أداء الخدمة العسكرية شرف كبير لأي مواطن.. لأن هذه المؤسسة العظيمة "المؤسسة العسكرية" تستطيع خلال فترة التجنيد سواء طالت أم قصرت زرع الانتماء وحب الوطن في نفوس المجندين والذين يستطيعون بعد ذلك في الحياة المدنية مواجهة كل المواقف الحياتية الصعبة في كل زمان ومكان. كما أن وجود المجندين في وقت واحد وفي مكان واحد وبزي واحد ليدافعوا عن وطن واحد يزرع في نفوسهم قيماً كثيرة أقلها التضحية والانتماء.. والصورة الذهنية عن عدم وجود زميل لهم لأداء الخدمة العسكرية هي افتقاده اشتراطات مطلوبة وضرورية وليس لأنه أفضل منهم أو أغني منهم. أقول ذلك بمناسبة المقترح الذي قدمه النائب البرلماني اللواء بدوي عبداللطيف وهو إعفاء القادرين من أداء الخدمة العسكرية مقابل دفع مبلغ 50 ألف جنيه علي أن توضع هذه المبالغ في صندوق خاص تشرف عليه القوات المسلحة يخصص للصرف علي استصلاح 10 ملايين فدان حتي لا تتحمل الدولة أي أعباء علي أن يتم منح أبناء الفلاحين والطبقة الوسطي مساحة من 5 إلي 10 أفدنة. بالطبع إن النائب والذي ينتمي لحزب الوفد هدفه نبيل جداً وهو إيجاد وسائل دعم من خلال طرق غير تقليدية لاستصلاح الأراضي الصحراوية.. والتي تحتاج لدراسات واستعدادات خاصة لتوفير مياه الري اللازمة كما تم في مشروع المليون ونصف المليون فدان والذي أعلن عنها الرئيس مؤخراً. لكن يبدو أن النائب الدقهلاوي نظر إلي المقترح من وجهة نظره الشخصية البحتة وتجاهل تماماً تأثير إعفاء القادرين من أداء الخدمة العسكرية علي الانتماء وحب الوطن والتضحية من أجله. نائب ميت غمر غاب عنه أن ذلك المقترح يدخل تحت باب التمييز الذي ترفضه كل الديانات.. وتحاربه كل دساتير الدول المحترمة وأولهم الدستور المصري.. كما أن هذا المقترح يضرب وفي مقتل كل مبادئ الثورات المصرية في العصر الحديث بدءاً من ثورة 1952 ومروراً بثورة 25 يناير وانتهاء بثورة 30 يونيه والتي قامت من أجل إقرار العدالة الاجتماعية.. والمقترح ينسف هذه العدالة ويطرحها أرضاً. مقترح النائب تهديد صريح للأمن القومي. لأنه يعطي فرصة للأعداء لاستغلال النعرات الطائفية.. كما يعمل علي تسهيل مهمة المتربصين في صيد العملاء.. والدليل علي ذلك لو قرأنا جيداً قصص الجواسيس نجد أن معظمهم لم ينل شرف أداء الخدمة العسكرية وبالتالي افتقدوا عنصر الانتماء فكانوا صيداً سهلاً. المقترح خطر كبير علي الأمن الاجتماعي. لأنه سوف يقسم المصريين إلي سادة وعبيد وبالتالي سوف تكثر حالات السرقة والسلب والنهب من أجل جمع الخمسين ألف جنيه لدفعها والتباهي بتقليد الأغنياء أو للانتقام منهم باختصار شديد.. سوف يعود بنا هذا المقترح لو تم تطبيقه إلي أجواء مصر الملكية. بسرعة: اقتراح إلغاء مادة الدين في المدارس واستبدالها بمادة القيم.. لا يستحق عناء التفكير فيه.