شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس في الجلسة الافتتاحية للقمة الإفريقية العربية الرابعة المنعقدة في عاصمة غينيا الاستوائية مالابو تحت شعار "معًا من أجل التنمية المستدامة والتعاون الاقتصادي" والتي حضرها عدد من رؤساء الدول العربية. وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير علاء يوسف بأن مشاركة الرئيس السيسي في القمة الإفريقية العربية جاءت لتعكس حرص مصر علي تعزيز التعاون الافريقي العربي المشترك من أجل تحقيق التنمية المستدامة ومواجهة مختلف التحديات التي تواجه الشعوب العربية والافريقية في هذا الخصوص. وأشار إلي أن الرئيس تابع الاتصالات التي تمت قبل انعقاد القمة لمحاولة إيجاد مخرج للأزمة التي شهدها الاجتماع الوزاري أمس تحضيرًا للقمة اتصالا بمشاركة الجمهورية الصحراوية. وتجدر الإشارة إلي أن مصر لا تعترف بالجمهورية الصحراوية ولكنها تحظي بوضعية دولة عضو بالاتحاد الإفريقي. وأضاف المتحدث الرسمي أنه من منطلق المسئولية الخاصة التي تضطلع بها مصر كدولة عربية إفريقية فقد حرصت علي المشاركة في القمة خاصة وأنها هي التي دشنت الشراكة الافريقية العربية المهمة من خلال استضافة القمة الأولي عام 1977. كما أنها تحرص دوما علي إرساء آليات لتعزيز العلاقات بين الأمة العربية والقارة الإفريقية في مرحلة تستدعي تكاتف جميع الجهود من أجل وحدة الصف والتضامن في مواجهة التحديات المختلفة. وقد ألقي الرئيس السيسي كلمة أمام القمة فيما يلي نصها: "فخامة الرئيس / تيودورو اوبيانج رئيس جمهورية غينيا الاستوائية فخامة الرئيس / أدريس ديبي رئيس جمهورية تشاد ورئيس الاتحاد الأفريقي فخامة الرئيس / محمد ولد عبدالعزيز رئيس جمهورية موريتانيا الإسلامية ورئيس مجلس جامعة الدول العربية أصحاب الجلالة والفخامة رؤساء الدول والحكومات السيدات والسادة اسمحوا لي في البداية أن أعرب لكم عن بالغ سعادتي بوجودي مجددا في مالابو تلك المدينة الجميلة التي شهدت أولي مشاركاتي منذ عامين في قمم الاتحاد الافريقي وأود أن أشيد في هذا الإطار بحرصكم علي استضافة القمم الافريقية وقمتنا الحالية والذي يعكس التزام بلدكم الشقيق بالعمل الافريقي المشترك وتعزيز علاقات التعاون بين الدول الافريقية والعربية. كما أعرب عن خالص تقديري لرئيسي الدورة الثالثة للقمة الافريقية العربية أخي صاحب السمو الأمير / صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة وأخي دولة رئيس الوزراء الاثيوبي / هايلاماريام ديسالن علي جهودهما الحثيثة لتطوير التعاون الأفريقي العربي منذ انعقاد قمة الكويت في عام .2013 أصحاب الجلالة والفخامة رؤساء الدول والحكومات يأتي انعقاد القمة الافريقية العربية الحالية تحت عنوان "معا من أجل التنمية المستدامة والتعاون الاقتصادي" ليعكس ادراكنا المشترك بأن الأهداف المتعلقة بتحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوي معيشة شعوبنا ورفاهيتها هي أهداف مشتركة لا يمكن الوفاء بها إلا من خلال التعاون الفعال لتحقيق مصالحنا المشتركة. وبالمثل فإن التحديات التي يفرضها الواقع الحالي عابرة للحدود بطبيعتها وتحتاج لتضافر كافة الجهود الاقليمية والدولية للتعامل معها ولعل أزمة اللاجئين والهجرة غير الشرعية فضلا عن تطور نشاط جماعات الجريمة المنظمة العابرة للحدود في تهريب المخدرات والاتجار في البشر وممارسات التنظيمات الارهابية البشعة لهي أبلغ دليل علي ذلك. السيدات والسادة إن العلاقات الافريقية العربية لهي علاقات تاريخية متراكمة متعددة الأوجه رسمها التلاحم الجغرافي والتماذج الثقافي والحضاري فلقد هاجر المسلمون الأوائل من شبه الجزيرة العربية إلي الحبشة قبل أكثر من ألف وثلاثمائة عام بحثا عن الحماية لدي أهلها الكرام. كما شهدت العلاقات التجارية والثقافية بين الجانبين رواجا تعكسه شواهد ملموسة في مدن افريقية مثل تمبكتو وزنزبار وأسوان وأخري عربية مثل عدن وصلالة بل أن