للدراما التليفزيونية تأثير قوي وملموس علي المجتمع ذلك لأن كل الأفراد في الأسرة الواحدة يشاهدون المسلسلات والأعمال الدرامية التي تعرض علي الشاشة الصغيرة.. وقد أثبتت الدراسات الأكاديمية ومراكز البحوث ضخامة التأثير الذي تتركه الأعمال الدرامية علي عقول المشاهدين.. عشرات القنوات المصرية والعربية تبث الأعمال الدرامية لكي يشاهدها عشرات الملايين.. ومنذ بدأ البث التليفزيوني في أمريكا إبان الأربعينيات من القرن الماضي والدراسات لم تتوقف حول تأثير الدراما علي عقول المشاهدين وأمزجتهم. وقد انتبهت بلدان عديدة ومنها بعض مراكز البحوث الاجتماعية هنا في مصر إلي التأثير الذي أحدثته مسلسلات بعينها سلباً وإيجاباً وبالذات تلك التي حققت نسبة مشاهدة عالية. ومن ثم تحولت الدراما التليفزيونية إلي أداة من أدوات التأثير وتوجيه الرأي العام.. وفي السطور التالية جولة سريعة في بعض الدراسات العربية والأمريكية التي تناولت هذا التأثير.. *** في صحيفة الاتحاد.. كتب خورشيد حرفوش بتاريخ 13 سبتمبر 2010 ضمن ما كتبه في هذا الموضوع. .. وبعيداً عن نوعيات الأعمال الدرامية ومضامينها وأهدافها ونوعياتها أو حتي نجاحها وفشلها علي الصعيد الجماهيري فإن كثيراً من أصوات النخبة العربية المعنية تعالت ورفعت شعارات التنبيه والتحذير من مخاطر ما تطرحه كثير من هذه الأعمال وطالبت بترشيح "وفلترة" كثير منها حتي لا تتعارض مع جدران منظومتي الأخلاق والقيم. فإن البعض منها قد نوه إلي الآثار السلبية التي تحملها زحمة الأعمال الدرامية علي صعيد الأسرة وترابطها وتماسكها بل تعالت أصوات المتخصصين الذين سارعوا إلي إثبات وجود علاقة سلبية مباشرة ما بين ما تطرحه كثير من الأعمال الدرامية مما تتعرض له الأسرة من مشاكل وأزمات تصيبها بالتصدع والانهيار. وقد تباينت الآراء ما بين مؤيد ومعارض حول تأثير الدراما التليفزيونية علي مفهوم وحقيقة الترابط الأسري والتواصل بين أفراد الأسرة الواحدة وسلوك الشباب والأطفال واتجاهاتهم ونظرتهم إلي الحياة وعلاقاتهم الأسرية وانعكاسها أيضاً علي سلوكياتهم اليومية. ويقول إبراهيم الأحمد مدير تليفزيون أبوظبي في نفس الموضوع: يمثل الإنتاج الدرامي قطاعاً مهماً من الإنتاج الإعلامي الذي يهتم به قطاع عريض من فئات المجتمع لاسيما الشباب الذي تتعدد دوافعه لمشاهدة ومتابعة الدراما من حيث الترفيه والتعلم واكتساب المعرفة والتفاعل مع الآخرين وفهم قضايا اجتماعية والتعرف علي أنماط اجتماعية جديدة إلي جانب عنصري الترفيه والتسلية بطبيعة الحال. ووسط هذا الزخم الهائل من الإنتاج ربما نجد خللاً. إذ تعرض نماذج ساخرة من الشخصيات الإنسانية وتقدم أشكالاً وقيماً سلبية أو جديدة لأفراد الأسرة الواحدة. وتري بالتالي أن كل طرف يذهب في اتجاه مختلف أو تتباين الاتجاهات أو عدم الاتفاق حول المضمون أو المحتوي. وبالتالي قد يسبب هذا الاختلاف شروخاً فكرية وثقافية بين أبناء الأسرة الواحدة والمشكلة أن كثيراً من الجمهور يجهل ثقافة الاختلاف أو أن البعض من الشباب يتبني كثيراً من الأفكار والقيم الخاطئة ويعتبرها منهجاً له في الحياة. وفي رسالة الدكتوراة قدمت الباحثة عزة عبدالعظيم محمد "قسم الإذاعة والتليفزيون كلية الإعلام جامعة القاهرة 2000" دراسة تحليلية علي عينة قوامها ستة مسلسلات وخمس سهرات درامية تدور حول العلاقة الأسرية وأذيعت علي القناة الأولي في الفترة من نوفمبر 1997 وحتي يونيه 1998 كما اعتمدت الباحثة في الدراسة الميدانية علي عينة قوامها 400 شخص من سكان أحياء القاهرة الكبري وكانت من أهم نتائجها: أن نموذج الزوجة رب المنزل والأم التي تبقي لرعاية أبنائها وأسرتها هو الأكثر تكراراً في المسلسلات والسهرات الدرامية كما ثبت أن دوافع خروج الزوجة للعمل تتفق مع الواقع الفعلي وتتمثل في أنه حقها الطبيعي في ممارسة العمل ومساندة الأسرة مادياً. وأشارت نتائج تحليل المضمون أن نسبة 48.8% من الأسرة التليفزيونية كانت تعيش في أحياء حضرية راقية. ويبدو أن اهتمام مناقشة الموضوعات التي تهم سكان هذه المناطق إلا أن ذلك لا يعكس الواقع الفعلي وأشارت نتائج تحليل المضمون أن معظم الأسرة التليفزيونية تعيش في مستوي اقتصادي مرتفع حصرياً يمثل اتجاها عاما في الدراما التلفيزيونية إلا أن ذلك يخالف تقرير التنمية الشاملة وإحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وأشارت النتائج إلي أن هناك أربعة عوامل أو دوافع أساسية لمشاهدة الدراما التليفزيونية وهي مواقع التعليم واكتساب المعرفة ودافع التعود والاستمتاع ودافع الارتياح ودافع التفاعل. وفي دراسات تتناول تأثير الدراما التليفزيونية علي المجتمع عبر تأثيرها علي مزاج الناس وقدرتها علي التأثير بطرق غير مباشرة ويري المخرج السينمائي السوري المعروف أن التأثير بين الدراما والجمهور متبادل فكلما نال العمل الدرامي شهرة أوسع وكلما كان أقوي كان تأثيره أقوي بالتالي ولكن والكلام للمخرج لا شيء يغير المجتمع إلا المجتمع نفسه ويؤكد أن أحداث الواقع دفعت الناس إلي البحث عن أجوبة لأسئلة كثيرة وفتشت عنها في الأعمال الدرامية ولكن من أسف الدراما لا يمكنها أن تجيب علي كل الأسئلة. وحول هذا السؤال القديم المتجدد: هل للتليفزيون تأثير سلبي علي المجتمع الذي كان محوراً لحلقة نقاش في احد مراكز البحوث الأمريكية أجاب 62% من الذين شاركوا في الاستفتاء الذي نظمه المركز بالإيجاب بينما أجاب بالنفي نسبة 38%.