*أفتي الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية بأن "النصوص الشرعية لم تحدد نسبة للربح بين البائع والمشتري... وأن التاجر قد يشتري السلعة بثمن رخيص ثم يرتفع سعرها بعد ذلك فيربح فيها ربحا كثيرا وقد يحدث العكس.. مؤكدا أن الأمر في ذلك يدور علي التراضي بين طرفي العقد". وأحب أن أذكر فضيلة المفتي وأذكر قرائي الأعزاء بأن المفتي في عهد عبد الناصر كان يقول بعكس ذلك.. حيث أكد انه في ظل الجشع والاحتكار يصبح من واجب ولي الأمر - الحكومة أو الرئيس - التدخل لفرض تسعيرة جبرية تحقق ربحا معقولا للتاجر بما لا يجور علي المستهلك.. فالحاكم مسئول عن تحقيق العدل وإحداث التوازن بين المصالح ومحاربة الممارسات السلبية.. وهناك قاعدة فقهية تقول "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".. ومادام واجب العدل يقتضي مراقبة السوق وزجر التجار الجشعين فقد أصبح ذلك واجبا علي ولي الأمر.. وعلي هذا طبقت التسعيرة الجبرية... بل وتم تسعير إيجارات المساكن والأراضي الزراعية حماية للمستأجرين من عسف الملاك.. وفي عهد السادات تحولت التسعيرة الجبرية إلي تسعيرة استرشادية.. وفي عهد مبارك اختفت التسعيرة تماما.. والآن لم تعد التسعيرة من الدين أصلا.. فهل هذا هو التطور الطبيعي لتجديد الخطاب الديني؟! *** *جاءتني هذه الرسالة علي ال"واتس أب" نقلا عن مقال لأحد الأخوة السودانيين يقول فيه: "أثناء دراستي في أيرلندا كنت أتردد علي بقالة تبيع فيها امرأة وأشتري منها الكاكاو ب 18 بنسا.. وذات مرة رأيتها قد وضعت رفا آخر لنفس نوع الكاكاو ومكتوب عليه السعر "20 بنسا".. فاستغربت وسألتها: هل هناك فرق بين الصنفين.. قالت: لا.. هما نفس النوع ونفس الجودة.. قلت: إذن فلماذا يباع هذا بسعر وذاك بسعر آخر في نفس الوقت.. قالت: حدث مؤخرا في نيجيريا التي تصدر لنا الكاكاو مشاكل فأرتفع سعر الكاكاو.. وهذا من الدفعة الجديدة التي نبيعها ب 20 بنسا بينما القديم ب 18 بنسا.. فقلت: لن يشتري منك أحد سوي بسعر 18 حتي نفاد الكمية وبعدها سيأخذون بسعر 20.. قالت: نعم.. أعلم ذلك.. قلت: إذن اخلطيهما ببعض وبيعي بالسعر الجديد ولن يستطيع أحد التمييز بينهما.. فهمست في أذني قائلة: هل أنت حرامي؟! أي أخلاق هذه!! *** فاجأنا رئيس الوزراء بتصريح يقول فيه: "مستمرون في إجراءات تحسين حياة المواطن".. ونحن نرد عليه شاكرين مهللين: "والنبي كفاية تحسين.. إحنا استوينا خلاص". وزير الكهرباء كان أرحم قليلا وأوضح في نيته.. حيث قال إنه لا زيادة في الأسعار قبل يوليو القادم.. وسنرفع الدعم نهائيا في 2019. تحية لهذه الصراحة المريحة.. ربنا يعطيك "علي قد نيتك". *** إذا كنا جادين في تغيير اتجاهات شبابنا فيجب أن ندرس لأبنائنا قصص حياة النماذج الايجابية للشخصيات التي كافحت وتميزت وبنت مجدها بنفسها.. تخيلوا معي لو أعددنا كتابا يتضمن قصص قصيرة ومختصرة لحياة أشخاص مثل طه حسين والعقاد ونجيب محفوظ وحافظ إبراهيم ومكرم عبيد وطلعت حرب وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب والدكتور مجدي يعقوب والمهندس هاني عزيز الذي بني أكبر محطة قطارات في العالم بألمانيا والدكتور أحمد زويل وبيل جيتس. تخيلوا ما هي القيم التي سنزرعها في أبنائنا لو درسوا نبذة سريعة عن كل واحدة من هذه الشخصيات العبقرية التي أثرت الحضارة الإنسانية بدلا من الفراغ الذي يعيشون فيه بلا قدوة ولا نموذج يحتذي به. *** خرجت مظاهرات في عدة مدن أمريكية اعتراضا علي تعيينات الرئيس المنتخب دونالد ترامب لفريق معاونيه ووزرائه بعد أن تبين أن الرجل ينتقي العناصر اليمينية المتطرفة المتعصبة.. والمعادية للإسلام والمسلمين علي وجه الخصوص.. وهو ما اعتبره المتظاهرون تحديا صريحا واتهاما وتعديا علي المسلمين والإسلام بلغ ذروته بتعيين مايكل فلين مستشارا للأمن القومي وهو الذي يسب الإسلام بكل وضوح ويتهمه بأنه دين إرهاب ودم.. ويري المتظاهرون في اختيارات ترامب المعلنة حتي الآن خطرا داهما علي أمريكا والعالم. ترامب يرد علي ابتهاجنا بفوزه وتفاؤلنا به من زاويتين حادتين: الأولي تعيينات عنصرية معادية صحبها ارتفاع في معدلات الاعتداء علي المساجد والمراكز الإسلامية والمحجبات وأي مظهر إسلامي في الشارع الأمريكي.. والثانية قرارات إسرائيلية عنصرية ما كان لها أن تصدر إلا في مناخ الكراهية والانحياز الأمريكي الأعمي الذي أشاعه ترامب.. وفي مقدمة هذه القرارات حظر الأذان في مساجد القدس والأراضي المحتلة. ومع ذلك.. هناك من لا يزال يطبل لترامب!!