أحب أن ألفت نظر المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر إلي خبر أذاعته وكالة "رويترز من سان فرانسسكو بالولايات المتحدةالأمريكية يقول الآتي: ان الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية. كشف في تقرير له. عن أن إدارات الشرطة الأمريكية استخدمت بيانات تحديد المواقع ومعلومات أخري عن المستخدمين من "تويتر" و"فيس بوك" و"انستجرام" لتتبع المتظاهرين في مدينتي فيرجسون بولاية ميسوري. وبالتيمور بولاية ميريلاند. وأن شركة لبيع البيانات في شيكاغو اسمها شركة "جيوفيديا" هي التي زودت الشرطة بالبيانات واستخدمت برنامجها لمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي كأداة لمراقبة المتظاهرين. وللتذكرة. فإن مظاهرات فيرجسون وبالتيمور. كانت احتجاجا علي استخدام الشرطة الأمريكية العنف المفرط مع الأمريكيين السود من أصل أفريقي. وشارك في هذه المظاهرات مئات الأمريكيين من مختلف الانتماءات والأعمار. الخبر يقول في نهايته إن "فيس بوك" عاقبت "جيوفيديا" علي هذا الفعل بإغلاقها. لكنه يقول أيضا إن الأخيرة لم ترد بتأكيد ذلك أو نفيه. مدلول الخبر يقول بوضوح. إنه حتي في أكثر دول العالم ديمقراطية. لا توجد حرية مطلقة. وأن حقوق الإنسان. حين يلوح احتمال تصادمها مع متطلبات الأمن. حتي من وجهة نظر سلطات الأمن نفسها. فإن هذه السلطات لا تتردد في اتباع وسائل المراقبة والتتبع مع من تري أنهم يشكلون تهديدا محتملا للأمن. الذي تعتبر الحفاظ عليه مسئوليتها الرئيسية التي يحاسبها المجتمع ومؤسساته الدستورية ان هي فرطت فيها. يحدث هذا في أمريكا دون وجود قانون تظاهر مصري هناك يتهمه النشطاء بأنه يضيق علي المتظاهرين ويتعارض مع حرية التعبير التي يعتبر التظاهر والاحتجاج إحدي أدواتها. ويطالبون. بل ويضغطون صباح مساء من أجل ان يبادر البرلمان إلي تعديله. القضية. إذن. ليست دائما في القوانين. بل في الممارسات العملية. وليست دائما في القيود والإجراءات المعلنة والنصوص عليها. وإنما في القيود والإجراءات المنظورة. سيقولون: لكن هناك شفافية. وهناك محاسبة.. مؤسسات تكشف. مثل اتحاد الحريات المدنية. ومؤسسات تحاسب - بدليل معاقبة الشركة المتورطة وإغلاقها. لكن السؤال هو: هل منع ذلك وقوع الفعل نفسه؟! لم يحدث. الفعل وقع. وهو المراقبة.. والمعلومات عن المتظاهرين أو المحتجين أصبحت في حوزة الشرطة تعزز قدرتها علي ضبط من تري انه يستحق الضبط ممن شاركوا في هذه المظاهرات. ويمكن أن تستخدمها ضدهم في حالة مشاركتهم في أي احتجاجات قادمة. وبينما عوقبت شركة المعلومات المتورطة. بالإغلاق. لم يعاقب أحد الشرطة. وأغلب الظن أن أحدا لن يعاقبها. فهناك منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 العديد من الأحكام القضائية التي أصدرتها المحاكم الأمريكية تسمح للسلطات الأمنية بالمراقبة. والتتبع. والتنصت. سواء علي المواطنين أو الأجانب الزائرين والمقيمين.. إذا كانت هناك تهديدات محتملة للأمن. ولا تحدث المحاسبة إلا في حالة الانجراف بالسلطة. وسوء استخدامها. أو التوسع دون مبرر فيها. هذا مجرد مثال. في أمريكا الديمقراطية والتي تحاسب العالم كله علي حقوق الإنسان والحريات.. والتي تملك نظاما سياسيا راسخا ومستقرا وليس معرضا لأي تهديد داخلي أو خارجي. ولا تنازعه في شرعيته جماعة ضالة ولا هو موضع جدل إن كان جاء بثورة شعبية أم بانقلاب. ولا يحرض بعض المأجورين شعبه علي القيام بثورة جياع.