عندما صدرت احدي الصحف الخاصة. غداة يوم الاحتفال بحصاد قمح الفرافرة. بمانشيت يتصدر صفحتها الأولي يقول: "يا قمح مين يشتريك"؟. ظننت - وبعض الظن إثم. ان هذه محاولة للتشويش علي إنجاز أسعد كل المصريين. وفتح له بابا من أبواب كثيرة تنتظرهم للأمل في المستقبل. لكن تتابع الأخبار والتحقيقات الصحفية بعد ذلك في كل الصحف. قومية وحزبية وخاصة. اثبت وجود أزمة متعددة الأبعاد في توريد محصول القمح من المزارعين للدولة. وأنها أزمة حقيقية. الدولة شجعت المزارعين علي زراعة القمح فزرعوه. وحفزتهم علي توريد المحصول واستلام ثمنه فور تسليمه فجهزوه.. ولكن.. تبين. من جانب المزارعين. ان البعض يخلط القمح المحلي الذي يستعد لتوريده. بأقماح مستوردة. وتبين. من جانب الدولة. أنها لم تكن مستعدة الاستعداد الكافي لاستلام المحصول من الموردين لأنه ليس لديها العدد اللازم من شون وصوامع التخزين. وأنها ايضا ليست جاهزة بالأموال اللازمة للوفاء بما وعدت به الموردين وهو: سلم المحصول تتسلم الثمن. وجاء قرار رئيس الوزراء في اجتماع وزاري. بتشكيل غرفة عمليات لإدارة العملية ومتابعتها يوما بيوم. ليؤكد وجود الأزمة. ويطرح محاولة لحلها. لكنها محاولة متأخرة. تؤكد أن الآفتين الرئيسيتين اللتين يحاربهما الرئيس السيسي في المشروعات القومية الكبري. وهما البيروقراطية والفساد. وتحدث عنهما في احتفال الفرافرة تعششان في دهاليز الحكومة والجهاز الإداري للدولة. وتسيطران علي أدائهما. ان الحكومة هي التي شجعت. وهي التي وعدت. وموعد الحصاد ليس مفاجأة. كما ان لديها بالتأكيد تقديرات بحجم المحصول. والكميات المتوقع توريدها من المزارعين. والتمويل اللازم لتغطية ثمنها. والمفترض إذا كنا نعمل بعقلية الحاضر. وليس بعقلية الماضي. وندعو كل مواطن في موقعه إلي ذلك. أن تكون الحكومة مستعدة بالموظفين وبوسائل النقل. وبأماكن الاستلام والتخزين الصحي السليم. وبالأموال وتسهيلات الدفع الفوري للموردين. إن غرفة العمليات التي تشكلت في مركز المعلومات بمجلس الوزارء لإدارة هذه الأزمة ومتابعتها. كان مفروضا أن تتشكل قبل موعد حصاد القمح اصلا. لكي تطمئن علي أن كل الاستعدادات جاهزة لاستقبال المحصول وعلي سهولة وسيولة كل إجراءات التسليم والتسلم والتخزين بما يضمن عدم حدوث أزمة أصلا. هذا هو الفكر الجديد الذي يجب أن تتبناه الحكومة. وهو المنهج الطبيعي لأي حكومة في أي دولة تواجه تحديات هائلة في كل الجهات. وتريد أن تنهض وتحقق أهدافها في أقصر زمن. وبأقل تكلفة. وبأعلي جودة.. وأهم من ذلك كله.. بدون أزمات. وهذا يتطلب أداء استباقيا يهزم البيروقراطية. ويقهر الفساد. ويتطلب مصداقية في التعامل مع الشعب. فمن يتابع تصريحات وزيري الزراعة والتموين قبل الحصاد عن استعدادات الوزارتين لاستقبال المحصول والموردين. يتصور أن كل شيء تمام.. ثم يتضح عند التنفيذ انه "لا شيء تمام". واننا لم نتغير.. لا في الفكر. ولا في السلوك. ولا في الأداء. ولا في التعامل مع الرأي العام. واننا فوق ذلك نشوه أي انجاز ينجح في الافلات من حصار البيروقراطية والفساد. مثل انجاز المليون ونصف المليون فدان. وقمح الفرافرة.