات التشريعية "البرلمان" والاستشارية "المجلس الأعلي للدولة" وهو ما برز من خلال إجراء العديد من اللقاءات لممثلي مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلي للدولة وبعض أعضاء المؤتمر الوطني المنتهية ولايته. وكذلك العمل علي تقريب وجهات النظر وتحقيق التوافق بين القيادات السياسية/ العسكرية الرئيسية في ليبيا من خلال عقد لقاءات متكررة مع "رئيس مجلس النواب- القائد العام للجيش الليبي- رئيس المجلس الرئاسي" وتأمين الدعم الإقليمي والدولي للجهود الليبية الرامية للتوافق والتسوية عبر التواصل والتنسيق المستمر مع دول الجوار الليبي "اللقاءات ثنائية ومتعددة الأطراف" والآليات المعنية لتسوية الأزمة الليبية "الاجتماعات مع دول الجوار الليبي واللجنة الأفريقية وجامعة الدول العربية" إلي جانب لقاءات ممثلي الاتحاد الأفريقي ومبعوثي المنظمات والقوي الدولية المعنية بالشأن الليبي "المبعوث الأممي لدي ليبيا وحلف الناتو ومبعوث القوي الدولية". وحرصت مصر علي أن يأتي الحل برؤية ومقترح ليبي/ ليبي بعيداً عن أي إملاءات أو توجهات خارجية وذلك في ظل المبادرات ا لمتعددة المطروحة علي الساحة "الإقليمية- الداخلية- الدولية" لتسوية الأزمة الليبية.. أفرزت لقاءات الأطراف الليبية في مصر عن الخروج برؤية توافقية تستند علي الاتفاق السياسي كإطار للتسوية وعبر إجراءات تنفيذية بدعم مصري ورعاية أممية تتمثل في تشكيل لجنة مشتركة مختارة من أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلي للدولة وبحد أقصي 15 عضواً عن كل مجلس للنظر في القضايا التي سبق التوافق علي تعديلها في الاتفاق السياسي والتوصل لصيغ توافقية لمعالجتها ثم ر فعها لمجلس النواب الليبي. وانطلق الدور المصري لدعم جهود تسوية الأزمة الليبية في الحفاظ علي هوية الدولة الليبية بعيداً عن أي انتماءات دينية/ قبلية ووحدة وسلامة الدولة الليبية ضد أي محاولات للتقسيم والحفاظ علي مؤسسات الدولة الليبية ووحدتها واحترام سيادة القانون وضمان الفصل بين السلطات وقبول الآخر ورفض كافة أشكال الإقصاء والتهميش والحفاظ علي وحدة الجيش الليبي وممارسته لدوره في تأمين حدود الدولة الليبية ومكافحة كافة أشكال التطرف والإرهاب وتذليل كافة الصعاب أمام الأشقاء الليبيين المتواجدين/ المترددين علي مصر بتقديم العديد من التسهيلات يتمثل أبرزها في تسهيل إجراءات دخول وخروج السيارات الليبية إلي مصر من خلال مد فترة السماح للسيارات المتواجدة بالبلاد لمدة 6 شهور تجدد لمدة مماثلة واستثناء بعض السيارات ذات الحالات الخاصة من شرط تقديم دفتر المرور الدولي "تريب تك" والموافقة علي تسهيل إجراءات إنشاء مدرسة ليبية بالقاهرة وتيسير منح تأشيرات الدخول لليبيين الراغبين في تلقي العلاج بالمستشفيات المصرية وتسهيل أوضاع الليبيين المقيمين في مصر والمترددين عليها من خلال تخفيض الشريحة العمرية المطلوب حصولها علي تأشيرة دخول للأراضي المصرية لتكون من 16 إلي 60 عاماً بدلاً من 18 إلي 50 عاماً ومنح الليبيين القادمين للبلاد إقامات سياحية بمنافذ الوصول لمدة 6 شهور بدلاً من 3 شهور تجدد لمدة مماثلة والسماح بدخول سيارات الاسعاف الليبية إلي مستشفي السلوم العسكري والعودة في إطار الضوابط والإجراءات الأمنية اللازمة.