الحمد لله الذي أنعم علي بزيارة بيته الحرام ومكنني وأعانني علي أداء الركن الخامس من أركان الإسلام.. وهو الحج.. الحمد لله الذي اختارني مع كثيرين من عباده في كل أنحاء الدنيا لأذكره كثيراً واستغفره كثيراً في أيام معدودات فشعائر الحج شرعت لذكر الله قال عليه الصلاة والسلام: "إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله". * وكم ارجو من الله أن يتقبلها مني وممن وفقهم الله علي أدائها.. فالتوفيق للعمل الصالح من النعم الكبري التي ينعم الله بها علينا.. ولكنها لا تتم إلا بنعمة قبول هذا العمل. * الحمد لله حمداً كثيراً علي أنني عشت أياماً رائعة يتمني كل عباد الله من المسلمين أن يحياها ذقت فيها حلاوة الطاعة بالطواف حول الكعبة المشرفة والصلاة خلف المقام.. والشرب من ماء زمزم التي قال عنها رسولنا الكريم إنها خير ماء علي وجه الأرض فيه طعام الطعم وشفاء السقم.. فهي لما شربت له.. شربت وتضلعت منه.. واغتسلت بها لعلي امحو ما علق بي من أوزار واثام علقت بثوبي وجسدي طوال سنوات عمري.. وسعيت بين الصفا والمروة وهللت وكبرت.. ووقفت في عرفة وبت في مني والمزدلفة ورميت الجمرات وذبحت وحلقت ودعوت ورفعت كفي داعياً ربي معاهداً إياه ألا أعود إلي ذنب أبداً. * الحمد لله الذي سهل لي أموري في نسكي.. لقد جاهدت أن تكون مناسك حجي وفق الهدي النبوي الكريم فقد قال تعالي "إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم".. وقال رسوله الكريم "خذوا عني مناسككم". * عشت أياماً طهرت فيها لساني بذكر الله بالتلبيات.. وفاضت عيني بالدمعات.. وعاهدت نفسي أمام الله أن أسير علي طريق الطاعات علني أكون ممن تشملني رحمة ربي ويكون حجي مبروراً وذنبي مغفوراً واعود إلي أهلي كما ولدتني أمي.. فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. * تعلمت في مدرسة الحج ما لم اتعلمه خارجها.. ففي تلك المدرسة تعلمت كيف يكون الاجتماع علي الطاعة.. فقد رأيت نفوساً خاشعة وعيوناً دامعة وابتهالات من هذا وصدقات من ذاك.. وآخرين يرتلون القرآن ترتيلا.. وغيرهم ممن اثروا بي في هذا الاجتماع فدفعني ما شهدت إلي أن اتأسي بهم فذقت طعم الإيمان ولذة الاستقامة. * تعلمت ولمست أن الحياة قصيرة.. قصر الأيام المعدودات التي قضيتها في حضرة رسول الله بالمدينة المنورة بعد انتهائي من مناسك الركن الخامس.. وأيقنت أن البقاء في هذه الدنيا قصير وهو مبدأ تربي عليه الصحابة الكرام من رسولنا الكريم الذي قال لهم "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل". * اللهم وفقني أن يكون حجي بداية حياة جديدة وفرصة لمعاملة صادقة مع الله وان يحسن لي ما بقي من عمري وأن أحافظ علي طاعات الله ما بقيت وان استمر علي ترك المعاصي ما حييت.