قبل لقائي بسفير اليابانبالقاهرة تاكيهيرو كاجاءا بلحظات بدأت في مراجعة أسئلتي باللغة الانجليزية إلا أنني فوجئت بالسفير الياباني يتحدث العربية بطلاقة ويصر علي أن يكون الحديث بأكمله باللغة العربية. تاكيهيرو قال لي: لا تندهش أنا عاشق للقاهرة ولي فيها ذكريات تعود الي 30 سنة حينما حضرت لدراسة اللغة العربية في الجامعة الأمريكيةبالقاهرة وعشت في حي الزمالك وترددت علي كافة الاحياء.. ولي أصدقاء وجيران مصريون وعشقت أم كلثوم وفيروز وأحببت الطعمية والملوخية والبامية خصوصاً "الأكل البيتي". أضاف ضاحكاً: ولكنني الآن كسفير ياباني أدعو المصريين الي أكل "الشوش" وباقي المأكولات اليابانية من خلال المطاعم اليابانية التي انتشرت مؤخراً في مصر. ورغم هذه البداية الناعمة الا أن أسئلتي للسفير كانت شديدة السخونة وسألتهن في البداية عن مصير الاتفاقيات التي وقعها الرئيس عبدالفتاح السيسي في زيارته التاريخية لليابان مع رئيس الوزراء الياباني شبنترو آبي؟! أجاب قائلاً: الرئيس السيسي أصدر بياناً مشتركاً مع رئيس وزراء اليابان يهدف الي التعاون من أجل تحقيق قفزة نحو مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية بين البلدين.. وبالفعل بدأ التعاون في مجالات كثيرة من التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة واطلاق الشراكة التعليمية المصرية اليابانية لادخال التعليم علي الأسلوب الياباني الي المدارس المصرية والتعاون بالفعل بدأ وعلي سبيل المثال ولا الحصر قمت في 24 أكتوبر الماضي بالتوقيع علي الخطابات المتبادلة بتقديم دعم اضافي تصل قيمته الي 440 مليون دولار للانتهاء المبكر من مشروع المتحف المصري الكبير ودعم آخر ب 396 مليون دولار لمشروع إعادة تأهيل وتحسين قطاع الكهرباء ونواصل حالياً التعاون في شتي المجالات. خلال زيارة الرئيس السيسي لليابان أعرب عن اهتمامه بالتعليم علي الأسلوب الياباني الذي يركز علي تكوين الشخصية وتربية روح التعاون والانضباط.. ما هي ملامح الشراكة التعليمية المصرية اليابانية المعروفة ب "EJEP"؟! انها شراكة ضخمة تعكس رؤية الزعيمين الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الياباني شينرو ادراكاً منهما بأهمية التعليم في تنشئة الموارد البشرية.. وتشمل التعليم قبل الاساسي أي من مرحلة الحضانة ثم التعليم الاساسي والتعليم الفني والجامعي وسيتم ارسال 2500 طالب مصري للدراسة في اليابان خلال السنوات الخمس القادمة كما سيتم بناء 200 مدرسة يابانية في جميع انحاء مصر والبداية ب 12 مدرسة في القاهرة والجيزة وهناك تنسيق كبير مع وزارة التربية والتعليم وهناك تدريب للمدرسين المصريين وبعضهم سافر لليابان بالفعل بالاضافة الي الجامعة اليابانية المتخصصة في العلوم والتكنولوجيا وهي الآن متخصصة في طلبة الماجستير والدكتوراه وقريباً سيلتحق بها 500 طالب وطالبة لدراسة العلوم والتكنولوجيا للحصول علي درجة البكالوريوس. ** ولكن ما هي طبيعة المناهج التي سيتم تدريسها في هذه المدارس اليابانية النموذجية؟ - أحب أن أوضح انها مدارس حكومية تتبع وزارة التربية والتعليم وتشرف عليها وهناك دعم ومساندة من جانبنا في الاستفادة من أسلوب التعليم الياباني لتنمية مهارات وقدرات الطلبة وخلق الجوانب الابداعية لديهم ودعم ومساندة خلق شخصيات تقود الأمة المصرية في المستقبل. ** مصر تريد أن تحقق تنمية شاملة في جميع المجالات كيف يمكن الاستفادة من التجربة اليابانية في النهوض والتنمية؟ - التعليم التعليم التعليم.. هي النصيحة الوحيدة لكي تكون مصر في مقدمة دول العالم.. أعلم ان المناهج والدراسة عندكم قائمة علي الحفظ والتلقين خاصة في الثانوية العامة وهذا يقتل الابداع ويشل العقل عن التفكير ولا يساعد علي تنمية المهارات لدي الطلاب.. وهذا بالفعل ما نعمل فيه حالياً مع الحكومة المصرية. ** ما هو حجم التبادل التجاري حالياً بين البلدين؟ - حوالي مليار و650 مليون دولار ونسعي لزيادته مستقبلاً. ** وماذا عن المشروعات التي تقوم بها اليابان في مصر؟ - كثيرة ومتنوعة... وكما سبق أن تحدثت عن مشروع بناء المتحف الكبير ومشروع تحسين نظام توزيع الكهرباء هناك مشروع محطة الطاقة الشمسية بالغردقة بتمويل يعادل 107 ملايين دولار حوالي "11 مليار و214 ين ياباني" وهناك مشروع تطوير مطار برج العرب وهناك اتفاقيات أخري في مشروعات عديدة للبنية التحتية كما قدمنا قرض ب 310 ملايين دولار لانشاء الخط الرابع لمترو القاهرة. ** وماذا عن الاستثمار في محور تنمية قناة السويس؟ - هناك مستثمرون وشركات يابانية جادة في الاستثمار في محور تنمية قناة السويس ولكن هم في انتظار انشاء البنية التحتية للقناة من مرافق وطرق وأنفاق وذلك للبدء في مشروعاتهم علي الفور. ** ما رأيك في القرارات الاقتصادية الجديدة وتحرير سعر الصرف؟ - لا يمكن انكار ان الوضع حالياً أصبح أحسن من قبل وتحرير سعر الصرف ثم قرض الصندوق الدولي ب 12 مليار دولار لمصر يعني شهادة دولية ان الاقتصاد المصري يتعافي ويسير في الطريق الصحيح ومصر مؤهلة لجذب الاستثمارات. ** ماذا عن السياحة اليابانية وهل اليابانيون مهتمون بالعودة للسياحة في مصر؟ - مصر هي أحد المقاصد السياحية التي يتمني اليابانيون زيارتها وقد سجلت في عام 2010 أعلي معدل لها وهي 126 ألف سائح ولكن تناقص هذا العدد بشكل كبير بسبب الحوادث الارهابية ومع ذلك أستطيع أن أقول ان السياحة اليابانية لمصر تتعافي وتعود بقوة وابتداء من الغد 20 نوفمبر وحتي آخر شهر ابريل من العام القادم تبدأ خطوط شارتر بين طوكيووالقاهرة والأقصر في موسم سياحي سيكون الأفضل من نوعه منذ سنوات. ** تجيد اللغة العربية ولكن هل تري أن اللغة اليابانية صعبة علي المصريين؟ - هناك عدد كبير يدرسون اللغة اليابانية من المصريين والعرب.. وفي مسابقة الخطابة باللغة اليابانية والتي عُقدت مؤخراً في جامعة القاهرة سعدت بوجود عدد كبير من المصريين والطلبة العرب والأفارقة ينطقون اليابانية أحسن بكثير من لغتي العربية. ** هل التعاون المصري الياباني هو حكومي فقط أم ان هناك تعاوناً مع المؤسسات غير الحكومية والقطاع الخاص؟ - نتعاون مع المؤسسات غير الحكومية والجمعيات الخيرية جنباً إلي جنب مع الحكومة المصرية ومنذ عام 1994 وحتي الآن تم تنفيذ 160 مشروعاً بقيمة تقارب 8 ملايين دولار ذهبت جميعاً في برنامج "المنح اليابانية لأمن الانسان" والذي يذهب لتعزيز سلامة المجتمع المحلي وتمكين المرأة ومساعدة الطبقات غير القادرة والتدريب من أجل العمل وانشاء وحدات علاج وغيرها.