لعل التجسيد الفعلي لما يعانيه اتخاد الكتاب إنه انقسم إلي مجلسين للإدارة. أحدهما انتخبته الجمعية العمومية. ويعقد جلساته في مبني الاتحاد بالزمالك. والثاني اختير معظم أعضائه من قبل رئيس الاتحاد نتيجة تقديم من يسبقونهم في الترتيب الانتخابي استقالاتهم من المجلس. ويعقد جلساته في فرع الاتحاد بالقلعة. طبيعي أن يتبني كل طرف وجهة نظر. يدافع عنها. الطرف الأول يري في الحكم الاتحاد القضائي الذي صدر مؤخراً من محكمة قصر النيل بالتأكيد علي صحة الجمعية العمومية الطارئة التي عزلت رئيس الاتحاد. وتشكيل لجنة لتسيير الأعمال. إنهاء للمشكلة. وهذا ما سعي إليه هذا الطرف بإبقاء أبواب الاتحاد مفتوحة. وإقامة الأنشطة. والإعداد لأنشطة أخري مهمة خلال الفترة القادمة. بعد أن أزال حكم القضاء كل ما واجهه الاتحاد خلال الفترة الماضية من ارتباكات. أما الطرف الثاني. فهو يعلن اعتزازه بالأنشطة التي مارسها علي المستوي العربي والبروتوكولات التي عقدها مع الاتحادات العربية. الثقافة في مصر تحتاج كلها كما يقول الناقد شوقي بدر يوسف ثورة من ضمنها اتحاد الكتاب. الذي يفترض أنه قائم علي الحركة الثقافية. وهو نفسه يحتاج ثورة في داخله حتي يحسن من أوضاعه. وهكذا الأمر في الوزارة والمؤسسات الثقافية الأخري. كلها تحتاج تغييراً شاملاً.. والحق أن الجمعية العمومية دورها سلبي للغاية. فمن المفروض أن الاتحاد يؤدي خدمات حقيقية للأعضاء. لكن الصراع علي الكراسي هو ما نراه الان. الجمعية العمومية هي رئيس الاتحاد. ومن حقها السيطرة علي الأمور. لكن الشللية والتربيطات تخلق صراعات بينما المفروض أن نكون علي قلب رجل واحد. نريد اتحاداً قوياً يؤدي دوره لصالح أعضاء الجمعية العمومية. ويبدأ الناقد أحمد عبدالرازق أبو العلا حديثه بالقول: لا أمل!.. يضيف: لم يعد هناك أمل إلا الجمعية العمومية واجتماعها في مارس القادم. وهو الاجتماع الذي تم تعطيله عن عمد في الدورة السابقة. وكان من وجهة نظري سبباً رئيسياً في الأزمة. حيث سلبت سلطة رئاسة الاتحاد من الجمعية العمومية نفسها. فإنه إذا لم يتم انعقاد الجمعية العمومية في دورتها القادمة. فسيكون ذلك مخالفة للقانون مرتين. بحيث ينبغي اتخاذ الإجراءات القانونية. بعد تكرار خطأ العام الماضي. من خلال مجموعة تسيير الأعمال التي اختيرت في الجمعية العمومية الطارئة التي طعن فيها بالتزوير. وصدر الحكم مؤخراً لصالحها وأن انعقادها كان صحيحاً. وقراراتها سليمة. لابد من تفعيل قرار الجمعية العمومية. فتجري الانتخابات علي كراسي مجلس الإدارة. الثابت أن كل الإجراءات التي قام بها رئيس الاتحاد الحالي غير قانونية. في مقابل صحة الإجراءات التي اتخذتها الجمعية العمومية في اجتماعها غير العادي علينا جميعاً أن نحترم القانون. رجل رشيد وينفي الروائي أحمد محمد عبده عن نشاط الاتحاد أنه بلغ مرحلة التجمد بالكامل. ثمة أنشطة لا بأس بها مثل لقاء الشعر الذي تقيمه لجنة شعر الفصحي. وكانت فعالياته جيدة للغاية. وهو لقاء يتم كل أسبوع. إلي جانب بعض