فرحة عارمة وسعادة بالغة سيطرت علي أجواء قرية البقلية والقري المجاورة لها بمركز المنصورة بعد عودة ابنائها الخمسة المختطفين علي يد بعض العصابات الليبية من أجل دفع فدية قدرها ستة آلاف دولار عن كل فرد. تضامن ابناء القرية مع أهالي المختطفين وأجلوا الاحتفال بعيد الفطر لحين عودة المختطفين الذين تم استقبالهم بالأمس وسط فرحة عارمة شارك فيها الآلاف من أمام الطريق السريع حتي منازلهم داخل القرية. خلال مشاركة "المساء" أفراح الأهالي أكد العائدون وأسرهم علي ضرورة تقديم الشكر للقيادة السياسية المتمثلة في الرئيس السيسي ووزارة الخارجية ورجال المخابرات المصرية الذين لعبوا الدور الأساسي في عودة المختطفين سالمين إلي أسرهم ودون أي مقابل حتي منازلهم. السيد رمضان محمود فرحات 35 سنة مبلط سيراميك متزوج ويعول ثلاثة أبناء يشير إلي أنه بدأ السفر إلي ليبيا منذ عام 2002 وكان يعمل هناك بشكل منتظم ويعود في إجازات سنوية دون أدني مشكلة وقد سافر في يناير الماضي مع مجموعة من أبناء قريته البقلية مركز المنصورة إلي ليبيا واستقر هناك بمنطقة قرقارش بطرابلس وفي الأول من يوليو الجاري قرروا العودة إلي مصر للاحتفال مع أسرهم بعيد الفطر المبارك وبعد أربع ساعات وهم في طريق العودة خرج عليهم أربعة مسلحين استوقفوا سيارتهم وقالوا إنهم يتبعون تنظيم "داعش" وطلبوا منا جميعا تسليم جميع متعلقاتنا وأموالنا والتليفونات وقاموا بتوجيه السباب والشتائم والتعدي بالضرب علينا جميعا تحت تهديد السلاح وبعد فترة قاموا بتسليمنا إلي أربعة أفراد آخرين موزعين علي سيارتين وطلبوا منا وضع رؤوسنا في أرجلنا كي لا ننظر إلي ما يدور حولنا وبعد حوالي نصف ساعة وصلنا إلي غرفة اشبه بالسجن وعندها طلبوا منا الاتصال بأهالينا لإبلاغهم بتجهيز فدية قدرها ستة آلاف دولار و"20" ألف دينار ليبي ومن خلال التفاوض تم تخفيض المبلغ إلي خمسة آلاف دولار وبالفعل تذكرت رقم والدي وابلغته بما حدث وطلبت منه تجهيز الأموال لكل واحد منا تمهيدا لإيداعها في أحد مكاتب تحويل العملة حسب تعليماتهم وبعد ذلك استمر الخاطفون في مسلسل السب والشتائم وكانوا ينادون علي بعضهم البعض باسم احمد المصري وحسين السوداني واكرم وحمزة الليبيين وبعد سبعة أيام في صباح السبت الماضي علمنا بأننا سوف ننتقل إلي مكان آخر وأن هناك بوادر لحل الأزمة وبالفعل تم تسليمنا إلي المخابرات الليبية عن طريق ضابط يدعي "جمال" قام هو الاخر بتسليمنا إلي المخابرات المصرية التي قامت بتسفيرنا من هناك إلي طبرق ثم السلوم حتي العودة إلي منزلنا بقرية البقلية وأنا لا أصدق نفسي لأنني بكل حق عدت من رحلة الموت إلي الحياة من جديد. يقول عمه الحاج كارم محمود فرحات: حينما تلقيت من السيد اتصالا بما حدث له وزملائه في ليبيا قمت علي الفور بابلاغ الرئاسة ووزارتي الخارجية والداخلية إضافة إلي محمد عقل والسيد حجازي نائبي الدائرة وبدأت الخارجية في التواصل المستمر معنا وابلاغهم بكل ما يرد إلينا من مكالمات وخلافه حتي علمنا باهتمام الرئيس السيسي شخصيا بهذا الأمر وتواصلت جهود الخارجية والمخابرات المصرية بكثافة شديدة حتي وصل إلينا خبر تحريرهم وقمت بابلاغ الخارجية بعد ذلك ولم نطمئن حتي تمت إذاعة الخبر عبر التليفزيون. تقول زوجته داليا عوض الله تلقيت أول اتصال من زوجي وكاد قلبي ينخلع من بين ضلوعي حينما علمت بخبر اختطافه وعلي الفور قمت بابلاغ عمي وجدي وقمنا بعد ذلك بطرق كافة الأبواب وتجميع الأموال من الاقارب والجيران حتي نتمكن من فك أسر زوجي وعودته سالما إلي اسرته وأحمد الله كثيرا أنه قد عاد إلينا سالما وسط ذهولنا جميعا لاننا لم نكن نصدق انفسنا حينما شاهدناه وعاد إلينا بالسلامة. تقول ابنته منه الله بالصف السادس الابتدائي إن دموعها لم تجف وكل ما كانت تفعله إنها تطلب من جدها وأقاربها سرعة تجميع الأموال من أجل عودة والدها سالما إلي احضانها. صالح جابر يونس أحد أبناء البقلية المفرج عنهم 39 سنة مبلط سيراميك متزوج ويعول ثلاثة أبناء بدأ السفر إلي ليبيا منذ "15" عاما واخر مرة سافر فيها في يناير الماضي وأشار إلي أنه حينما تم اختطافه مع زملائه لم يكن يتذكر تليفونات اسرته فعاش أياما سيئة لا يدري شيئا عن اسرته ولا عن أحوالها وكل ما يتذكره خلال هذه المدة أنه نال قدرا كبيرا من التعذيب حتي تلقي ضربة شديدة بشومة خشب أدت إلي اصابته بجرح في منتصف رأسه في ظل ايام طويلة في الصيام لا يذوق الاكل ولا الشرب الا كل 24 ساعة يتم توزيع زجاجة واحدة فقط من المياه للمجموعة كاملة ويشير إلي أنه قد اقترح الاتصال ببعض معارفهم في ليبيا لتجميع 120 ألف دينار ليبي علي اعتبار أن إجازة العيد ربما تمنع تحويل المبالغ من مصر إلي ليبيا ولكن الله وفق المخابرات المصرية مع الليبية في رصد هواتف العصابة التي تم التفاوض معهم وقاموا بتسليمنا دون أي مقابل وفور وصولنا إلي الأراضي المصرية سجدنا شكرا لله علي الارض. وتقول ليلي طه زوجته علمنا عن طريق أهالي زملاء زوجي وكم كانت مصيبتنا عظيمة لعدم قدرتنا علي التواصل معه ومعرفة أخباره ولكن همنا الاعظم كان الاقتراض وتجميع الاموال حتي نتمكن من ارسالها بسرعة ضمانا لسلامته. السيد الشحات عبدالحميد 27 سنة مبلط سيراميك وشقيقه أحمد كانا ضمن المختطفين يقول السيد إنني وشقيقي كنا نبكي بشدة بسبب ان مصيبتنا مضاعفة وأنه لا قدر الله لو حدث لنا مكروه سوف تكون الكارثة كبيرة وعلي الرغم أننا كنا نتوسل للخاطفين بأن يتركونا لحالنا إلا أن فظاظة قلبهم وسوء طباعهم لم يكن يخلو من الوعيد والتهديد بالقتل حال الامتناع عن دفع الفدية والشيء الذي كان يبث الطمأنينة في نفوسنا هو وقوف أهل القرية علي قلب رجل واحد واسراعهم في تجميع الفدية المطلوبة ولكن الله لطف بنا وتحملنا العذاب والضرب والصعق بالكهرباء إلي أن لطف الله بنا ونجانا من موت محقق بفضله تعالي. يقول سامح صبري السعيد عم الشقيقين إنه قد تحمل الكثير من المعاناة من خلال تهديدات العصابة ومطالبتهم بسرعة تسديد المبالغ إلي أحد دور تحويلات العملة ثم يترددون ويطلبون مهلة جديدة لوضعها علي احد الطرق السريعة بطرابلس وفي النهاية نجحوا في بث الفزع والرعب في نفسي حينما اعلنوا بأنهم سوف يقطعون أرجلهم وايديهم إذا لم نبادر بسرعة التسديد وقد كتمت ذلك واحتفظت به لنفسي حتي أتي الله بفرج من عنده. يقول عبدالرازق علي الصاوي أمين الفلاحين بقرية البقلية إن القرية تعتبر من القري الفقيرة التي يعيش ابناؤها علي اراضي الاوقاف التي قامت بفرض ضرائب كبيرة علي الاهالي الامر الذي يدفع الاهالي إلي المخاطرة بتسفير أبنائهم إلي الدول العربية حتي يتمكنوا من سداد الربح المضاعف الذي تفرضه عليهم هيئة الاوقاف ومن خلال "المساء" نرفع صوتنا إلي الرئيس السيسي بضرورة فحص هذا الامر للتيسير علي أهالي قرية البقلية والقري المجاورة.