عندما ابتلانا الله بفتنة يناير كتبت في أوجها إبان حكم الإخوان والمجلس العسكري "البلد بقي براسين يا عم حسين".. وكتبت ولم يقرأ أحد. وسأكتب ولن يقرأ أحد. وسأكتب ولن يفهم أحد أن مصر تذكرني برسول التتار الذي جاء. فوجد عز الدين أيبك قد مات وأقطاي مات.. وشجرة الدر ماتت. فقال: "واكلم مين لما أحب أخاطب شعب مصر؟". وتذكرت قرار النيابة الشهير في مصر "يبقي الوضع علي ما هو عليه وعلي المتضرر اللجوء للقضاء".. لكن مصر ليس فيها من نلجأ إليه والقرار المناسب هو "وعلي المتضرر أن يخبط دماغه في الحيط".. وعلي المتضرر أن يشرب من البحر.. وعلي المتضرر أن "يعض في الأرض". كتبت وسأكتب.. وأقولها لأولي الأمر ألف مرة "قدامكم خيار من اثنين.. يا تمسكوا البلد يا تسيبوها".. امسكوها أو اتركوها.. لا يعقل أبداً أن يكون في بلد مثل مصر ألف دولة أضعفها جميعاً الدولة الوطنية.. لا يعقل أبداً أن يكون القضاء الإداري دولة. والقطاع الإداري الفاسد دولة. والإخوان دولة.. والإعلام دولة. ومواقع التواصل دولة.. ومجلس نقابة الصحفيين "بتاعة الثلاثي المرح" دولة.. والصيادلة دولة. والأطباء دولة. والمحامون دولة. ورجال الأعمال دولة.. "أكلم مين لما أحب أخاطب مصر"؟.. أين رأس البلد وأين قدمه؟.. وماذا بعد هذه الفزاعة الخبيثة والوهمية التي يتم إطلاقها لتكبيل حركة الرئيس؟ "قال إيه شعبية السيسي تتراجع وتتآكل".. مع من تتعامل الدول والمنظمات الدولية في مصر؟ مع الرئيس والحكومة والبرلمان. أم مع خالد علي. والقضاء الإداري. وحمدين صباحي. وإبراهيم عيسي "يكلموا مين لما يحبوا يخاطبوا مصر"؟.. والفزاعة الأخري أن الرئيس ضاق صدره وبدأ صبره ينفد علي هذا العبث.. وكل ذلك لجعل الرئيس يسكت حتي يقال إنه صبور.. وأنا ومعي قليلون أو كثيرون ضاق صدرنا بصبر الرئيس الذي يبدو لكثيرين أنه ضعف للدولة في مواجهة الدول المتعددة في مصر. ضاق صدرنا بمغازلة شعب "مفكوك من بعضه" ومضبوط علي المناكفة. ومحبوس في بطنه وفرجه. ومخدوع بإعلام فاسد. وقضاء إداري أشعل كل المؤسسات في مصر.. فكم من بلطجي حكم له القضاء الإداري بتسويات. وترقيات. وتعويضات لا يستحقها. وقصمت ظهر جهة عمله.. وكم من أحكام متناقضة لهذا القضاء الورقي الذي يفرق بين المرء وزوجه. وبين المؤسسة والعاملين بها.. قضاء إداري في المنصورة يحكم في قضية المنتقبات ودخولهن الجامعة بالنقاب.. ومحكمة إدارية في القاهرة تقضي بحكم مضاد . القضاء الإداري صار لعبة في مصر يلعبها البلطجية والنصابون والمحامون "النص كم" الذين تتضاعف أتعابهم وتشتعل مكاتبهم بالزبائن بمجرد حصولهم علي حكم بشأن تيران وصنافير أو بشأن إدانة نتنياهو أو أوباما. كل هذا والدولة تبدو ضعيفة هشَّة في مواجهة هذا العبث.. وفي ظل دستور موسي الذي وضعه الريس حنفي "كلمتي مش حتنزل الأرض أبداً.. خلاص تنزل المرة دي". إنه الدستور الذي وضع السلطة في "القهاوي والغرز". وفي يد من لا يفهم ولا يرحم.. وعندما يقال ذلك تقوم الدنيا ولا تقعد حول أن تعديل الدستور خط أحمر "واللي يقرب منه نقطع إيده.. ولساها ثورة يناير". يا أولي الأمر.. البلد يضيع ويتسرب من بين أيدينا وأنتم تشعرون أو لا تشعرون.. يا أولي الأمر هل لكم من الأمر شيء؟.. يا أولي الأمر صبركم يراه الناس ضعفاً.. سكوتكم وسكونكم في رأي الناس قلة حيلة.. يا ناس.. هذا رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: "السلطان الظالم خير من الفتنة". "حرام عليكم.. البلد سابت.. ودي عين وصابت"!!