تُراوح سارة كرم في مجموعتها القصصية "من قتل سعيد مسعود" بين القصة القصيرة والأقصوصة. وفي قصة "عابر علي الجميع" تعبر عن مشاعرها تجاه شيء ما مثل الموت الذي كثيراً ما تتوقف عنده. وتحكي ذكري أول مرة سمعت بالموت. وهي طفلة في الثامنة من عمرها مات جدها وأصابتها نوبة من الضحك. ففكرة الموت تلازمها كثيراً. وتتساءل في النهاية.. أيها السأم من ستترك لنا؟! ولا أدري لماذا اختارت هذا الاسم للموت رغم أننا لا نستخدمه كثيراً؟! وفي قصة "العملية" تتوقف سارة كرم عند إشكالية الموت مرة أخري. الموت اختياراً ثم قسراً عندما يتراجع البطل عن اختياره في آخر لحظة. لكن بعد فوات الميعاد. وفي قصة "الأرنب" تعود سارة كرم لإشكالية الموت ثانية حتي لو كان في صورة ذبح الأرنب الذي كانت تحبه. تأمرها الأم باستدراجه كي تذبحه فتشعر بأنها قد خانت صديقها فتحزن. وفي قصة "الواقعة الأخيرة في سيرة أبي ديك الهلالي" تطالعنا الجنازة المهيبة التي تخيلتها الفنانة للديك الأسطورة. حيث ساعدت أمها في ذبحه. ثم عرفت الأم السر في روحه الطويلة وكأنه بسبع أرواح. بأن هناك عرقاً سميكاً لم يقطع. فقامت بذبحه ثانية. نلاحظ في القصص الثلاث المتتالية. اشتراك الراوي البطل في إنهاء حياة "الأطفال الأرنب الديك" مع الندم علي ذلك. وكأن الموت مهما كان كرهنا له له مسوغاته التي لا مفر منها. وكما نقول: تعددت الأسباب والموت واحد. وفي قصة "من قتل سعيد مسعود" وهو العنوان الذي اختارته الكاتبة عنواناً للمجموعة. شاب صغير اسمه سعيد مسعود يحاول عن طريق النت الاستغاثة والاستعانة بآخرين لإنقاذ كلاب قريته التي يعذبهم فيها آخرون في بيت مهجور يقطعون ذيولهم وآذانهم. ثم يشاع عن طريق الصحف اغتيال سعيد مسعود بواسطة غاز الضحك. وسعيد يرسل رسالة لجمعية الرفق بالحيوان. بمعني إسقاط أن هناك جمعيات للرفق بالحيوان. ولا توجد جمعيات للرفق بالإنسان. ثم يقول خبراء الطب الشرعي: سعيد مات ميتة طبيعية في حادث. تعددت الأقاويل عن مقتله أو موته. لكن المؤكد أنه مات غماً من الضحك!.. كثيراً ما تحكي سارة وكأنها تتكلم مع شخص أو أشخاص آخرين. ثم نجد أنفسنا غارقين في قصتها. سارة تكتب القصة التي تعبر عن مشاعر بطل واحد غالباً في ضمير المتكلم: أنا. وأحياناً تقدم فكرة معينة تعتقدها. ثم تثبتها من خلال قصة محبوكة. وأحياناً تكتب قصة من أولها لآخرها. وتضع بصمتها الدائمة بأن هناك فكرة في البداية تحاول إثباتها كفكرة الموت وإشكاليته تشاركنا سارة اسرارها الصغيرة وحكاياتها البريئة وكأننا صحبة وثيقة الصلة فتبوح بقضائها ليلة ليلاء في طفولتها بعد مشاهدتها لمسلسل "الرجل الآخر" وانفعالها الشديد بما تراه في الأفلام والمسلسلات. وحكايتها عن صديقتيها. ويا لها من صاحبة ذاكرة فولاذية مفعمة بالدفء واللين في آن واحد. عندما أخبرتنا عن سر الحسنة التي في منتصف ذقنها. والحسنات التي في يدي صديقتها الصغيرة. ألم أقل لكم ان سارة كرم هي الصريحة المراوغة؟!