دراسة صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تعكس مؤشراتها ارتفاع معدلات الطلاق في مصر خلال العقدين السابقين "1996-2015" لتصل إلي 40% في السنوات الخمس الأولي من الزواج تلك المؤشرات كانت وراء دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي لوضع قانون لتنظيم الطلاق بعد أن أصبح الحل السهل والسريع لدي حديثي الزواج وليكون بمثابة زواج علي ورقة طلاق. في الواقع منظومة الزواج والطلاق في حاجة لإعادة نظر لأنها تتعلق بالأسرة التي هي وتد المجتمع.. واهتزازها يعني اضطراب المجتمع.. بالطبع يجب أن نعترف أن الطلاق هو الحل الأمثل في حالة استحالة العشرة والزيجات الفاشلة التي بنيت علي خطأ ولم يراع فيها التناسب ولم تستند علي مقومات نجاحه. وبمقارنة بسيطة بين الأسر الآن وأسرنا منذ ربع قرن لوجدنا الفرق واضحاً وملموساً.. كنا ننظر إلي الزواج علي أنها علاقة مقدسة هي المرادف للسكن والمودة والرحمة والأسر كانت حريصة علي حسن الاختيار والسؤال عن الطرفين لضمان استمرارية الزواج وبقائه لأكثر من ذلك كان هناك حالة من الرضا بالقليل وعدم المغالاة في تأثيث شقة الزوجية جنباً إلي جنب المصارحة والوضوح.. الآن الوضع تغير تماماً فوجدنا أموراً غريبة لم نكن نسمع عنها من قبل.. فتيات تقبل الزواج من رجل بأي ظروف ربما متزوج ولديه أسرة أحياناً فارق اجتماعي كبير فنجد فتيات مؤهلات عليا تتزوج من مؤهلات متوسطة. نجد فتيات تقبل الزواج بمن يصغرهن في السن.. تحت ضغط المجتمع لاقتناص زوج بأي طريقة حتي أننا سمعنا مقولة "خلفي عيال وبعدين اتطلقي مفيش مشكلة" ووجدنا زوجات يستكملن حياتهن بمنطق ضل راجل ولا ضل حيطة.. ووجدنا أسراً تواصل حياتها الزوجية بدافع الترابط الأسري حتي لا يدفع الأبناء ثمن الانفصال ووجدنا أسراً تعيش حالة من الخرس الزوجي.. شكلا هم أزواج أمام المجتمع والواقع يؤكد اختلافهم وصراعهم وانفصالهم. لابد أن نعترف ان دوافع بناء أسرة إنسانية قوامها الأخلاق.. تمتلك مقومات النجاح والاستمرار لم تعد موجودة والأمر يحتاج لاجتهاد علماء الاجتماع لفك طلاسم التغييرات الاجتماعية التي حدثت وتهدد أهم مؤسسة اجتماعية وهي الأسرة وان كان هناك عوامل واضحة نستطيع ان نلمسها بسهولة.. وهي انعدام الرضا الذي كانت تتحلي به الأسرة المصرية ليحل محله التمرد والرفض والاحباط ويجب ألا ننسي وسائل التواصل الاجتماعي التي لعبت دوراً خطيراً في تفكك الكثير من الأسر بسبب دورها الكبير في اكتشاف بعض الخيانات المتبادلة بين الأزواج التي لعبت دوراً في زيادة معدلات الطلاق والخلع. أعتقد ان دعوة الرئيس السيسي لتقنين الطلاق وتوثيقه أمام المأذون سيحد من حالات الطلاق المرعبة التي نعايشها فهي ستكون فرصة لكلا الزوجين في إعادة النظر لأمر الطلاق وعودة المياه لمجاريها والأهم هو إعلام الزوجة بطلاقها ولنقضي بذلك علي مشكلة الطلاق الغيابي الذي تضيع معه حقوق الزوجة والأبناء الأمر خطير لأنه يتعلق بالكيان الأسري الذي لا يقل أهمية عن الحديث عن ارتفاع الأسعار.