* يسأل أحمد عبده صالح جزار بشركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية: ما معني الوسطية في المفهوم الإسلامي؟ ** يجيب الدكتور عثمان عبدالرحمن مستشار العلوم الشرعية بالأزهر: الوسطية من الوسط. وهو ما يكون في الماديات بين طرفين متساويين في القدر والمسافة. وفي المعنويات ما بين صفتين مذمومتين. مثل الاعتدال في الانفاق بين البخل والإسراف. ومثل الشجاعة بين التهور والجبن. وتعني أيضاً الخيار والأفضل. لما ورد في قوله تعالي: "وكذلك جعلناكم أمة وسطا". قال ابن كثير: "الوسط ههنا الخيار والأجود". وفي الحديث الشريف: "خير الأمور أوسطها". وكان رسول الله صلي الله عليه الصلاة وسلم وسطاً في قومه. أي أشرفهم نسباً. وأوسطهم عبادة. وورد في صحيح البخاري: "جاء ثلاث رهط إلي بيوت أزواج النبي صلي الله عليه وسلم. يسألون عن عبادة النبي. عليه السلام. فلما أخبروه كأنهم تقالوها فقالوا: أين نحن من النبي. صلي الله عليه وسلم. وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا. وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رسول الله صلي الله عليه وسلم. فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا. أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له. لكني أصوم وأفطر. وأصلي وأرقد. وأتزوج النساء. فمن رغب عن سنتي فليس مني". ويتبين من هذا كله أن الوسطية تعني الاعتدال بحيث لا يطغي جانب علي جانب. ولا يحدث إفراط ولا تفريط. ومن حكمة الله تعالي أن جعل الوسطية شعاراً للأمة الإسلامية التي هي آخر الأمم. وصفة لرسالة الإسلام التي ختم الله بها الرسالات. وبعث بها محمداً خاتم أنبيائه رسولاً للناس جميعاً. ورحمة للعالمين. وقد اتصف الإسلام باعتدال منهجه بين مناهج الأديان الأخري إذ سلمت عقائده وأحكامه وأخلاقه من الغلو والتقصير. ووسطية الأمة الإسلامية التي دل عليها قوله تعالي: "وكذلك جعلناكم أمة وسطا" تقتضي اتصافها بالصفات الآتية: 1 صفة العدل التي هي ضرورة لقبول شهادة الشاهد علي الأمم الأخري. 2 صفة الاستقامة التي هي البعد عن الميل والانحراف. 3 صفة الخيرية التي هي مظهر التفضيل الذي أخرجت به الأمة الإسلامية للناس. يدل عليه قوله تعالي: "كنتم خير أمة أخرجت للناس". فالوسطية هي منهج الحق ومسلك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم. وقد انحصر في منهج الرسول صلي الله عليه وسلم الذي ختم برسالته جميع الرسائل. ونسخ بشريعته جميع الشرائع. وأصبح منهج أهل السنة والجماعة هو المنهج الوسط بعد ظهور الأهواء والافتراق. فينبغي علي المسلم اتباع هذا المنهج القائم علي الاعتدال. البعيد عن طرفي الغلو والتفريط. * يسأل حسين أحمد الصافي من الفيوم: بعدما ظهر الجشع بين بعض التجار في معاملاتهم مع الناس. كيف نوجههم إلي مبادئ المعاملات التجارية في الإسلام؟ ** يجيب: تمتاز المعاملات التجارية في الإسلام من غيرها من المعاملات الأخري بالتأكيد علي أمر الخلق في كافة المعاملات التجارية والمالية بل جعلها سبباً معنوياً للنمو والربح. ففي سورة نوح جعل الله سبحانه وتعالي الإنابة إليه واستغفاره سبباً للمدد والفتح الإلهي فقال سبحانه: "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا" وجعل تقوي الله سبباً للفرج والرزق فقال سبحانه وتعالي: "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل علي الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره وقد جعل الله لكل شيء قدرا" كما جعل سبحانه أن ارتكاب الموبقات والمعاصي سبب لمحق الرزق وإذاقة الناس الخسارة والبوار فقال سبحانه وتعالي: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون" ومن قرأ سيرة الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم يجدها مليئة بالأحاديث التي تقرر هذا المبدأ منها قوله: "إياكم وكثرة الحلف في البيع فإنه ينفق ثم يمحق". وأمرنا بالسماحة في البيع والشراء بقوله: "رحم الله رجلا سمحا إذا باع سمحا إذا اشتري سمحا إذا اقتضي". ويقول: "لو أنكم توكلتم علي الله حق توكله لرزقكم كما ترزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا" ويقول: "من سره أن يبسط في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه". ويقول: "هل تنصرون وترزقون إلا بضعفانكم" وكل هذه أشياء لا يدركها الماديون الذين لا يفهمون إلا بالمحسوسات ومثلهم كمثل الطفل لا يستطيع أن يدرك إلا ما رأته عيناه.