الأنشطة البسيطة. فضلاً عن أن الموظفين يتقاضون رواتبهم. والمعاشات تصرف علي فترات متقطعة. يضيف أحمد عبده: بصفة عامة فإن ما يحدث في اتحاد الكتاب مهزلة بكل المقاييس. إنه محصلة تصارع جبهتين في معركة عبثية. الجمعية العمومية هي الخاسر فيها. رغم سلبيتها الواضحة. أثق أن الجمعية العمومية تستطيع إنهاء المشكلة. لو أنها اجتمعت واتخذت قرارات ملزمة. لأنها صاحبة الشأن. أنا أدعو أطراف الصراع للتخلي عن مصالحهم ومطامحهم الشخصية. والتحلي بالمسئولية. وتنازل كل منهم عن العناد والخصومات القضائية. ولو اجتمع عدد من أعضاء الجمعية العمومية في جلسة ودية. فإنهم يستطيعون حل المشكلة عملاً بالقول: أليس فينا رجل رشيد؟. للأسف. فإني أجد هذا الوضع لاتحاد كتاب مصر مخزياً أمام كتاب الوطن العربي. ويذهب د.طلعت عبدالحميد إلي أن مشكلات مصر تنطلق من عدم فهم موقعنا في العالم. وأن ما يحدث خارجياً يؤثر داخلياً. وعلي سبيل المثال فمنذ عشر سنوات يقال لنا الشرق الأوسط الجديد. وكنا من وراء ذلك نتحدث في التفكيكية. ويبدو أن هذا المنهج قد تم تطبيقه سياسياً واقتصادياً. فمن الواضح أن الولاياتالمتحدة وإنجلترا تتبنيان خطة التفكيك التي يتم تطبيقها في قطر وآخر. ولكي يحدث ذلك فلابد من وجود عملاء. العملاء الفاعلين في الداخل مع المدبرين في الخارج. لابد من استخدام منهج البحث ونحن نحلل الظاهرة. لا نحللها مثل زمان. ولكن ضمن مقاربات العلاقة التبادلية. التفكيك الآن شمل كل شيء. الأسر. والجامعات. والنقابات. لا استثناء لاتحاد الكتاب. وهذا التشرذم في الاتحاد من قبل بعض المشتغلين بالثقافة. انعكس علي أعضائه. نتيجة للتكوين العلمي والذهني فإن الصورة لم تعد واضحة. نحن لا نري التشابكات البعيدة. وهو ما انعكس علي اتحاد الكتاب. يقول الكاتب الصحفي مصطفي عبدالله إنه لم يكن من المتصور في يوم من الأيام. أن يصل اتحاد كتاب مصر إلي مثل هذه الحالة التي هو عليها الآن. بحيث يصبح ضحية لتصارع مجموعة من أصحاب المصالح والمصالح المضادة. بما لا يمكن أن يصب في صالح أي مبدع من أعضاء هذا الاتحاد الأهم علي مستوي الوطن العربي. والمشكلة أن ما يحدث للجميع من صراعات وخلافات منذ ثورة 25 يناير حتي الآن. انعكس علي أداء الاتحاد. وأدي إلي ما أصبح فيه. بحيث صار مهدداً في وقت من الأوقات أن تفرض عليه الحراسة. مثلما حدث لبعض النقابات في ظروف سابقة.. لا أتصور أن اتحاد الكتاب يمكن أن يستمر علي هذا الوضع. بحيث يصبح علي خلاف مع وزارة الثقافة. ويفقد رصيده لدي الكثير من أعضائه. استبعاد المصلحة الشخصية والأهواء الخاصة هو السبيل الوحيد لإنقاذ هذا الكيان من عثرته الخطيرة. والبداية أن تخلص نياتنا في اختيار من يرشح بنية صادقة لخدمة هذا الكيان. ورفعة شأنه. بتجرد شديد. يخلو من أي هوي أو ادعاء أو زيف. فلا يجب أن يكون الاتحاد مسرحاً لتصفية حسابات. أو تمكن اتجاه بعينه من الساحة السياسية. ولا أقول الساحة الثقافية. بغير ذلك لا يمكن أن نتفاءل بمستقبل الاتحاد. أو نتصور إنه سيخرج من عثرته.