يواجه المجتمع الإسلامي بشكل عام والمصري بشكل خاص العديد من التحديات لتطوير الخطاب الديني وإصدار الفتاوي من أهلها بعد حالة العبث والفوضي التي ظهرت علي الساحة الدينية من كثرة مصدري الفتاوي غير المؤهلين فضلا عن تردي الخطاب الديني ومحاولات الجماعات الإرهابية تشويه صورة الإسلام في الغرب وادعاء اتباعهم للدين الحنيف. التقت "المساء" الدكتور عمرو الورداني أمين الفتوي ومدير إدارة التدريب بدار الإفتاء في مكتبة الإسكندرية وناقشت معه بعض القضايا الساخنة علي الساحة الدينية: * يوجد حاليا في مجلس النواب مشروع قانون قانون لمنع غير المتخصصين من إصدار الفتاوي.. فما رأيك؟ ** لو تم سن هذا القانون سيكون خطوة مهمة ولكن الأهم هو ما تقوم به دار الإفتاء حاليا وهي قضية التثقيف الإفتائي ونشر الوعي الديني بين الناس بحيث يكون لدي الرأي العام الرغبة والداعم لفكرة تثقيف الساحة الافتائية ولفظ غير المؤهلين وهذا هو العنصر الأهم من سن قانون.. فهناك العديد من الفتاوي الغريبة مثل عندما أفتي أحد الأفراد بإحدي القنوات المتأسلمة التي كانت تنتشر خلال الفترة السابقة بإباحه هدم المسجد الحرام وإعادة بنائه مرة أخري لكي يتم الفصل فيه بين الرجال والسيدات من المصلين.. هذه الفتوي غريبة ومن الممكن أن تثير نوعا من البلبلة والفرقة في المجتمع الإسلامي. * ما المشكلات التي تواجه تطوير الخطاب الديني من وجهة نظرك؟ ** يجب التفرقة بين مجموعة مستويات من الخطاب الديني أولها هو الرسمي والثاني غير الرسمي والثالث هو الخطاب الديني الوافد وهذه الخريطة بها اشتباك كبير ,حيث إن غير الرسمي مازال يمارس حتي الآن وله مساحة وهو أحد أسباب انتشار الفوضي التي نراها علي الساحة.. كما أن من أهم مشكلات الخطاب الديني أننا نختزله في خطبة المنبر فقط حيث لا يتم ممارسته إلا داخل المساجد فقط وهذا غير منطقي لأنه يجب أن يمارس سواء قول أو فعل أو سلوك بالالتزام بتعاليم وقيم الإسلام في كل مكان وشأن يتعلق بحياة المسلم. * ولكن كيف يمكن القضاء علي هذه السلبيات التي تواجه الخطاب الديني؟ ** اقترح قيام شخصيات إسلامية ذات المرجعية الدينية بعمل مبادرات اجتماعية وتنموية يلتف حولها الناس لدعم وتنمية الدولة وتحسين معيشة الأفراد ومنها المشروعات القومية والتي تدعم الاقتصاد أو توفر فرص العمل.. كما أطالب بتأهيل الداعية حتي لا يترك فراغا علي ساحة الخطابة تعود من خلالها بعض الجماعات التي تتخذ الدين مدخلا لتحقيق مكاسب شخصية ولذلك فإن الخطاب الديني يعتبر قضية أمن قومي.. إذن فالبداية كما قلت من تأهيل الداعية. * بين الفترة والأخري تظهر أعمال فنية تسيء للأئمة.. فكيف يمكن مواجهة هذه الظاهرة؟ ** أغلب صناع الأعمال الفنية لا يدركون حجم المسئولية التي تقع علي عاتقهم في تشكيل الثقافة وغرس القيم والعادات المجتمعية الصحيحة ولذلك نجد بعض الأعمال الفنية تظهر المشايخ بصورة سلبية بأنهم متشددون لا يقبلون النقد ويرفضون التحضر وهذا علي غير الحقيقة.. كما أن الفن مثله مثل أي عمل لابد أن يراعي الآداب والقيم العامة بالمجتمع ولكن الأعمال الفنية دائما تستخدم الإثارة والمبالغة مثل فيلم "مولانا" الذي يعرض حاليا كما قرأنا.. رغم أن هناك نماذج تم فيها تجسيد الشيخ المعتدل مثل مسلسل "مازال النيل يجري". * انتشرت ظاهرة "الإسلاموفوبيا" أو الخوف من الإسلام في الغرب بعد تشويه صورته من جانب المتأسلمين والمتشددين.. فكيف يمكن تحسين صورة الإسلام في الغرب؟ ** لابد من معرفة إلي أي مدي وصلت صورة الإسلام في الغرب وذلك يحتاج إلي رصد المصنفات التي تتناول صورة الإسلام بشكل أو بآخر كما أننا نحتاج إلي العمل علي أربع استراتيجيات متوازية أولها الرفض التام لفكرة الاتهام وأننا ندافع فقط ولذلك يجب تسجيل رفض ظاهرة الإسلاموفوبيا ووضع الإسلام في قفص الاتهام بشكل مسبق ثم تبدأ الاستراتيجية الثانية وهي البيان وتعريف العالم بالقيم الحقيقية للإسلام والتأكيد علي أننا نحمل رسالة للعالمين وذلك تبدأ بالتعريف ثم التعرف فتحدث المعرفة وتغير الصورة الذهنية فيبدأ بالاعتراف بقيمي ومعتقداتي الإسلامية ثم نضع الأعراف والأشياء المنظمة للتعامل بيننا فتبدأ مرحلة التبادل المعرفي والثقة المتبادلة , وتأتي الاستراتيجية الثالثة بتبني رؤية جديدة وهي الإسلام الحضاري الذي يهتم بالتنمية والقيم والوعي فهذه الملفات يمكن أن تشكل رأس سهم لتنوير الأفراد بما جاء بالإسلام بالخير والرحمة والتنمية والجمال لتغير رؤية العالم للدين الحنيف لتغير الأفكار الغربية المتطرفة التي تري بأن الاسلام ضد العالم وتحويلها إلي أنه خير للبشرية وذلك لن يتحقق إلا بالتواصل وتبادل المعرفة والنفع والانفتاح علي الدول المختلفة للتخلص من الصورة السلبية.. فهناك العديد من دول العالم تملك الوعي للتفرقة بين الإسلام المعتدل والمتطرف ولكن يجب العمل علي زيادة هذه الدول لكي يتم تشكيل رأي عام عالمي واع يستطيع التفرقة بين المسلم المتطرف أو الإرهابي والمسلم المعتدل ثم تأتي الاستراتيجية الرابعة والأخيرة وهي الرفض الدائم لكافة الصور المسيئة للإسلام. إلا أن تنفيذ هذه الاستراتيجيات تحتاج إلي تضافر جهود العديد من المؤسسات والهيئات ومنها وزارات الخارجية والثقافة والإعلام والتعليم والهيئة العامة للاستعلامات فضلا عن المؤسسات الدينية كالأزهر الشريف ودار الإفتاء وذلك بتشكيل لجان من خبراء متخصصين في الخطابة والدعوة يعملون بإشراف من الدولة لوضع الاستراتيجيات ومتابعة التنفيذ ومراقبة النتائج.. كما أنه بإمكان المؤسسات الدينية تنظيم رحلات وزيارات للوفود والجاليات الأجنبية في مصر لتعريفهم وتثقيفهم علي آداب وسلوك الدين الإسلامي الصحيح لكي يكون هؤلاء هم حائط الصد الأول للدفاع عن الإسلام في بلادهم التي توجد بها المفاهيم الإسلامية المغلوطة وغير الصحيحة.