يخطئ من يعتقد أن القضاء علي تنظيم داعش في سوريا. من شأنه أن يضع حدا للحرب الأهلية الدائرة هناك منذ 5 سنوات. وأودت بحياة مئات الآلاف. وشردت الملايين من منازلهم. داخل البلاد وخارجها. الحقيقة أن مختلف الأطراف المسلحة في سوريا تخوض سباقا للاستيلاء علي أكبر قدر ممكن من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش. في محاولة لتحصين مواقعها تحسبا لأي مشروع فيدرالي محتمل. وفي هذا الصدد. يقول الخبير في الشئون السورية في جامعة أدنبرة البريطانية توماس بييريه. إن الأطراف الثلاثة. وهي قوات النظام والمقاتلون الأكراد والفصائل المسلحة المعارضة. تخوض سباقا للحصول علي الحصة الأكبر من الكعكة. ليس فقط علي حساب تنظيم داعش. وإنما أيضا وبشكل غير مباشر علي حساب الأطراف الأخري. في وسط سوريا. تمكنت قوات النظام بدعم جوي روسي قبل نحو أسبوعين من طرد مسلحو داعش من مدينة تدمر الأثرية ومن مدينة القريتين التي تبعد أكثر من مئة كيلومتر عنها. وتمكنت الفصائل المقاتلة والمعارضة في محافظة حلب شمالا. وبدعم تركي ومن طائرات التحالف الدولي بقيادة أمريكية. من السيطرة علي نحو عشرين قرية وبلدة كان تنظيم داعش استولي عليها قبل عامين. وبينها قبل يومين بلدة الراعي التي تضم نقطة عبور رئيسية للجهاديين من تركيا وإليها. وفي شمال شرق البلاد. تتقدم قوات سوريا الديمقراطية التي تضم فصائل كردية وعربية نحو محافظة دير الزور النفطية التي تشكل كذلك هدفا لقوات النظام. أما في محافظة درعا الجنوبية. فقد تمكن مقاتلو جبهة النصرة -ذراع تنظيم القاعدة في سوريا- وحركة أحرار الشام الاسلامية من انتزاع ثلاث قري من ايدي مقاتلي تنظيم داعش في اليومين الأخيرين. ويري بييريه إن النظام السوري عند سيطرته علي تدمر. كان يخطط لاستثمار ذلك علي الصعيد الدبلوماسي في المفاوضات مع الفصائل. كما يري بيريه أيضا أن الفصائل بدورها تسعي. من خلال تقدمها علي طول الحدود التركية. ليس لإبعاد تهديد داعش فقط. وإنما أيضا لمنع الأكراد بشكل خاص من التقدم في المنطقة. وكذلك لخلق عمق استراتيجي لها في مواجهة الأكراد أنفسهم والنظام السوري. ويقول بييريه إنه حتي اللحظة لا تزال الكعكة كبيرة بما يكفي حتي يجد كل طرف حصته. لكن المراحل المقبلة ستصبح اكثر تعقيدا. موضحا أنه في شرق حلب ثمة مناطق هامة بالنسبة إلي النظام السوري والأكراد والفصائل في آن معا. وإذا كانت المناطق تحت سيطرة داعش مغرية. باعتبار أنها تضم أبرز الحقول النفطية والغاز والزراعات المزدهرة والقطن. وتقدر مساحتها بنحو أربعين في المئة من مساحة سوريا. فمن الممكن جدا أن تضع النظام السوري والفصائل في مواجهة مباشرة من أجل السيطرة عليها.