هناك ضيق شديد يصل إلي حد "الخنقة" لدي المواطنين الفقراء ومحدودي الدخل بسبب ارتفاع أسعار السلع والخدمات والذي جاء دفعة واحدة؟؟.. نعم ولا أحد يجادل أو يحاول تجميل الصورة. وهناك تربص من الكارهين لمصر علي اختلاف انتماءاتهم وايديولوجياتهم سواء من لهم أجندات خارجية أو محلية ويستغلون هذا الغلاء وذاك الغضب ويشتغلون عليهما بحملات ممنهجة؟؟.. نعم أيضا وكلنا نتابع وقد وصلوا بهذه الحملات إلي حد "الخناقة" السوقية علي مواقع التواصل الاجتماعي. لن أدافع عن الحكومة ولم اتعود الدفاع عن أي حكومة خاصة إذا كانت ظالمة سواء كان هذا الظلم ينطلق من عدم فهم بطبيعة المرحلة أو من عدم احساسها بالناس الغلابة أو من قلة حيلتها أو من ضعفها في مواجهة الحيتان فتستقوي علي الفقراء. قناعتي الشخصية.. أن رفع أسعار السلع لا دخل لأحد فيه لأن السوق مفتوحة والغلاء يضرب كل أرجاء قارات الدنيا وتحاول القوات المسلحة أن تحقق التوازن في هذا المجال.. وقناعتي أيضا أن رفع أسعار الخدمات أمر ضروري حيث ندفع الآن فاتورة مسكنات عقود لم ترتفع فيها هذه الخدمات إلا يسيرا لتخدير الناس ومنع ثورتهم والآن جاء وقت حساب علي القديم والجديد وشرب الدواء المر الاجباري.. وأعتبر ذلك شجاعة من الرئيس السيسي وأي تأخير فيه سيضاعف الفاتورة. لكني في ذات الوقت.. أعيب علي الحكومة - التي تملك سلطة التنفيذ وطرقه - ظلمها للطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل وعدم احساسها بهم وضعفها أمام الأثرياء وقلة حيلتها لايجاد بدائل تقرب كفتي الميزان.. ارتفاع السعر وما يدفعه المواطن. سأضرب مثلا واحدا لضيق المساحة.. الكهرباء.. فهناك قرار منذ سنتين بزيادتها ولابد أن تزيد لكن كيف تزيد؟؟.. هذه هي القضية.. كنت أتمني اعفاء الشرائح الأولي وحتي 200 كيلو من أي زيادة أو زيادتها بنسبة ضئيلة جدا مع مضاعفة أسعار الشرائح التي تتلوها. تعالوا نحسبها عمليا.. شريحة 50 كيلو مثلا تعني أن المستهلك ليس لديه في بيته سوي لمبة أو اثنتين ولا يملك أي أجهزة كهربائية أخري.. ومن ثم.. انسان مثل هذا كيف ترفع سعر شريحته بهذا الشكل؟؟.. وقس علي ذلك الشريحتين الأخريين من 50 إلي 100 ومن صفر إلي 200 اللتين يملك مستهلكوهما أجهزة عادية ومحدودة مثل ثلاجة وتليفزيون. إذا اعفينا الشرائح الثلاث أو زدناها بقروش قليلة وضاعفنا الزيادة علي باقي الشرائح فسيكون ما يتم تحصيله مساويا لحصيلة النظام الذي أعلن عنه مؤخرا.. ولكن نكون قد ارحنا الغلابة.. فمن يملك تكييفات وسخانات مياه وغسالات أطباق ومكانس كهربائية وحواسب آلية وريسيفرات وغير ذلك من الأجهزة - بارك الله له فيها - يكون حتما ميسورا ولن تؤثر فيه الزيادة. هذا في الكهرباء فقط.. ويمكن تطبيق نفس النظرية علي المياه والغاز وغير ذلك.. ومن ثم نكون قد أرحنا قطاعا عريضا من الناس. المشكلة أن الكثيرين - سواء من معهم حق أو من ليس معهم حق - لا يريدون اية زيادة ويعتبرون أسعار الأمس البعيد حقا مكتسبا لا يجوز تحريكها وهذا محال.. وبالطبع تخرج علي الفور فرق "الهدم" لشعللة الدنيا. أقول للرافضين أي زيادة: تعالوا نوقف الزيادات ولكن هل ستتحملون التوابع؟؟.. عدم زيادة أسعار الكهرباء مثلا سيترتب عليه وقف المشروعات الجديدة وبالتالي لن يكون من حقكم معاتبة الدولة علي انقطاع النور بالساعات وأكثر من مرة في اليوم مثلما كان يحدث في أيام الإخوان السوداء.. هل ستتحملون ذلك أم تريدون كهرباء 24 ساعة وبدون زيادة في السعر؟؟.. طيب إزاي؟؟.. كهرباء متواصلة يعني محطات توليد جديدة ومحطات تخرج للصيانة ثم تعود وكابلات تتغير وغاز وسولار بالأسعار العالمية وغير ذلك كثير.. فمن اين سيتم تدبير تكلفة كل هذا..؟؟ في نفس الوقت.. أطالب الحكومة باتباع سياسة تقشفية واضحة وان تطبقها علي نفسها أولا.. يعني بلاش قول سيارات لكل وزير ومحافظ.. وبلاش مستشارين يخربون بمرتباتهم أغني دول العالم وبلاش بدلات اللجان "الفنكوشية" التي تعقد "عمال علي بطال" وتستنزف الميزانية.. وبلاش توفروا دولارات لمستوردي السلع الاستفزازية من ياميش وأكل كلاب وقطط وفوانيس وسجاجيد صلاة وعباءات و"ميك آب".. فهناك بشر انتم مسئولون عنهم مازالوا يأكلون من القمامة. واطالب الحكومة ببدائل لسد العجز في الموازنة مثل زيادة رسوم تراخيص السيارات والبناء وجوازات السفر وقسائم الزواج والطلاق ورفع القضايا مع فرض غرامات باهظة علي مخالفات المرور وعلي سوء استخدام المياه في غسل السيارات وري الحدائق الخاصة.. والقائمة طويلة. الخنقة ستستمر والخناقة ستتصاعد طالما الحكومة تسير علي نفس النمط ولا تأتي بحلول عملية تعالج بها أخطاء الماضي وتراعي البعد الاجتماعي وتفوت الفرصة علي المتربصين بالبلد والشعب.