بمجرد زيارتك لأي منطقة شعبية بالاسكندرية ستجد شخصاً يبدو عليه العنف والبلطجة يقترب منك بشكل مريب لكي يهمس في أذنك قائلاً "أوامرك ياباشا حشيش. بودرة. بانجو. طبنجات. طلقات. سيوف" فلا تتعجب فإن ذلك سيكون تاجراً يقدم لك قائمة ببضائعه التي يعرضها خلفه علي "ترابيزة" بأحد جوانب الرصيف وحولها مجموعة من البلطجية يقومون بحراستها. حيث استغل تجار "الكيف" حالة عدم السيطرة الأمنية بالمحافظة التي أعقبت الثورة وقاموا بعرض وبيع بضائعهم علي مرأي ومسمع الجميع بالشوارع. خاصة بالمناطق الشعبية كعزبة القلعة وشارع أحمد أبوسليمان وشارع الزهور بمنطقة الحضرة. ويمكننا القول بأن تجارة المخدرات أصبحت تجارة آمنة بالشوارع في ظل غياب العناصر الأمنية بالمناطق الشعبية التي يكثر بها عمليات البلطجة والمشاجرات والتي أصبحت أسواقاً رائجة لعرض وبيع المخدرات بشوارعها. ولم يكتف البلطجية ببيع المخدرات فقط ولكنهم حالياً يقومون ببيع الأسلحة النارية والبيضاء وطلقات الرصاص. حيث وصل سعر الطبنجة الميري علي كوبري "أبوسرحة بشارع أحمد أبوسليمان" إلي 50 جنيهاً للفارغة من الطلقات. قامت "المساء" بجولة في هذه المناطق الشعبية التي تحولت إلي أسواق علنية لتجارة المخدرات والأسلحة بالاسكندرية وسماع معاناة الأهالي الذين يعانون من بطش البلطجية. يقول الحاج أنور سعيد صاحب مخبز بشارع أحمد أبوسليمان: منذ اندلاع الثورة حتي الآن ونحن نفتقد الرقابة الأمنية أو الحملات الشرطية بالشوارع حتي أصبحنا نعيش في غابة والقوي بها يأكل الضعفاء ويسطو علي قوت يومهم بسبب انتشار شلل البلطجية بالشارع الذين يفرضون علي المارة وأصحاب المحلات الإتاوات اليومية ونضطر لدفعها لعدم تكسير المحل الذي يمنحنا قوت يومنا. مشيراً إلي أنه يدفع في كل صباح ما يقرب من 20 جنيهاً كإتاوة للبلطجية لكي يسمحا له بفتح محله والاسترزاق منه. يلتقط الحديث إبراهيم الجمل 55 سنة قائلاً: أسكن بصحبة أسرتي المكونة من زوجتي وثلاث فتيات بشقة دور أرضي بعزبة القلعة ومنذ بداية حالة الفراغ الأمني التي أعقبت الثورة ويومياً البلطجية يتجمعون أمام الشباك الذي يعد منفذ التهوية الوحيد لي ولأسرتي ويمنعوني من فتحه ويقومون بوضع "ترابيزة" ويعرضون عليها المخدرات بكافة أشكالها بشكل علني ويقضون ليلتهم أمام الشباك يتعاطون المخدرات وتدخل أدخنتها علينا الشقة. مشيراً إلي أنه قام يوماً بالتحدث معهم لكي يقفوا في مكان آخر ولكنهم رفضوا وقاموا بالتعدي عليه أمام أسرته مما عرضه لجروح وكسور في أماكن مختلفة في جسمه. تقول بدرية أبوالمجد أحد سكان منطقة الحضرة الجديدة إن البلطجية يقومون ببيع المخدرات علي مرأي ومسمع الجميع وفي وضح النهار ويعتدون علي كل من يحاولون منعهم. بالإضافة إلي كثرة المشاجرات التي تتكرر بشكل مستمر والتلفظ بالألفاظ النابية. مشيراً إلي أن تجار الكيف يقومون باستخدام الأطفال والصبية صغار السن التي لا تصل الفئة العمرية لهم ل 14 عاماً في الترويج لبضائعهم. فضلاً عن مساعدتهم في المشاجرات من خلال وقوفهم أعلي المنازل وإلقاء الزجاج وماء النار ويعطون لهم مبالغ مالية يومياً تصل إلي 50 جنيهاً للطفل الواحد. تشكو سعيدة خليل أحد سكان منطقة كرموز من كثرة شلل البلطجية الذين يقومون بالمعاكسات والتحرش بالفتيات أمام المارة وفي وضح النهار. مشيرة إلي أنه منذ اندلاع الثورة وانتشار شلل البلطجية علي مداخل الشوارع الفرعية انتشرت المعاكسات والتحرش بالفتيات وسبهم بالألفاظ النابية موضحة انها تشعر بالقلق علي بناتها مما دفعها لمنعهم من الخروج إلي الشوارع. يضيف هلال ضيف الله أحد سكان شارع أحمد أبوسليمان بأنه أثناء عودته من العمل فوجيء بشخص يعرض عليه شراء طبنجة ميري فارغة الطلقات ب 50 جنيهاً. مشيراً إلي أن هذه الظاهرة والتجارة انتشرت بشكل كبير خاصة عقب اقتحام الأفراد لأقسام الشرطة أثناء الثورة وسرقة البلطجية للطبنجات والأسلحة الميري. موضحاً بأن هذه التجارة أصبح لها أسواق رائجة بكوبري أبوسرحة الذي يؤدي إلي شارع أحمد أبوسليمان بمنطقة الرمل فضلاً عن بيع الأسلحة البيضاء من مطاو وسيوف وآلاف حادة يقوم تجارها بعرض بضائعهم بوسط الطريق وأمام المارة بشكل طبيعي مستغلين حالة عدم السيطرة الأمنية بالمحافظة. أكد خليل أبوالسعود من سكان الماكس بأن الأمان في المنطقة شبه معدوم ولا يوجد من يتدخل ويحمي الأهالي من بطش البلطجية. مشيراً إلي أنهم يقومون بالتعدي علي الصيادين لكي يأخذوا الأسماك منهم بالقوة والعنف ولم يبق للصياد اختيار سوي إما أن يتنازل لهم عن رزقه ورزق أسرته أو يقومون بالتعدي عليه وأخذ ما اصطاده بالقوة مضيفاً بأنه يتمني أن يتم التركيز الأمني علي الماكس ووضعها في الاهتمام. يشكو يسري السباعي أحد سكان شارع عبدالعليم المتفرع من شارع الزهور من عمليات البلطجة وفرض الإتاوات وانتشار قطاع الطرق. مشيراً إلي أنه منذ أقل من شهر تعرض لحالة سرقة بالإكراه في الشارع الذي يسكن به من قبل أحد البلطجية ولم يستطع إعادة ما سرق منه بسبب الغياب الأمني الذي تعاني منه المحافظة حالياً مطالباً رجال الشرطة بالحزم للتصدي لعمليات البلطجة والسرقة وبيع المخدرات والأسلحة وفرض الإتاوات علي الضعفاء لتطهير الشوارع من هذه العناصر الإجرامية.