اللغة السواحليلية بمفرداتها العربية التي يتحدث بها ملايين من الافارقة لهي أبرز مثال لهذا التمازج. وفي هذا السياق تفتخر مصر بكونها دولة افريقية وعربية وجسرا بين الجانبين وتعتز بجذورها وانتمائها لمنطقتين شهدتا مهد الانسانية وبزوغ الحضارة الأولي والديانات الأمر الذي كان له بالغ الأثر في إثراء الهوية المصرية وفهم أعمق للتحديات التي تواجهها شعوبنا والطموحات التي نتطلع لتحقيقها. الأخوة والأخوات لقد كشفت التجربة وجود علاقة تلازم بين تدهور حالة السلم والأمن الدوليين. والتحديات المتصلة بالفقر والجهل وتراجع معدلات التنمية حيث تؤثر كل منهما علي الأخري. الامر الذي يفرض علينا التعامل مع تلك التحديات من منظور متكامل. ومن هذا المنطلق تضع مصر تحقيق السلم والأمن والاستقرار في ربوع العالمين الافريقي والعربي في صدارة أولويات سياستها الخارجية ايمانا منها بمحورية السلام كأساس لتحقيق الرخاء والتنمية المستدامة. وتعمل مصر علي خدمة هذه الأهداف خلال المرحلة الراهنة من خلال تمثيلها للمجموعتين الافريقية والعربية في مجلس الأمن الدولي بالتزامن مع عضويتها في مجلس السلم والأمن الافريقي. وترحب مصر في هذا السياق بما ورد في خطة العمل المشتركة بشأن تعزيز التعاون بين الأجهزة المعنية بالسلم والأمن في الاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية. واسمحوا لي أن أعرب عن تقديري مجددا لصاحب السمو الأمير / صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت علي مبادرته الكريمة التي اعتمدتها القمة الثالثة لتمويل التنمية والاستثمار في أفريقيا والتقدم الذي حققته المبادرة منذ إطلاقها وحتي اجتماعنا اليوم. وفي هذا الإطار ستواصل مصر جهودها لدعم برامج التنمية والتعاون الاقتصادي الافريقي والعربي بهدف تنفيذ برامج الاندماج الاقتصادي والتجاري والتكامل بين الاسواق وهو ما يتطلب العمل الدؤوب علي إزالة معوقات التجارة وتعزيز قدراتنا للنفاذ إلي الأسواق العالمية والاقليمية وتحقيق التنمية الصناعية واضفاء المزيد من القيمة المضافة علي انتاجنا الوطني. الأخوة والأخوات إن تعزيز التعاون الاقتصادي والتكامل بين الاسواق يستلزم توافر البنية التحتية الاقليمية اللازمة للارتقاء بمستوي التبادل التجاري والتكامل الاقتصادي المنشودين وهو الأمر الذي كان محورا للنقاش خلال منتدي التعاون الاقتصادي المنعقد علي هامش اعمال هذه القمة والذي تناول كذلك ضرورة الاستثمار في مشروعات البنية التحتية الاقليمية وهو هدف تؤيده مصر وتسعي لتحقيقه خدمة للمصالح المشتركة ولتحقيق الاهداف التنموية التي تصبو اليها شعوبنا. ولقد جاءت جهود مصر لتطوير منطقة قناة السويس في هذا الإطار حيث تهدف إلي إنشاء منطقة اقتصادية خاصة تستفيد منها المنطقتان العربية والافريقية معا وتشمل بناء عدد من الموانئ والمراكز اللوجستية والتجارية والتي نتطلع إلي مساهمتها بفعالية في زيادة معدلات التبادل التجاري المشترك. وينطبق ذات الأمر علي مشروع الخط الملاحي النهري بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط الذي يهدف إلي تعزيز البنية التحتية للتجارة الاقليمية. وفي ضوء أهمية توفير التمويل المنتظم لدعم برامجنا المشترك تتطلع مصر إلي تنفيذ الاقتراح الذي تقدمت به أثناء قمة الكويت بانشاء شبكة للتنسيق بين الصناديق والآليات التنموية والتمويلية العربية والافريقية وذلك بهدف تعظيم الاستفادة من المساعدات التي تقدمها تلك الآليات وعقد اجتماعاتها دوريا لتحديد أوجه الاستفادة المشتركة. وأرحب في هذا السياق باستضافة الاجتماع الأول لتلك الشبكة في مصر لوضع أسس التعاون بين مختلف الصناديق واقامة قاعدة بيانات حول المتطلبات التنموية لمختلف الدول الافريقية والعربية. السيدات والسادة يطيب لي في نهاية كلمتي أن أشكر كل من ساهم في نجاح هذه القمة متمنيا عقدها بشكل منتظم لما في صالح ازدهار ورخاء كافة الشعوب الافريقية والعربية وشكرا جزيلا.